وزير الكهرباء يوجه برفع درجة الاستعداد لتأمين الشبكة وضمان استقرار التغذية    وزير خارجية إيران لعبد العاطي: جيشنا سيرد بحزم على عدوان إسرائيل    روسيا تسيطر على 3 بلدات وتكشف خسائر الجيش الأوكراني في أسبوع    الترجي يمني النفس بتمثيل مشرف في مونديال الأندية    أبو العينين: الأهلي لو طلب عيني أدهاله    منطقة المنيا الأزهرية تعلن أسماء أوائل المكفوفين في الشهادة الابتدائية    برنامج تدريبى عن مبادئ وأساسيات الإتيكيت المهنى للعاملين بالمتحف الكبير    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 13-6-2025 فى الإسماعيلية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    أنقذه مخرج الطوارئ.. الناجى الوحيد من طائرة الهند: رأيت الناس تموت أمام عيني    ترامب والمونديال.. دعوة رسمية لحضور النهائي وغموض حول حضوره مباراة الأهلي    أسلحة ومطاردة مثيرة.. تفاصيل محاولة اعتداء على رئيس مدينة بلبيس خلال حملة إزالة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    "كل يوم بروح نادي".. محمد شريف يكشف حقيقة اتفاقه مع زد    وزير الصناعة والنقل :ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة من أوناش ( STS ) المخصصة لمحطة الحاويات " تحيا مصر 1"    السيطرة على حريق محل داخل مول فى مدينة 6 أكتوبر    أطلق عليه عيار ناري على المقهى.. أمن القليوبية يكثف جهوده لضبط قاتل شخص ببنها    طقس غد السبت 14 يونيو 2025 شديد الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 37 درجة    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    فيديو كشف الواقعة.. ماذا فعل سائق «نقل» على الطريق بالشرقية؟    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    عرض أولى حلقات مسلسل فات الميعاد اليوم على watch it وغدًا على DMC    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    "happy birthday" يحقق إنجازًا مصريًا ويحصد 3 جوائز من مهرجان تريبيكا    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    بث مباشر| شعائر صلاة الجمعة من مسجد «الجامع الأزهر الشريف»    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    رئيس البيت الفني للمسرح يفتتح أولى ليالي «الفندق» بأوبرا ملك.. صور    ماهر الكنزاري: الترجي لا يخشى شيئا في كأس العالم للأندية    قطار الموت يدهس شابين بقنا.. أحلام "ولاد العم" انتهت في لحظة    مطلوب في ليفربول.. باريس سان جيرمان يغلق باب الرحيل أمام باركولا    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    طريقة عمل كباب الحلة بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    رسالة سلام من الباليه الوطني الروسي للعالم بالأوبرا    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    محمد شكري يكشف حقيقة الانتقال للأهلي بعد مونديال الأندية    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    عملية شعب كالأسد.. الجيش الإسرائيلي ينفذ هجوما استباقيا لضرب المشروع النووي الإيراني    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب: زعيمة النساء فى إسبانيا

أسأل دائما عن الحركة النسائية فى أى بلد أسافر اليه، ألتقى بكثير من النساء، الزعيمات المخضرمات أو الشابات الجديدات، نتبادل الخبرات، ننظم معا مؤتمرات دولية أو إقليمية، من أجمل ما رأيت من المدن هى «برشلونة»، تجمع بين سحر الشرق والغرب، بين الفن الإسبانى والعربى، أكثر المدن تحررا فى إسبانيا ربما فى أوروبا كلها، هى عاصمة كاتالانيا أكثر المقاطعات الإسبانية ازدهاراً وتقدماً، أقربها إلى فرنسا، تجمع إيجابيات النهضة الأوروبية والثورات ضد الكنيسة، تخلصت من ديكتاتورية فرانكو وقادت الشعب الإسبانى إلى حرية لم أشهد مثلها فى أوروبا أو أمريكا،
دهشت منذ عشر سنوات وأكثر حين رأيت رواياتى وكتبى باللغة الكاتالانية فى المكتبات العامة والجامعات، أصبحت أستاذة فى جامعة برشلونة عام 2002، أدرس الإبداع والتمرد، حصلت على أكبر جائزة أدبية قدمها لى رئيس كاتالانيا فى حفل كبير عام 2003، يسمونها «بريمى إنترناسيونال كاتالونيا» حصل عليها العالم الفيلسوف الفرنسى «كلود ليفى شتراوس» عام 2005، حصلت عليها الكاتبة البريطانية «دوريس ليسينج» عام 1999، حصل عليها الكاتب والرئيس التشيكى «فاكلاف هافيل» فى 1995، الفيلسوف البريطانى الشهير «كارل بوبر» حصل عليها عام 1989، أول عام للجائزة التى أصبحت اليوم من أهم الجوائز الدولية الفكرية والأدبية، يسمونها نوبل الفكرية، أغلب من حصلوا عليها نالوا جائزة نوبل للأدب.
منذ عشر سنوات فى «مدريد»، سألت عن زعيمة الحركة النسائية فى إسبانيا، قالوا إنها الأستاذة «ليديا فالكون» المحامية وأول امرأة فى أوروبا تنشئ وترأس حزباً نسائياً. دعتنى ليديا فالكون إلى بيتها فى برشلونة، تزيد أهمية برشلونة عن مدريد العاصمة، من حيث الثقافة والفكر والاقتصاد والسياسة، أغلب المثقفين والفنانين يفضلون الحياة فى برشلونة، شواطئها الساحرة على البحر الأبيض المتوسط، أجمل من شواطئ الريفيريا التى يتغنى بها من لم يروا برشلونة.
إحدى رواياتى عنوانها «الرواية» كتبتها فى بيت يطل على شاطئ برشلونة، وتمثال كولومباس مطل على البحر مشيرا بإصبعه إلى الجنوب، وليس إلى أمريكا التى اكتشفها فى الشمال، ربما أراد أن يكتشف الجنوب أيضاً أو يعيد اكتشافه، منحنى اتحاد الكتاب فى برشلونة هذا البيت لأكتب فيه روايتى، دارت أحداثها ما بين القاهرة وبرشلونة، كتبتها بالعربية صدرت عن روايات الهلال بالقاهرة عام 2004، وترجمت إلى الكاتالانية قبل الإسبانية وقبل الإنجليزية وغيرها من اللغات،
ربما شعرت أن برشلونة هى وطنى الثانى، واللغة الكاتالانية هى لغتى الثانية، أفهمها بالإشارات والأصوات والإيماءات، كما أفهم الموسيقى والرقص الكاتالونى، الفلامينكو، أرقص الفلامينكو فى برشلونة كأنما هى رقصتى الجنينية، تعلمتها فى بطن أمى قبل أن أولد، وهى رقصة أصلها عربى تم تطويرها لتصبح من أجمل رقصات العالم.
أصبحت ليديا فالكون صديقتى منذ اللقاء الأول، شقتها بسيطة تشبه شقتى فى القاهرة، كانت تجلس فى الصالة، ساقها ممدودة أمامها داخل جبيرة من الجبس، حادث بسيط شفيت منه سريعا، تبدو فى الستين وأكثر، تتفجر حيوية رغم انكسار عظمة ساقها اليمنى، والحزن فى عينيها رغم الابتسامة المشرقة، إلى جوارها بعض الشابات من عضوات حزبها النسائى، تحظى برعايتهن كالأم الروحية والقائدة الفكرية، بعضهن يعد لها طعامها، بعضهن ينظف الشقة، واحدة تناولها الدواء وكوب ماء، واحدة تتابع بريدها على شاشة الكمبيوتر، مشهد مفعم بالحب والحنان والتقدير، لم أشهد مثله فى بيوت العائلات البيولوجية الكبيرة أو الصغيرة.
ضحكت ليديا بعد أن فهمت النظرة فى عينيى: كلهن بناتى وحفيداتى، هذا هو حزبنا النسائى، يربط السياسة بكل شىء فى الحياة، ليس مثل الأحزاب الذكورية التى تدور فى فلك نظرى لا يرتبط بحياتنا داخل البيوت، ربما تندهشين لأنى ألتقى بك فى بيتى وليس مكتبى فى الحزب، لكنى كما ترين أعانى شرخا فى ساقى، وأعانى أيضا شرخا فى قلبى، اليوم طلبت من زوجى مغادرة البيت، عشت معه واحداً وأربعين عاما، نناضل معا ضد النظام الرأسمالى الذكورى داخل إسبانيا وفى العالم كله، كنت أعطيه لقب «الرجل الوحيد الفيمينيست فى الكون»، سرنا معا فى مظاهرات، تعرضنا معا لضربات، ثم اكتشفت بالأمس فقط.
كانت تحدثنى باللغة الإنجليزية، صوتها انشرخ فجأة وسكتت، البنات من حولها واجمات جامدات توقفن عن الحركة.
قلت وقلبى يدق، أنتظر حدثا جللا أو كارثة: اكتشفت ماذا يا ليديا؟
خرج اسمها ليديا من بين شفتى (دون لقب أستاذة) كأنما أخاطب واحدة من صديقات الطفولة.
استعاد صوتها قوته ولمعت عيونها بالبريق دون أن تبتل: اكتشفت أنه يخوننى مع البنات من عضوات الحزب النسائى الذى أنشأته، دون أن أدرى كان يصطاد من مكتبى البنات، ثقتى به كانت عمياء، حتى الأمس فى المساء، اكتشفته بالصدفة العشواء، واضطر إلى الاعتراف، عشيقته الأخيرة تصغره بسبعة وأربعين عاما، فى الخامسة والعشرين من عمرها، فتاة فقيرة، تتطلع إلى المجد دون جهد، تصطاد العجائز الأثرياء البلهاء.
سألتها: هل الثقة فى الآخرين غشاوة على العقل والقلب؟
قالت: كنت أيضا مشغولة بمستقبلى وأعمالى، لم يكن زوجى كل حياتى، كنت أحبه، وأحترمه، كل منا له شخصية مستقلة.
قلت : وماذا عن خيانات النساء يا ليديا؟
الطبيعة ذكورية أو أنثوية متغيرة على الدوام، لا توجد طبيعة بشرية بل توجد دوافع لسلوك معين.
قالت: كنت بؤرة الاهتمام، كانوا يقولون عنه زوج ليديا فالكون، هذه الفتاة اللعوب فهمت عقدته، صنعت منه الإله، البطل، الذكر، ترقد تحت قدميه مثل الجارية، تناديه سى السيد، فينتشى وتنتفخ أوداجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.