مصر فى الشارع

فى شارع مجلس الشعب فى تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا وأثناء انهماك المعتصمين فى الاعتصام والمحتجين فى الاحتجاج إذا بصرخات نسائية تخترق الهتافات.. فتساءل أحد المعتصمين: إيه الصوات ده يا جماعة؟ إحنا قلنا هتاف من غير ما حد يرقع بالصوت!
معتصم آخر: ده مش من عندنا، ده شكله جاى من الرصيف التانى.
فيذهب بعض من المعتصمين إلى الرصيف الآخر ويصلون إلى الرصيف الآخر فيجدون هرجاً ومرجاً: خير يا جماعة؟ الصوات ده عندكم؟
- آه دى زميلة معانا بتولد. وتأتى إحدى المعتصمات فيسألونها بلهفة: - هاه.. إيه الأخبار؟
المعتصمة: دى على وشك لازم دكتور أو ننقلها القصر العينى.
- وهينفع ننقلها؟
معتصم ثان: مش هينفع طب حد يشوف دكتور عند اعتصامات الأطباء.
معتصم ثالث: أنا هاروح أشوف.. همّا واقفين فين؟
رابع: عند مبنى النقابة.. قبلينا بكام رصيف.. بس بسرعة وحياتك.
خامس: هو جوزها فين؟ مش لازم يبقى معاها فى الظروف دى؟
سادس: جوزها هتلاقيه بعدنا بشارعين واقف فى طابور مستودع الأنابيب، بس غالبا هيرفض ييجى هنا ويروح عليه مكانه هناك!
- طب فين أبوها.. أخوها.. أو عمها حتى؟
- أبوها واقف فى طابور العيش بقاله شهر، وأخوها واقف فى اعتصام العمالة المؤقتة بقاله تلات أيام.. وعمها يا عينى قعد يلف بالتاكسى بتاعه على بنزين تمانين وفى الآخر اختفى لا حس ولا خبر.
ثم تأتى سيدة أخرى من المعتصمات وهى تصيح: يا جماعة عايزين ملاية.. حد يشوفلنا ملاية.. ما ينفعش الست تولد عالأسفلت كده!
المعتصم الثانى: يا جماعة حد يروح للمعتصمين بتوع النسيج أكيد هنلاقى معاهم ملايات.
ثم تأتى سيدة أخرى يبدو عليها اللهفة والاستعجال: ميه سخنة.. عايزين ميه سخنة بسرعة!
المعتصم الرابع: أنا هاروح للمعتصمين بتوع أمونسيتو، دول بقالهم مدة فى المنطقة وأكيد عندهم ميه سخنة وشاى والذى منه.
السيدة: وشوف برضه لو لقيت عندهم بطانية.. الأرض ناشفة قوى والولية مش عارفة «تحزق»! ثم تأتى سيدة أخرى مهرولة: يا جماعة عايزين قطن ومحلول مطهر.
المعتصم الثالث: همّا مش الصيادلة معتصمين قريب من هنا؟ ثم يظهر فى الأفق المعتصم الأول وهو يصطحب فى يده الطبيب.. وما أن يصلا إلى الجمع حتى تجذب السيدة الطبيب من يده وتقوده إلى حيث ترقد الأم: الحقنا بسرعة يا دكتور دول باينهم توأم! ويقترب من الحشد شاب من معتصمى 6 أبريل ويحاول استغلال الوقت فى إقناع المعتصمين بأن يكون لهم جروب على «الفيس بوك».. ثم تسود فترة صمت بين المعتصمين لا يخترقها سوى صرخات الأم وأصوات حث السيدات لها على أن «تاخد نفس» ثم «تحزق» وبعد دقائق عصيبة تعالت أصوات المولودين وتلتها زغاريد النساء.. فتهللت أسارير المعتصمين وبدأوا يباركون لبعضهم البعض.. ثم سأل أحدهم إحدى السيدات التى أتت لتبشرهم بنجاح الولادة: خير؟ واد ولاّ بت؟
السيدة: ولدين! ويا عينى قاعدة تعيط وبتقول هتصرف على توأم منين!
المعتصم الأول: يا جماعة إحنا لازم نحتفل بالحدث السعيد ده.. همّا مش بتوع السيرك معتصمين قريب من هنا؟
المعتصم الثانى: على رأيك.. أنا هاروح أتفق معاهم ييجوا يعملوا لنا ليلة هنا.. بس مفيش عندنا موغات.. همّا العطارين مش معتصمين فى حتة هنا ولاّ هنا؟
المعتصم الأول: لأ لسه.. بس اصبر يمكن يحصلونا على السبوع.