لطلاب الثانوية 2025.. كل ما تريد معرفته عن برنامج الترجمة بتنسيق الجامعات    كواليس اجتماع قطاع الأسنان ب"الأعلى للجامعات" وطلب التحقيق مع نقيب الإسكندرية    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض البيض والدواجن والذهب    أول تعليق من وزيرة البيئة بعد قبول استقالتها.. رسالة خاصة للرئيس    محافظ سوهاج: توريد 183 ألف طن أقماح بشون وصوامع المحافظة حتى الآن    محافظة الغربية تواصل العمل المكثف بطريق الشين – قطور    زعيم دروز سوريا يرفض دخول وفد حكومي برفقة قافلة المساعدات للسويداء    السيسي لقائد القيادة المركزية الأمريكية: نهر النيل قضية أمن قومي لمصر    أول ظهور لإمام عاشور بعد أزمته الأخيرة مع فتوح (صورة)    "ثنائي جماهيري وثالث استثماري" .. سيف زاهر يكشف تفاصيل صفقة محمد إسماعيل لاعب زد    طليق هدير عبدالرازق يتهمها باقتحام فيلته وسرقة محتوياتها.. ويرفق فيديو بالبلاغ    بعد حبسه سنتين.. تطور قضائي عاجل بشأن "شهاب من الجمعية"    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    الثلاثاء.. بانوراما فنية ل أيامنا الحلوة في "صيف الأوبرا 2025" على المسرح المكشوف    قصور الثقافة تطلق مشروعا لاكتشاف المواهب بالتعاون مع سليم سحاب    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    تقرير: لويس دياز يقترب من بايرن مقابل 75 مليون يورو    ريال مدريد يصدم فينيسيوس.. تجميد المفاوضات    كامل الوزير يتفقد 3 مصانع متخصصة في الصناعات الغذائية والمعدنية ومواد البناء بالعبور    اليوم آخر موعد لتنازلات مرشحي «الشيوخ».. وبدء الدعاية الانتخابية    مصر ترحب بالتوقيع على إعلان المبادئ بين الكونغو وحركة 23 مارس    ضبط مسجل خطر بحوزته كميات من "الآيس" خلال حملة أمنية بمركز الفيوم    مصرع عجوز سقطت من شرفة الطابق الثامن بالإسكندرية.. وأسرتها تكشف السبب    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    "الأمير النائم" يرحل في صمت.. تفاصيل القصة التي هزت القلوب| فيديو    كوريا الجنوبية: مصرع 14 شخصا وفقدان 12 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة    في ذكرى رحيله.. أبرز محطات حياة القارئ محمود علي البنا    دارين حداد: «فحيح» استحوذت على قلبي.. ورفضت قراءة أي سيناريو آخر بسببها| خاص    الجريدة الرسمية تنشر قرار إبعاد سوري الجنسية خارج البلاد    أيمن الجميل : خطط الإصلاح الاقتصادى توفر مناخا مثاليا للاستثمار الآمن فى مصر وتعزز زيادة الإنتاج والصادرات    مدرب فرانكفورت يلمح لرحيل إيكيتيكي ويستشهد بعمر مرموش    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR»    أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.. «الغرف التجارية» توضح    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع الخدمات المقدمة للمواطنين ضمن «100يوم صحة»    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    «الداخلية»: ضبط 293 قضية مخدرات وتنفيذ 72 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    وزير الري يتابع إجراءات اختيار قادة الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    أوكرانيا: ارتفاع قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى مليون و41 ألفا    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    اسكتلندا تحث رئيس الوزراء البريطاني على التعاون لإنقاذ أطفال غزة    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    كريم رمزي يفتح النار على أحمد فتوح بعد أزمة الساحل الشمالي    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «مينفعش تعايره».. مجدي عبدالغني يهاجم الأهلي ويدافع عن الاتحاد الفلسطيني بشأن أزمة وسام أبوعلي    سعر السمك البلطى والمرجان والجمبرى بالأسواق اليوم الأحد 20 يوليو 2025    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سامى عبدالعزيز يكتب الأخطاء التسويقية لدُعاة التغيير
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 04 - 2010

ترددت كثيراً فى تقديم تصور موضوعى وتقييم علمى لموضوع رغبة البعض فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وما أعقب ذلك من تحركات له داخلياً وخارجياً للتسويق لهذه الخطوة، أو لنقل لفرضها على أرض الواقع.. ومصدر ترددى هو الخشية من أن يتم تفسير هذا التحليل العلمى فى ضوء انتمائى الحزبى الذى أعتز به وأتشرف بالانتماء إليه..
غير أننى وجدت أن ما سأطرحه هو فى نهاية الأمر تحليل علمى، والرد على العلم لا يكون إلا بمثله، والرد على الأساليب الموضوعية لا يكون إلا بمثلها، والانتماء الحزبى ليس متعارضاً مع الموضوعية البحثية، بل إنه يؤدى أحياناً إلى المبالغة فى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالموضوعية والمؤدية إليها درءاً لسوء الظن، وتجنباً للاتهام بالذاتية.
وقد تتبعت خلال الأشهر القليلة الماضية تقريباً كل ما كُتب أو أذيع حول نية البعض الترشح لمنصب الرئيس.. وقد تتبعتها ليس كقارئ يريد أن يتابع أولاً بأول تفاصيل هذا الموضوع، وليس كحزبى فى إطار مراقبة البيئة التنافسية، والوقوف على الرسائل المضادة لبحث كيفية الرد عليها أو مواجهتها، وإنما تتبعت هذه الأخبار والتحركات كباحث وكمتخصص فى مجال الإعلام والاتصال والتسويق، فى إطار دراسة علمية موسعة أعكف عليها منذ عدة سنوات، حول استراتيجيات وأساليب التسويق الاجتماعى والسياسى فى الدول الغربية والعربية، ولذلك كان تتبعى منهجياً، وكان تحليلى لها تحليلاً يستند إلى قواعد التخصص، وينبنى على ركائز البحث العلمى، وكان تحليلى لها مجرداً من أى نزعة حزبية أو ميل سياسى.
وقد يكون من اللازم اللازب هنا - على حد تعبير أستاذنا العقاد - أن نشير إلى أن هذا التحليل لا ينصب على شخصيات أولئك الذين أعلنوا رغبتهم فى الترشح، ولا يحاول إسقاط أى شىء عليها، ولكن التحليل ينصب على الإجراءات والأساليب التى يقومون بها فى إطار هذا الموضوع، وهى لا شك من الممكن اعتبارها نموذجاً لكيفية معالجتهم كثيراً من القضايا اللاحقة، ونموذجاً يعكس طريقة لعبهم سياسياً، وهى مسألة مهمة لتحليل شخصية المرشح السياسى، أياً كان المنصب الذى يحاول الترشح عليه.
وبصفة عامة، تشير الخلاصة العامة لهذا التحليل إلى أن هناك أخطاء عشرة رئيسية، من الناحية التسويقية والاتصالية، قد وقع فيها أولئك الذين أعلنوا نيتهم فى الترشح.
أول هذه الأخطاء هو «التسويق دون وجود السلعة أو الخدمة»، فالمتحدثون عن التغيير يبيعون سلعة غير موجودة لديهم، ولئن سألت أحدهم عن ماهية التغيير، واتجاهه، كان الرد السريع: «نريد تغييراً وحسب».. وكأن التغيير أصبح غاية فى حد ذاته، وليس مهماً أن يكون التغيير إلى الأفضل أو إلى الأسوأ.. المهم أن نغير أياً كانت النتائج، وأياً كانت الضريبة التى سندفعها، قبول التغيير معناه وجود برنامج واضح، وخريطة طريق دقيقة.. وتسويق التغيير لابد أن تصاحبه سلع أو خدمات محددة يتم الترويج لها والتركيز عليها، أما التسويق للأفكار المجردة دون ربطها بالواقع الملموس فقد أشارت نتائج الدراسات العلمية إلى فشله.
وثانى هذه الأخطاء هو أن يتنصل البائع أو المسوّق من أى التزام، تماماً مثلما كنا نقول فى الماضى إن البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، فقد سئل أحد من لديهم النية للترشح عن برنامجه فقال: «الشعب هو صاحب البرنامج، والشعب هو المسؤول إن أراد»، وهكذا.. ولا يخفى على أحد مدى الاستخفاف فى هذا الرد، فمادام الشعب هو صاحب البرنامج فلا حاجة به إلى رئيس، فلينفذ الشعب برنامجه بنفسه إذن، الشعب الذى يتحدثون عنه هو صاحب مصلحة، وهو متلقى الخدمة، وعلى من يرد أن يحظى بثقته أن يقدم له برنامجه بوضوح، ويختار الشعب المرشح صاحب البرنامج الأفضل، أما أن يتم نسبة البرنامج إلى الشعب فهو يعنى التنصل مسبقاً من أى نتيجة مترتبة على تطبيق هذا البرنامج «هذه بضاعتكم رُدت إليكم»، وامتداداً لهذا المعنى أقول أين الرؤى المتكاملة لهذه الشخصيات؟ وأين السياسات التى تتعامل مع الواقع والتحديات بحلول حقيقية.
وثالث هذه الأخطاء هو اتباع أسلوب «الشريك البائع»، فأصحاب النية فى الترشح يزكى كل منهم الآخر، ويعلن عن نيته فى التنازل لصاحبه لأنه «قيمة وقامة»، ويبرز كل منهم مزايا الآخر، وهذا الأسلوب معروف فى عالم التسويق كأسلوب للضحك على «الزبون»، خاصة إذا كانت البضاعة أو الخدمة المعروضة للبيع غير ذات جودة، أو بالأحرى رديئة، وفى مجال المنافسة يصبح استخدام هذا النوع من الأساليب إقراراً ضمنياً وصريحاً بأن كل طرف غير جدير بالترشح.. وأن كل طرف يريد أن يبيع ويسوق صفة «التضحية» وحب المصلحة العامة، رغم أن السبب الحقيقى هو أن السلعة «راكدة».
ورابع هذه الأخطاء هو إضفاء صفة الحصانة والمنعة على أصحاب نوايا الترشح، فإذا كان من الممكن أن تنتقد «الصحابة والتابعين»، وتصبح فى هذه الحالة «تنويرياً»، فإنه من الصعب أن تنتقد أصحاب هذه النوايا وإلا أصبحت رجعياً وخائناً.. الأفكار التى «لا يجوز الاقتراب منها أو التصوير» لا يُقبل عليها البشر لارتباطها بأشياء لا يحبونها.. وبقدر قربك من الناس، وبقدر كونك «واحداً منهم» يقبل عليك الآخرون.. أما فرض الحصانة المطلقة على الأفراد فهو بداية الخسران.
وخامس هذه الأخطاء هو الاستعلاء على الجمهور، وتوجيه اللوم إليه.. فإذا لم يستغل الشعب هذه الفرصة الذهبية، ويضغط على المسؤولين فعليه الانتظار خمسين سنة أخرى.. على الشعب أن يوقع على بياض لى.. على الشعب أن يجمع توقيعات.. على الشعب أن يفعل كذا وكذا.. وإلا فسوف أنسحب ولن أعطى له شرف أن أرشح نفسى رئيساً.. لا يمكن تسويق فكرة التغيير بهذا المنطق.. وما هكذا تُورد الإبل، كما يقول المثل العربى.
وسادس هذه الأخطاء هو قصور اللغة المستخدمة، وعدم مناسبتها للجمهور المستهدف.. أحد المرشحين يستخدم لغة أقرب إلى اللغة الصينية بالنسبة للجمهور المصرى، سواء من حيث التراكيب، أو من حيث الإيقاع.. هو يفكر بالإنجليزية ويتحدث بالعربية.. تماماً مثلما نقول بالإنجليزية I drink cigarettes فى الإشارة إلى أننا نشرب السجاير بالعربية.. اللغة التى يستخدمها هؤلاء المرشحون إما أنها لغة «مقعرة» لا يفهمها سواهم، ولا يفك رموزها غيرهم.. أو أنها لغة تخاطب شعباً آخر، وذوقاً لغوياً مختلفاً لا يوجد لدينا من يتذوقه.
وسابع هذه الأخطاء هو استخدام الوسيلة الخطأ فى الوصول إلى الجمهور العام.. إذ يركز هؤلاء المرشحون ويتبارون فى استخدام التكنولوجيا الحديثة، ظناً منهم أنه ما دامت هذه الوسائل قد نجحت فى الولايات المتحدة على سبيل المثال فى الانتخابات الأخيرة، فسوف تكرر نجاحها فى مصر.. بغض النظر عن اختلاف بنية المجتمع، وخصائص الأفراد.. لذلك حق عليهم وصف البعض لهم بأنهم مرشحو «العوالم الافتراضية».
ثامن هذه الأخطاء هو التركيز على فكرة «التعاطف مع الخاسر» Underdog Effect فى الإشارة إلى أن الأفراد أحياناً يتعاطفون مع الفريق الخاسر أو الضعيف نكاية فى المنتصر، ورغبة فى التقليل من شأنه.. غير أن الدراسات العلمية تشير، كذلك، إلى أن هذا التأثير هو تأثير مؤقت، وأن الناس تميل فى الغالب إلى فكرة «اللحاق بالفائز» والتوحد مع الأغلبية Bandwagon.
تاسع هذه الأخطاء هو الإفراط فى استخدام الكليشيهات المحفوظة أو غير ذات الدلالة، أو المستوردة بحيث لا تتناسب أو تتوافق مع معطيات المجتمع المصرى.. فشعار «التغيير»: «نعم نحن نستطيع» الذى طبقه أوباما فى حملته كان يركز على أبعاد وجوانب أخرى لا تنطبق على الحالة المصرية.. وإلا كان الأولى أن نستعير شعار حملة بيل كلينتون «إنه الاقتصاد يا غبى» باعتباره يركز على أبعاد حياتية محددة للمواطن.. والتركيز على فكرة التغيير على ما أشرنا فى بداية المقال دون تحديد ماهية هذا التغيير وآلياته يجعل هذا الاستخدام خالياً من أى معنى.
عاشراً وأخيراً، شخصنة المواقف والأحداث، وإضفاء طابع شخصى على كثير من جوانب هذه العملية.. صحيح أن هذا الاتجاه يقرب الحدث من الجمهور، ويجعله متابعاً ل«المباراة»، ولكن هذا الأسلوب يتسبب فى تسطيح القضايا المثارة، وتفريغها من مضامينها الحقيقية، وهو ما أشارت دراسات علمية كثيرة إلى خطورته.
وما أود الإشارة إليه، نتيجة لهذا التحليل، هو أن أصحاب النوايا بوقوعهم فى هذه الأخطاء وغيرها، يجعلوننا لا نأخذ إعلانهم بالجدية الكافية، ويجعلوننا نشك فى نواياهم الحقيقية، إذ ليس معقولاً أن يتم التخطيط لهذه المعارك الكبرى بهذه الأساليب والممارسات غير الاحترافية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.