رسمياً.. فتح باب التقديم للكليات العسكرية 2025 (شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة)    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 20-7-2025 بعد الانخفاض الآخير ب25 جنيهًا    القاهرة تدعو إلى تطوير الأسواق المالية المحلية لدعم جهود التنمية فى إفريقيا    أسعار الخضروات والفواكه بشمال سيناء اليوم الأحد الموافق 20 يوليو 2025    إسرائيل.. 2000 درزي يعلنون نيتهم للانضمام إلى القتال في سوريا    صحة غزة: ضحايا المساعدات لا يزالون تحت الأنقاض    وزيرخارجية أمريكا: يتوجب على دمشق محاسبة أي شخص مذنب بارتكاب الفظائع في السويداء    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد في المدارس والجامعات وقرارات وزارة التربية والتعليم للمناهج    طقس حار رطب بشمال سيناء    ألمانيا: قرار ترامب بمواصلة دعم كييف جاء بفضل «ميرتس»    في الساعات ال24 الأخيرة: 136 شهيدا في حرب الإبادة والتجويع المتواصلة على قطاع غزة    "وول ستريت جورنال": بيسينت يحاول إقناع ترامب بعدم إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي    مصدر يكشف لمصراوي التفاصيل المالية لانتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس الأمريكي    استقالة الرئيس التنفيذي لشركة أسترونومر بعد جدل فيديو حفل كولدبلاي    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    لمواجهة الإعصار "ويفا".. الصين تصدر إنذارًا باللون الأصفر    ترامب يقترح إلغاء عطلة مجلس الشيوخ الأمريكى فى أغسطس    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    في حفل سيدي حنيش.. عمرو دياب يشعل المسرح ب"بابا"    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    العلاقات المصرية الإفريقية.. رؤية استراتيجية متجددة    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    «حماة الوطن» بأشمون يناقش تعزيز دور الشباب في العمل الحزبي    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    مصرع 3 أطفال غرقا داخل حوض مياه بمزرعة بصحراوى البحيرة    حالة الطقس اليوم الأحد في مصر.. «الأرصاد» تحذر من الشبورة وأمطار خفيفة على هذه المناطق    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    ذهب وساعات وملايين.. محاكمة المتهمين في قضية رشوة وزارة الري الجديدة| اليوم    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران    ضبط 3 وقائع في أقل من 48 ساعة.. الداخلية تتحرك سريعًا لحماية الشارع    هيئة الطرق والكباري ترد على شائعة توقف العمل بكوبري الميمون ببني سويف    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة براتب 8 آلاف جنيه | تفاصيل    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    هل يؤثر إضافة السكر الطبيعي على كوكاكولا؟ رد رسمي على تصريحات ترامب    شائعة بين المراهقين وتسبب تلف في الكلى.. أخطر أضرار مشروبات الطاقة    ب"فستان جريء".. أحدث جلسة تصوير ل جوري بكر والجمهور يغازلها    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    قرار عاجل من "القومي للطفولة" بشأن طفل العسلية في المحلة    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخطاء التسويقية لدُعاة التغيير
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 04 - 2010

ترددت كثيراً فى تقديم تصور موضوعى وتقييم علمى لموضوع رغبة البعض فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وما أعقب ذلك من تحركات له داخلياً وخارجياً للتسويق لهذه الخطوة، أو لنقل لفرضها على أرض الواقع.. ومصدر ترددى هو الخشية من أن يتم تفسير هذا التحليل العلمى فى ضوء انتمائى الحزبى الذى أعتز به وأتشرف بالانتماء إليه.. غير أننى وجدت أن ما سأطرحه هو فى نهاية الأمر تحليل علمى، والرد على العلم لا يكون إلا بمثله، والرد على الأساليب الموضوعية لا يكون إلا بمثلها، والانتماء الحزبى ليس متعارضاً مع الموضوعية البحثية، بل إنه يؤدى أحياناً إلى المبالغة فى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالموضوعية والمؤدية إليها درءاً لسوء الظن، وتجنباً للاتهام بالذاتية.
وقد تتبعت خلال الأشهر القليلة الماضية تقريباً كل ما كُتب أو أذيع حول نية البعض الترشح لمنصب الرئيس.. وقد تتبعتها ليس كقارئ يريد أن يتابع أولاً بأول تفاصيل هذا الموضوع، وليس كحزبى فى إطار مراقبة البيئة التنافسية، والوقوف على الرسائل المضادة لبحث كيفية الرد عليها أو مواجهتها، وإنما تتبعت هذه الأخبار والتحركات كباحث وكمتخصص فى مجال الإعلام والاتصال والتسويق، فى إطار دراسة علمية موسعة أعكف عليها منذ عدة سنوات، حول استراتيجيات وأساليب التسويق الاجتماعى والسياسى فى الدول الغربية والعربية، ولذلك كان تتبعى منهجياً، وكان تحليلى لها تحليلاً يستند إلى قواعد التخصص، وينبنى على ركائز البحث العلمى، وكان تحليلى لها مجرداً من أى نزعة حزبية أو ميل سياسى.
وقد يكون من اللازم اللازب هنا - على حد تعبير أستاذنا العقاد - أن نشير إلى أن هذا التحليل لا ينصب على شخصيات أولئك الذين أعلنوا رغبتهم فى الترشح، ولا يحاول إسقاط أى شىء عليها، ولكن التحليل ينصب على الإجراءات والأساليب التى يقومون بها فى إطار هذا الموضوع، وهى لا شك من الممكن اعتبارها نموذجاً لكيفية معالجتهم كثيراً من القضايا اللاحقة، ونموذجاً يعكس طريقة لعبهم سياسياً، وهى مسألة مهمة لتحليل شخصية المرشح السياسى، أياً كان المنصب الذى يحاول الترشح عليه.
وبصفة عامة، تشير الخلاصة العامة لهذا التحليل إلى أن هناك أخطاء عشرة رئيسية، من الناحية التسويقية والاتصالية، قد وقع فيها أولئك الذين أعلنوا نيتهم فى الترشح.
أول هذه الأخطاء هو «التسويق دون وجود السلعة أو الخدمة»، فالمتحدثون عن التغيير يبيعون سلعة غير موجودة لديهم، ولئن سألت أحدهم عن ماهية التغيير، واتجاهه، كان الرد السريع: «نريد تغييراً وحسب».. وكأن التغيير أصبح غاية فى حد ذاته، وليس مهماً أن يكون التغيير إلى الأفضل أو إلى الأسوأ.. المهم أن نغير أياً كانت النتائج، وأياً كانت الضريبة التى سندفعها، قبول التغيير معناه وجود برنامج واضح، وخريطة طريق دقيقة.. وتسويق التغيير لابد أن تصاحبه سلع أو خدمات محددة يتم الترويج لها والتركيز عليها، أما التسويق للأفكار المجردة دون ربطها بالواقع الملموس فقد أشارت نتائج الدراسات العلمية إلى فشله.
وثانى هذه الأخطاء هو أن يتنصل البائع أو المسوّق من أى التزام، تماماً مثلما كنا نقول فى الماضى إن البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، فقد سئل أحد من لديهم النية للترشح عن برنامجه فقال: «الشعب هو صاحب البرنامج، والشعب هو المسؤول إن أراد»، وهكذا.. ولا يخفى على أحد مدى الاستخفاف فى هذا الرد، فمادام الشعب هو صاحب البرنامج فلا حاجة به إلى رئيس، فلينفذ الشعب برنامجه بنفسه إذن، الشعب الذى يتحدثون عنه هو صاحب مصلحة، وهو متلقى الخدمة، وعلى من يرد أن يحظى بثقته أن يقدم له برنامجه بوضوح، ويختار الشعب المرشح صاحب البرنامج الأفضل، أما أن يتم نسبة البرنامج إلى الشعب فهو يعنى التنصل مسبقاً من أى نتيجة مترتبة على تطبيق هذا البرنامج «هذه بضاعتكم رُدت إليكم»، وامتداداً لهذا المعنى أقول أين الرؤى المتكاملة لهذه الشخصيات؟ وأين السياسات التى تتعامل مع الواقع والتحديات بحلول حقيقية.
وثالث هذه الأخطاء هو اتباع أسلوب «الشريك البائع»، فأصحاب النية فى الترشح يزكى كل منهم الآخر، ويعلن عن نيته فى التنازل لصاحبه لأنه «قيمة وقامة»، ويبرز كل منهم مزايا الآخر، وهذا الأسلوب معروف فى عالم التسويق كأسلوب للضحك على «الزبون»، خاصة إذا كانت البضاعة أو الخدمة المعروضة للبيع غير ذات جودة، أو بالأحرى رديئة، وفى مجال المنافسة يصبح استخدام هذا النوع من الأساليب إقراراً ضمنياً وصريحاً بأن كل طرف غير جدير بالترشح.. وأن كل طرف يريد أن يبيع ويسوق صفة «التضحية» وحب المصلحة العامة، رغم أن السبب الحقيقى هو أن السلعة «راكدة».
ورابع هذه الأخطاء هو إضفاء صفة الحصانة والمنعة على أصحاب نوايا الترشح، فإذا كان من الممكن أن تنتقد «الصحابة والتابعين»، وتصبح فى هذه الحالة «تنويرياً»، فإنه من الصعب أن تنتقد أصحاب هذه النوايا وإلا أصبحت رجعياً وخائناً.. الأفكار التى «لا يجوز الاقتراب منها أو التصوير» لا يُقبل عليها البشر لارتباطها بأشياء لا يحبونها.. وبقدر قربك من الناس، وبقدر كونك «واحداً منهم» يقبل عليك الآخرون.. أما فرض الحصانة المطلقة على الأفراد فهو بداية الخسران.
وخامس هذه الأخطاء هو الاستعلاء على الجمهور، وتوجيه اللوم إليه.. فإذا لم يستغل الشعب هذه الفرصة الذهبية، ويضغط على المسؤولين فعليه الانتظار خمسين سنة أخرى.. على الشعب أن يوقع على بياض لى.. على الشعب أن يجمع توقيعات.. على الشعب أن يفعل كذا وكذا.. وإلا فسوف أنسحب ولن أعطى له شرف أن أرشح نفسى رئيساً.. لا يمكن تسويق فكرة التغيير بهذا المنطق.. وما هكذا تُورد الإبل، كما يقول المثل العربى.
وسادس هذه الأخطاء هو قصور اللغة المستخدمة، وعدم مناسبتها للجمهور المستهدف.. أحد المرشحين يستخدم لغة أقرب إلى اللغة الصينية بالنسبة للجمهور المصرى، سواء من حيث التراكيب، أو من حيث الإيقاع.. هو يفكر بالإنجليزية ويتحدث بالعربية.. تماماً مثلما نقول بالإنجليزية I drink cigarettes فى الإشارة إلى أننا نشرب السجاير بالعربية.. اللغة التى يستخدمها هؤلاء المرشحون إما أنها لغة «مقعرة» لا يفهمها سواهم، ولا يفك رموزها غيرهم.. أو أنها لغة تخاطب شعباً آخر، وذوقاً لغوياً مختلفاً لا يوجد لدينا من يتذوقه.
وسابع هذه الأخطاء هو استخدام الوسيلة الخطأ فى الوصول إلى الجمهور العام.. إذ يركز هؤلاء المرشحون ويتبارون فى استخدام التكنولوجيا الحديثة، ظناً منهم أنه ما دامت هذه الوسائل قد نجحت فى الولايات المتحدة على سبيل المثال فى الانتخابات الأخيرة، فسوف تكرر نجاحها فى مصر.. بغض النظر عن اختلاف بنية المجتمع، وخصائص الأفراد.. لذلك حق عليهم وصف البعض لهم بأنهم مرشحو «العوالم الافتراضية».
ثامن هذه الأخطاء هو التركيز على فكرة «التعاطف مع الخاسر» Underdog Effect فى الإشارة إلى أن الأفراد أحياناً يتعاطفون مع الفريق الخاسر أو الضعيف نكاية فى المنتصر، ورغبة فى التقليل من شأنه.. غير أن الدراسات العلمية تشير، كذلك، إلى أن هذا التأثير هو تأثير مؤقت، وأن الناس تميل فى الغالب إلى فكرة «اللحاق بالفائز» والتوحد مع الأغلبية Bandwagon.
تاسع هذه الأخطاء هو الإفراط فى استخدام الكليشيهات المحفوظة أو غير ذات الدلالة، أو المستوردة بحيث لا تتناسب أو تتوافق مع معطيات المجتمع المصرى.. فشعار «التغيير»: «نعم نحن نستطيع» الذى طبقه أوباما فى حملته كان يركز على أبعاد وجوانب أخرى لا تنطبق على الحالة المصرية.. وإلا كان الأولى أن نستعير شعار حملة بيل كلينتون «إنه الاقتصاد يا غبى» باعتباره يركز على أبعاد حياتية محددة للمواطن.. والتركيز على فكرة التغيير على ما أشرنا فى بداية المقال دون تحديد ماهية هذا التغيير وآلياته يجعل هذا الاستخدام خالياً من أى معنى.
عاشراً وأخيراً، شخصنة المواقف والأحداث، وإضفاء طابع شخصى على كثير من جوانب هذه العملية.. صحيح أن هذا الاتجاه يقرب الحدث من الجمهور، ويجعله متابعاً ل«المباراة»، ولكن هذا الأسلوب يتسبب فى تسطيح القضايا المثارة، وتفريغها من مضامينها الحقيقية، وهو ما أشارت دراسات علمية كثيرة إلى خطورته.
وما أود الإشارة إليه، نتيجة لهذا التحليل، هو أن أصحاب النوايا بوقوعهم فى هذه الأخطاء وغيرها، يجعلوننا لا نأخذ إعلانهم بالجدية الكافية، ويجعلوننا نشك فى نواياهم الحقيقية، إذ ليس معقولاً أن يتم التخطيط لهذه المعارك الكبرى بهذه الأساليب والممارسات غير الاحترافية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.