موقع أمريكي: واشنطن تضغط سرا على بعض الدول للتصويت ضد عضوية فلسطين    فلسطين.. قصف مدفعي متواصل يستهدف المناطق الجنوبية لغزة    تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 اكتوبر بينها قتل مسن خنقا واغتصاب مراهق    شاهد شروق الشمس فى الشرقية واعرف حالة الطقس    القباج تكشف ل«البوابة نيوز» قيمة رسوم الدفعة الثانية لقرعة حج الجمعيات الأهلية    محمود عاشور حكم الفار الأول في إفريقيا يوجه رسالة لوزير الشباب    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18 ابريل في محافظات مصر    القدسي: أمريكا تحاول إغراء إسرائيل بالمساعدات العسكرية مقابل التمهل في ضرب إيران    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    أحمد عبد الله محمود يكشف كواليس تعاونه مع أحمد العوضي ومصطفى شعبان    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    مجلس الأمن يصوت الجمعة على طلب فلسطين الحصول على "العضوية"    لبنان.. 6 غارات جوية إسرائيلية وأكثر من 70 قذيفة مدفعية استهدفت مدينة الخيام    سامسونج تثير الجدل بإطلاق أسرع ذاكرة في العالم .. فما القصة؟    "نقص الغاز".. برلمانيون يوضحون أسباب أزمة زيادة انقطاع الكهرباء (خاص)    إبراهيم سعيد يوجه رسالة نارية ل كولر    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    منة عدلي القيعي: «حققت حلم حياتي بكتابة أغنية لعمرو دياب»    الصين قادمة    استمرار نمو مخزون النفط الخام في أمريكا    دعاء الرياح والعواصف.. «اللهم إني أسألك خيرها وخير مافيها»    الكشف على 1433 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    7 علامات بالجسم تنذر بأمراض خطيرة.. اذهب إلى الطبيب فورا    رشة من خليط سحري تخلصك من رواسب الغسالة في دقائق.. هترجع جديدة    طريقة عمل مربى الفراولة، زي الجاهزة للتوفير في الميزانية    البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء ل 300 مليون إفريقي    «البيت بيتى 2».. عودة بينو وكراكيرى    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 18 أبريل 2024    مبارة صعبة لليفربول ضد اتلانتا بإياب دور ربع النهائى للدوري الاوروبي .. موعد اللقاء والقنوات الناقلة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024.. 5 أيام متصلة مدفوعة الأجر    أنت لي.. روتانا تطرح أغنية ناتاشا الجديدة    فستان لافت| نسرين طافش تستعرض أناقتها في أحدث ظهور    اشتري دلوقتي.. رئيس شعبة السيارات يوجه رسالة ونصيحة هامة للمواطنين    رئيس حزب الوفد ناعيا مواهب الشوربجي: مثالا للوطنية والوفدية الخالصة    بعد 24 ساعة قاسية، حالة الطقس اليوم الخميس 18-04-2024 في مصر    علي جمعة: الرحمة ليست للمسلمين بل للعالمين.. وهذه حقيقة الدين    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق منزل في العياط    بسبب منهج المثلية | بلاغ للنائب العام ضد مدرسة بالتجمع    استعدادا لمواجهة مازيمبي| بعثة الأهلي تصل فندق الإقامة بمدينة لوبومباشي بالكونغو    الله أكبر| احتفال مثير من روديجر بريال مدريد بعد الإطاحة بمانشستر سيتي    «معلومات الوزراء»: 1.38 تريليون دولار قيمة سوق التكنولوجيا الحيوية عالميًا عام 2023    حظك اليوم برج الميزان الخميس 18-4-2024.. «كن مبدعا»    مصرع طفل غرقًا بنهر النيل في المنيا    بحجه تأديبه.. التحقيق مع بائع لاتهامه بقتل ابنه ضربًا في أوسيم    طاقم حكام مباراة الإسماعيلي وزد في الدوري المصري    الجامعة البريطانية في مصر تعقد المؤتمر السابع للإعلام    أسباب نهي الرسول عن النوم وحيدا.. وقت انتشار الشياطين والفزع    تراجع سعر كارتونة البيض (الأبيض والأحمر والبلدى) واستقرار الفراخ بالأسواق الخميس 18 ابريل 2024    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الخميس 18 ابريل 2024    ارسنال ومانشستر سيتى آخر ضحايا الدورى الإنجليزى فى أبطال أوروبا    موعد بدء التوقيت الصيفي 2024 في مصر (اضبط ساعتك)    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    إطلاق النسخة الأولى من المهرجان الثقافي السنوي للجامعة الأمريكية بالقاهرة    عدد أيام إجازة شم النسيم 2024 .. «5 بالعطلة الأسبوعية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو موسى في الحوار الأول من نوعه : رسالة من طلبوا ترشيحي وصلت .. ومنصب نائب الرئيس لا يبدو مطروحا الآن
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2009

القضية الفلسطينية، الدور العربى وتراجعه، الدبلوماسية المصرية، الحرب الأمريكية على العراق، الحروب الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى، الاجتراء الإسرائيلى على الحقوق العربية ومنصب نائب رئيس الجمهورية فى مصر وأخيرا منصب رئيس الجمهورية.. هذه كلها قضايا يرتبط إثارتها فى كثير من الأحيان إن لم يكن كلها فى القاهرة كما فى عواصم مشرقية ومغربية، بل وفى عواصم إقليمية وعالمية، باسم عمرو موسى.
عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية منذ عام 2001، ووزير خارجية مصر لعشر سنوات سابقة، لعب دورا فى عدد من هذه القضايا يراه كثيرون إيجابيا ولكن يصفه البعض بالسلبى. وقد يلعب أو لا يلعب دورا فى القضايا الأخرى، خاصة ما يتعلق منها بالمناصب الرفيعة المطروحة فى مؤسسة الدولة المصرية، ولكن اسمه طرح فى سياقات نقاشها.. وبصورة علنية، تتزايد أو تتناقص ولكنه دوما هناك.
وفى كل ما قاله موسى عن قضايا لعب دورا فيها، وفى كل ما قيل عن موسى فى قضايا يثار اسمه فيها دون أن يباشر هو الفعل، تبقى هناك دوما حالة من الجدل أو من الحديث حول هذا الرجل.. ينطبق هذا على الماضى والحاضر كما ينطبق أيضا بالنسبة للمستقبل.
موسى رأته الأغلبية من العرب خير مدافع عن الحق العربى ولو بالقول والموقف وهو أضعف الإيمان، ثم ارتد البعض عن هذا الرأى واصفا إياه بمتحدث غير قادر على الفعل، والبعض الآخر رأى فيه ومازال يراه نموذجا للاعب السياسى المحترف، يجيد الدفاع عما يتبناه من المواقف بالدرجة التى يراها قادرة على خدمه أهدافه، ولكنه قادر على المناورة بعكس ذلك إذا ما وجد «أن المصلحة العامة تقتضى التغيير».
من عرف موسى وزامله منذ التحاقه بالسلك الدبلوماسى المصرى، عقب تخرجه فى حقوق القاهرة منتصف خمسينيات القرن الماضى، يتفق على شىء أساسى: براعة موسى وقدرته على التفكير والحركة والانجاز.. والأهم قدرته على المفاجئة بمواقف يحسن دوما التعبير عنها.
منذ السنوات الأولى لعمله فى الخارجية المصرية، ارتبط اسم عمرو موسى بملف الصراع العربى الإسرائيلى، الذى صار يوصف اليوم بالنزاع العربى الإسرائيلى، والذى يقول عنه موسى إنه «ملف احتلال إسرائيل للأراضى العربية وحرمانها الشعب الفلسطينى من حق تقرير مصيره وإخلالها بتوازن القوى الإقليمى وحرمانها الشرق الأوسط من مسببات الاستقرار الرئيسية».
وفى سنوات عمله وزيرا لخارجية مصر، تحدث موسى مرارا عن آفاق لسلام يسود بين العرب وإسرائيل، وفى عام 2000، بالقاعة الكبرى لجامعة القاهرة، قال موسى: «إن العرب عليهم أن يفكروا ويستعدوا لمرحلة ما بعد السلام»، وبعدها بعام أو يزيد قليلا عاد موسى، ومن جامعة القاهرة أيضا، ليحذر من ضياع أفق السلام ويحذر من أن إسرائيل تتلاعب وأن العرب عليهم أن يعترفوا بأنهم ربما يكونون غير مؤهلين الآن لإنجاز اتفاق متوازن وعادل، وعليهم أن يتحلوا بالشجاعة للاعتراف بذلك، وأن يقروا أن «أجيالا قادمة» سيكون عليها التحمل بأعباء هذه القضية.
وبدأ موسى سنوات عمله أمينا عاما لجامعة الدول العربية باجتماع وزارى تبنى قرارا بوقف أو تحجيم العلاقات التجارية العربية مع إسرائيل، مادامت ستستمر الأخيرة فى سياساتها العدوانية، والتهديد بمواقف دبلوماسية أبعد، فى حال ما استمرت فى عدوانها على المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال.. أسابيع قليل مضت وبدا القرار كما لو لم يكن.. دبلوماسيون عرب قالوا إن تطمينات أرسلت لإسرائيل بأن ما يقوله موسى لا يعنى أحدا غيره وأن مثل هذه المواقف هى التى ذهبت به من مبنى وزارة الخارجية فى ماسبيرو على كورنيش النيل، إلى نقطة أبعد على الكورنيش فى مقر جامعة الدول العربية.
والمتابع لدوائر السياسة العربية يعلم أنه أحيانا ما يصدق هؤلاء الدبلوماسيين.. وأحيانا يصدق أمل موسى فى موقف عربى جماعى، إلا أن خيبة الأمل تكاد تكون سيدة الموقف، وذلك رغم جهود الأمين العام وحججه ودفوعه.. ولقد أعرب موسى مرات ومرات، بما فى ذلك فى كلمات رئيسية أمام قمم عربية، عن خيبة أمله هذه بصراحة فريدة.
وبالرغم من هذه الإحباطات مازال موسى قادرا على الإصرار بأن الحق الفلسطينى هو أيضا وبالقطع حق عربى.. ولو لأسباب براجماتية بحتة.. رغم أن هذه المقولة تبدو وقد أصابها داء التراجع أيضا.
ومطلع الشهر الحالى شعر موسى بالغضب عندما علم بقرار السلطة الفلسطينية الطلب لمجلس حقوق الإنسان إرجاء مناقشة تقرير القاضى المستقل ريتشارد جولدستون حول جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، رأى التقرير أن جيش الاحتلال الإسرائيلى ارتكبها بحق الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال فى قطاع غزة المحاصر. عندها قال موسى إنه «يشعر بالغثيان»، ونبهه أحد أقرب معاونيه أن مثل هذا التصريح قد يأتى بما لا يحب إلا أنه لم يتراجع وأصر.. وبالفعل، ترددت هذه الكلمة فى العديد من الأوساط الشعبية والرسمية، وكان لها، كما تقول مصادر دبلوماسية فلسطينية، تأثيرها الذى دفع باتجاه تغيير القرار الفلسطينى.
وفى حديثه مع «الشروق» مطلع الأسبوع الحالى لم يتردد موسى فى القول بأن ما يحل بالقضية الفلسطينية أكبر بكثير من مجرد الجدل الذى ثار حول القرار المتعلق بتقرير جولدستون والذى تم تصويبه، ومن ثم يجدر غلق هذا الملف، على حد قول الأمين العام للجامعة العربية.
القضية الفلسطينية تتراجع
وحسب موسى فإن «القضية الفلسطينية تتراجع.. فى مرحلة ما كانت القضية الفلسطينية تتقدم (كل ما عداها) فى العمل العربى الذى كان بالفعل داعما لهذه القضية ومتوحدا خلف الدفاع عنها».
وفى تقدير موسى فإنه فى سنوات التسعينيات من القرن الماضى، ومع إطلاق مؤتمر مدريد للسلام، «كانت القضية الفلسطينية تكسب أرضا وتتقدم نحو إمكانات حل متوازن وهو ما كان يمكن أن يسهم فى تحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وما وراءها».
غير أن الأمور تغيرت، كما قال موسى ل«الشروق»، فجاءت مرحلة الجمود، حيث راوحت القضية الفلسطينية مكانها دون حركة حقيقية، ثم انتقلت من الجمود إلى التراجع الذى يعتقد موسى اليوم أن من السذاجة محاولة إخفائه أو التغطية عليه.
وفى رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذى يحرص على أن يدير بنفسه ملف الصراع ا لعربى الإسرائيلى مع استشارة المعاونين الأكفاء بل والكثير من الساسة والدبلوماسيين الدوليين الذين يداومون الاتصال بالأمين العام، فإن هذا التراجع يعود «لأسباب، منها الانقسام الفلسطينى، والطريقة الخاطئة فى التفاوض، والسماح لإسرائيل ببناء المستوطنات والتعايش مع هذه المستوطنات، وتهرؤ الموقف العربى» والاضطراب فى العلاقات العربية.
أسباب أخرى يرصدها موسى لهذا التراجع، منها «الانحياز المطلق للسياسة الأمريكية» خلال السنوات الثمانى لحكم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش لإسرائيل وهو الانحياز الذى «تجسد بصورة كبيرة فى خطاب الضمانات الذى منحه بوش فى 2004 (لرئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق آرييل شارون) والذى لا يعترض فيه على الأمر الواقع الذى خلقته إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية التى بنت عليها الكتل الاستيطانية».
كذلك يرصد موسى، وبلا تردد أو عجز عن الاعتراف، الموقف الدولى «الذى كان يعطى للعرب بيانات وكلمات ترضيهم فى الاجتماعات بينما فى الواقع لم يعط أى ترجمة حقيقة لهذا الدعم». ويقول «كان الأوروبيون يدعموننا فى مواقفنا الرافضة للاستيطان وفى الوقت نفسه يسمحون للمنتجات الصادرة عن هذه المستوطنات للدخول إلى أسواقهم» بالرغم من دعوات من قطاعات واسعة من المجتمع المدنى فى الغرب لمنع دخول هذه المنتجات، تأكيدا لعدم شرعية الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والتى يفترض أن تبنى عليها الدولة الفلسطينية.
ومع كل هذه الأسباب يرى موسى أن الانقسام الفلسطينى الذى يحمل فتح وحماس بالتساوى المسئولية عنه مع التراجع العربى
السبب الرئيسى وراء تراجع «بل وأخشى أن أقول تآكل» القضية الفلسطينية.
وبحسب الأمين العام لجامعة الدول العربية فإن «التراجع العربى فى دعم القضية الفلسطينية له أسباب، منها الأصابع الأجنبية وهؤلاء الذين يطرحون إيران كعدو موازٍ لإسرائيل وتسابق البعض فى إرضاء قوة أجنبية، ووصل الأمر بإبداء البعض عدم الاهتمام بما قد يحدث للقضية الفلسطينية».
ويقول موسى: إن القضية الفلسطينية أصبحت قضية ضمير عربى ولا يمكن التغاضى عن قوتها فى النفس السياسية العربية.
ويصر موسى أن حديثه عن القضية الفلسطينية لا يبنى على منطلقات عاطفية، «بالرغم ما لهذه القضية من مكان ومكانة فى وجدان كل عربى» وبالرغم من «الالتزامات التى تطرحها دوما على الضمير العربى»، ولكن من منطلقات عملية. فبحسب الأمين العام لجامعة الدول العربية فإن الفشل فى الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية له تبعات لأنه مادام الصراع قائما يبقى الشعب الفلسطينى محروما من حق تقرير المصير، وتبقى الأراضى السورية واللبنانية محتلة، لنفس الأسباب وهى شعور إسرائيل بالمنعة ومن ثم عدم التزامها بإجراء أى تحرك.
ويقول موسى: إن هذا الوضع يبقى الاستقرار فى المنطقة العربية وكل منطقة الشرق الأوسط بعيدا ويبقى الأمن فى المنطقة كلها «الأمن الإقليمى» مستحيل التحقيق بما فى ذلك إمكانية تسوية المسألة النووية على اتساع الشرق الأوسط.
ومع كل هذا فإن غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية، وبالتبعية لمجمل الصراع العربى الإسرائيلى، يضع العرب دوما، حسب قراءة الأمين العام، إذا ترددوا أو تراجعوا أمام هذا التحدى التاريخى الجليل فى موقف مؤسف من العجز عن الانتصار لحق عربى لا مراء فيه. ويقول: «فى أفريقيا ساندت الشعوب والدول بعضها البعض وصولا إلى الاستقلال، وهو نفس ما حدث فى أمريكا اللاتينية وآسيا.. فكيف يكون العرب أقل ضميرا من هذه الشعوب، وكيف تكون المواقف العربية أقل رصانة وفاعلية ويكون بينها من يتراجع عن دعم الشعب الفلسطينى أو يتغاضى عما يحدث من تلاعب بحقوق هذا الشعب المغلوب على أمره.
ولأسباب ربما يتعلق بعضها بالبراجماتية التى هى من أبرز صفات موسى بالمعنى الحميد للكلمة، كما يصر الكثير من معاونيه السابقين والحاليين أو لأسباب تتعلق بمواقف تبنتها القاهرة وقت أن كان موسى حاضرا فى المفاوضات العربية الإسرائيلية أو وزيرا للخارجية فإن الأمين العام يرى أن استعمال تعبير «النزاع» العربى الإسرائيلى بدل «الصراع» العربى الإسرائيلى ليس محطة مهمة، بل هو مجرد ترجمة للتعبير المستخدم فى والوثائق الدولية حول القضية «conflict».. وهذا لا يعنى من أن هذا الاستعمال مثل نقطة البداية للتراجع العربى فى دعم القضية الفلسطينية، ولا كانت زيارة الرئيس السادات إلى القدس نقطة البداية لهذا التراجع.. والآراء فى هذا الموضوع كثيرة، فهناك أيضا من رأى أن التراجع حدث لحظة هزيمة يونيو 1967.
ويرفض موسى وهو يعتدل فى جلسته الطرح بأن تراجع دور مصر القيادى فى العالم العربى مع تبعات انعزال مصر عن الملف بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. ويرفض أيضا القول بأن مصر فى تعاملها مع ملف الصراع العربى الإسرائيلى أصبحت الآن تتصرف بالأساس كوسيط بين طرفين.
ويصر، بنبرة غضب، لا يستطيع الدبلوماسى المحنك أن يخفيه، على أنه «لم تصل الأمور إلى درجة أن مصر أصبحت وسيطا»، مضيفا «مصر دولة عربية وستبقى كذلك».
ويسارع موسى، كما هى عادته لمن خبره، بالالتفاف بعيدا عن الحديث عن دور مصر ليعود بنبرة صوت أعلى قليلا «للدقة فلا توجد نقطة واحدة يمكن رصدها لبدء التراجع.. وإن كنت أعتقد أن نقلة نوعيه حدثت فى هذا الصدد مع استبعاد، أو بالأحرى إبعاد، الأمم المتحدة عن الملف».
ويضيف مستطردا ومتجاهلا محاولة غير خجولة للتقاطع، «نعم هناك ضغوط كبيرة مورست على دول عربية وعلى الفلسطينيين.. إن تراجع القضية الفلسطينية كان طريقا طويلا به محطات لا يمكن إغفالها مثل اتفاق أوسلو، والذى يجب أن يقرأ جيدا، مرة أخرى، ودورها وحصار عرفات الذى استمر وسط صمت غامض يكاد يشارف القبول الضمنى»، وبحسب الأمين العام لجامعة الدول العربية فإن «التراجع جاء تراكميا» وأسهم فيه أخطاء تفاوضية ارتكبت فلسطينيا وعربيا، ويقول: «علينا أن نعترف بأننا أخطأنا فى المراحل الأولى للتفاوض الفلسطينى الإسرائيلى عندما لم نتفق على جدول أعمال واضح»، ويضيف أن الخطأ شمل «أننا قبلنا بمسار ذى نهاية مفتوحة، وكذلك عندما قبلنا التفرقة بين بنود فورية وأخرى مؤجلة (موضوعات الحل النهائى)».. ويستطرد «كان ينبغى علينا منذ البداية أن نضع أطرا زمنية دقيقة ونتابع تنفيذها بدقة ويقظة».
أخطأنا بقبول عملة سلام مفتوحة
يقول موسى: «التفاوض نفسه كان به مماطلة لم نتحرك بالحسم الكافى لرفضها»
موسى لا يتردد، فى شجاعة، فى الاعتراف بأنه بصورة أو أخرى كان ضمن دبلوماسيين عرب استمروا فى التعامل مع حديث طال وتشعب عن «عملية سلام» ف«عملية تفاوض» ثم تفرع فأصبح «عملية واى ريفر»، وما تلاها وصولا إلى «عملية آنابوليس»، غير أنه يقر بما قاله دبلوماسيون عرب متقاعدون وحاليون وبعض منهم الآن فى مناصب رفيعة بأن موسى حذر بلا تردد أو مواربة وكما يقول أحدهم بصورة لا تخلو من المجازفة بمنصب من هذه السياسات فى بدأها، خاصة فى مواجهة عاصفة مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت فى شرم الشيخ فى منتصف التسعينيات وبمواجهة أخرى مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس فى شرم الشيخ منذ أقل من عامين.
واعتاد دبلوماسيون مصريون، تخصصوا فى ملف عملية السلام، التندر بالقول إنهم دبلوماسيو «العملية التى فشلت».. واليوم فإن موسى والذى لا يرى فى الأمر مزحة تضحكه يكاد يقول إن العملية ربما تكون بالفعل قد فشلت «بالصورة التى أديرت بها خلال السنوات الماضية» وإنه ربما تكون الحاجة قد حلت لرؤية عربية مختلفة حول سبيل تسوية الصراع العربى الإسرائيلى.
ويبتسم موسى باستخفاف من تعليقات نسبت إلى مسئولين وكتاب إسرائيليين وأمريكيين تصفه بأنه يتحمل مسئولية فشل التسوية وأنه كان «عقبة فى طريق السلام». ولا ينفى موسى ما ذكرته أولبرايت فى مذكراتها من أنها فى التسعينيات أخبرت القاهرة أن استمرار موسى وزيرا للخارجية يعيق تقدم السلام، ولا تعطى حركاته أكثر من الاستهانة عند الإشارة إلى تصريحات مماثلة نشرتها الجرائد الإسرائيلية أخيرا. بل إنه لا يبدو منزعجا بحال من سؤال إضافى حول اتهامات جاءت من بعض المسئولين الفلسطينيين السابقين والحاليين حول ما وصفوه بدور «عمرو موسى فى عرقلة الأمور». موسى، وربما كما يقول منتقدوه، يجد ما يزهو به فى كل هذا لأنه بالنسبة له يعنى ببساطة أن رغبته فى النجاح والألق المهنى، التى جاهر بحقه فيها منذ أن كان سكرتيرا أول والتى لم يتراجع عنها عندما همس له الناصحون، وهو بعد وزير لخارجية مصر، فى النصف الثانى من التسعينيات بأنها أصبحت «مضرة»، لا تأتى على حساب التزامه بتبنى مواقف تليق وما يعتقده فى نفسه وفى مصر من اعتزاز وكرامة.
سأبقى معوقا لتصفية القضية الفلسطينية
يقول الأمين العام للجامعة العربية بثقة وبلا تردد «نعم، أنا كنت ومازلت معوقا للتوجهات المشبوهة التى تريد تصفية القضية الفلسطينية وتقديمها على طبق من ذهب وهو ما لن أدعه يحدث.. والتعويق هنا هو ما يجب القيام به فعلا.. وعلى من يقول أننى أعوق السلام أن يشير إلى أين هو ذاك السلام الذى أعوقه.. وأنا أعلم أن هناك من يقول إن إصرارى على شرط وقف الاستيطان قبل استئناف التفاوض هو أمر معوق، وأقول عن إنه فعلا أمر معوق للاستسلام للشروط الإسرائيلية.» ويضيف موسى أنه فى الوقت نفسه ليس برافض للتفاوض الجاد المستند إلى أساسيات وضمانات وتعهدات مطلوبة مثل وقف الاستيطان «والذى يدار فى إطار زمنى» معقول.
ويجاهر موسى بأن الجامعة العربية هى التى أثارت وبقوة موضوع الاستيطان ويقول إن الرئيس الفلسطينى محمود عباس مازال حاسما فى المطالبة بوقفه كشرط لبدء المفاوضات. ويكرر أن المضى قدما فى التفاوض فى الوقت الذى لم يتوقف فيه الاستيطان «يمثل غضا للطرف عما يحدث من استيلاء المستوطنين على الأراضى الفلسطينية المحتلة»، بل، وكما يضيف، «يجعل من التفاوض مجرد ورقة توت تمنح لإسرائيل ولغيرها الادعاء بأن السلام فى الطريق وتخدع الناس»، حتى ينتهى الأمر بالاستيلاء الكامل على الأراضى الفلسطينية.
يخفى الأمين العام علمه بما يتم تداوله أخيرا فى أوساط دبلوماسية عربية وغربية بأن مسئولين عرب نصحوا إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما ألا تلتفت كثيرا لما يقوله موسى وما يعرب عنه من مواقف، قال البعض إنها مواقف يتخذها بحثا عن مجد شخصى. وفى هذا فإن النفى يأتى من موسى عن مصر فقط، ويقول: «مصر لم تكن من بين الدول التى نصحت الأمريكيين واستحثت الإسرائيليين للعمل على تهميش دور الجامعة العربية فى ملف التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى.. أن مصر لا تفعل هذا».
وشدد موسى على أنه لن يتم تهميش الجامعة العربية، وأنه لكل فعل رد فعل، «وأرجو أن يتذكر الجميع هذه القاعدة».
آمال السلام تتآكل، بحسب موسى، فإن اتفاق سلام لن يتحقق إلا إذا غيرت إسرائيل جديا من مواقفها. ويقول: إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يطرح عرضا غير مقبول للسلام وهو لا يتحدث عن دولة فلسطينية وإنما عن «جالية فلسطينية» على «أرض اليهود» التى يعتقد أنه حصل عليها من مكتب عقارى فى مكان ما بالسماء».
وموسى الذى استمع إلى أوباما فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى، وصفق بحماس لما أبداه الرئيس الأمريكى الشاب من التزام بتحقيق السلام العادل فى الشرق الأوسط، والذى قال إن «أوباما يمكن أن يمثل أملا جديدا»، لا ينفى فى الوقت نفسه وهو من جلس مطولا إلى مبعوث أوباما للشرق الأوسط جورج ميتشيل إن أوباما ربما يكون غير قادر «فى التحليل النهائى» ولأسباب بعضها داخلى وبعضها خارجى على ممارسة الضغط الكافى على إسرائيل لاتخاذ ما يلزم لتحقيق السلام العادل الذى يمكن للعرب أن يقبلوا به. وهو لا يستبعد إلا ينجح أوباما، إلا أنه يقول: «إذا كانت أعتى الدبلوماسيات العالمية لم تستطع أن تأتى من إسرائيل بوقف للاستيطان لمدة أشهر يتم خلالها التفاوض فكيف يمكن التصور أنها ستستطيع تغيير الوضع الحالى والوصول إلى اتفاق حول الحدود وأخرى حول القدس وحق اللاجئين فى العودة وفاعلية الدولة الفلسطينية التى ستنشأ والتى يقول لنا نتنياهو إنها لن تكون ذات سيادة على الأجواء أو على ما تحت الأرض».
وبحسب موسى فإن «موضوع الاستيطان (والعجز الأمريكى حتى الآن عن وقفه) أصبح شيئا كاشفا» عن المدى الضيق للآفاق المتوقعة من الجهد الدبلوماسى الحالى.
فى الوقت نفسه، يبدو موسى واثقا أن أحدا لن يقدم على توقيع شيكات على بياض حول حقوق الشعب الفلسطينى من القدس إلى اللاجئين. ويقول بنبرة ذات مغزى «إن ما حدث فى تقرير جولدستون هو درس للجميع بأن هناك رأيا عاما عربيا لم يعد مستعدا بحال القبول بالاستسلام والتهاون فى الحق الفلسطينى، فالرأى العام العربى أصبح فعلا مركز الدفاع الرئيسى عن القضية الفلسطينية»، مضيفا «من ناحية أخرى علينا ألا نقع أسرى ما حدث، وأن نمضى للأمام وألا نغفل أو نهدر الجهد الكبير الذى تبذله مصر من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية».
وموسى يقول: إن الحركة الدبلوماسية العربية فى الوضع الحالى لن تؤدى بالضرورة للوصول إلى الحقوق العربية فى المستقبل القريب، ويقول «إذا لم نستطع خلال العامين المقبلين أن نصل إلى حل معقول يرضى المواطن الفلسطينى ويقبل به المواطن العربى فعلينا أن نعترف بعدم قدرتنا على الوصول إلى حل عادل فى المرحلة الحالية وأن نقر بأن الصفات السلبية التى حلت بالشخصية العربية هى من ضمن أسباب هذا العجز ولنترك القضية لأجيال ستأتى يوما وتكون قادرة فعلا على استعادة الحقوق، وأنا واثق أن القضايا العادلة، ومنها القضية الفلسطينية بكل تأكيد، لن تموت كما وأنها لن تهزم أمام مطالبى الاستسلام أو دعاة الحلول المعوجة».
ولا يمل موسى من أن يكرر مرات ومرات أن استمرار الانقسام الفلسطينى الذى يراه غير مبرر فى الأساس سينال حتما من أى فرص صغرت أو كبرت للتوصل إلى اتفاق سلام عادل. ويقول: إن المحصلة النهائية لاستمرار الانقسام الفلسطينى «هو ضعف كبير جدا، وربما انهيار، فى المجال السياسى الفلسطينى سواء فى جانب السلطة أو فى جانب المعارضة».
ولا يرى موسى أن عباس وبالرغم من واقعة جولدستون التى تسببت فى إثارة حفيظة الرئيس الفلسطينى من أمين عام جامعة الدول العربية غير قادر على التفاوض باسم كل الفلسطينيين سواء كانوا من فتح، التى يرأسها عباس، أو حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية. ويشهد موسى أن عباس «فى إطار حديث مع إسرائيل ومع الأمريكيين لم يخرج عن الموقف العام الفلسطينى فيما يخص قضايا الحل النهائى، وكان موقفه واضحا بالرغم من الضغوط الكبيرة التى تمارس عليه فى كثير من الأحيان».
ويرفض موسى القول بأن حديثه عن التزام عباس بالمحددات الرئيسية للموقف الفلسطينى تأتى فى إطار التزامه كأمين عام لجامعة الدول العربية تبنى مواقف القيادات الرسمية وعدم إغضابهم. كما يرفض، وبحسم محاولة استخلاص هكذا نتيجة من لقاءه الرئيس اليمنى على عبدالله صالح مطلع الشهر الحالى فى العاصمة صنعاء لحديث عن الحرب الدائرة فى شمال اليمن بين قوات الجيش اليمنى والمتمردين الحوثيين الذين لم يلتقهم موسى على الرغم من مظاهرات طالبته الذهاب إلى الشمال، حيث الحرب والقتل والنزوح واللجوء.
لا أتجاوز الحكومات العربية ولا أتجاهل المعارضة
«من غير الدقيق القول بأننى لا أتعامل مع القضايا العربية إلا من خلال منظور الحكومات.. ولكن من غير المعقول فى الوقت نفسه أن يتجاوز أمين عام جامعة الدول العربية الحكومات العربية»، يقول موسى، مشيرا إلى لقاءات عقدها فى العراق، غير ذات مرة، مع الحكومة وكل أطياف المعارضة بما فى ذلك أطياف من المعارضة العراقية المسلحة التى كانت الحكومة العراقية تجابهها فى دعوة عربية للتهدئة والمصالحة حتى يمكن إعادة بناء العراق.. ويشير أيضا إلى جولات مكوكية قام بها أو كلف بها مدير مكتبه السفير هشام يوسف فى لبنان شملت الحكومة وكل أطراف المعارضة.. ويشير إلى موريتانيا التى بعث إليها بنائبه السفير أحمد بن حلى فور وقوع الانقلاب على السلطة مطلع العام الحالى، حيث التقى الحكومة الانتقالية، كما النظام الذى تم الانقلاب عليه.. وإلى السودان، حيث كانت لقاءات موسى العديدة ولقاءات مبعوثه سمير حسنى مع كل الأطراف من حكومة ومعارضة فى الجنوب والمتمردين فى دارفور.
ويضيف موسى أن الأمر يتطلب عملا دبلوماسيا شاقا ومحاولة إعمال للحنكة إذا وجدت ولا يجب أن ينجرف العمل الدبلوماسى فى ظروف دقيقة كهذه إلى مجرد إحداث فرقعات إعلامية، حتى وإن تحمل الأمين العام بعض النقد أو الاتهامات بعدم الحركة، أو عدم سرعة الحركة. وحسب موسى، فإن «الأمين العام يصدر فى عمله من حقيقة أن المعارضين (بما فى ذلك فى اليمن) هم فى الأساس مواطنون.. أما حمل السلاح والمواجهات فهذا أمر آخر».
وحسب موسى فإن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والتى تقع فى وسط القاهرة فى قلب ميدان التحرير، لا تنحاز لأى جنسية. ويقول: «الجامعة العربية بها الآن موظفون يمثلون جميع الدول العربية، وبلا تفرقة، ومن بين هؤلاء أمازيغ وسيكون بها أكراد ومواطنون من جنوب السودان.. وبها سنة وبها شيعة.. وبها من يتحدث الفرنسية أو الإنجليزية والكل فيها يجيد العربية». ويضيف «لقد فتحنا باب الجامعة واسعا للجميع لتمثيل العالم العربى الذى هو فى الواقع موزاييك».
ما أنجزته فى الجامعة لا يقارب ما أتمناه
يعتبر موسى أن من الإنجازات الرئيسية لسنواته على سدة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية هو ذلك التنوع الذى أدخله على تكوين موظفى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والقضايا المتنوعة التى طرقتها الجامعة «ومنها ما يهم المشرق العربى ومنها ما يعنى به المغرب العربى الذى حرصت على ضمان تواصله مع الجامعة العربية بوصف أن هذا المغرب العربى له حق طبيعى شأن المشرق العربى فى الإسهام فى إدارة العمل العربى»، وكذلك فتح أبواب الجامعة العربية لمنظمات المجتمع الأهلى العربية والاتحادات المهنية العربية ومنتديات القطاع الخاص الاقتصادية وإقرار برلمان عربى لايزال هشا وإن كان قابلا للتطور، كما أن من أهم التغييرات ربط الجامعة العربية بالحركة السياسية والتنموية العالمية وإقامة العلاقات القوية والمفيدة مع المنظمات والتجمعات الدولية والدول الفاعلة وكذلك الأحزاب والمنظمات غير الحكومية الدولية.
غير أن موسى ليس بالضرورة، أو ربما على الإطلاق فخورا جدا بما قام به خلال توليه منصب أمين عام جامعة الدول العربية، والذى رأى البعض عند ترشيحه له أنه «صدمة»، كما عنونت صحف قاهرية وعربية فى ذلك الحين، وأنه تجميد لقدراته السياسية. ويقول بواقعية لا تخلو من نبرة أسف. ويقول: «كنا نستطيع أن نعمل أكثر وأن ننجز أمورا كثيرة أخرى لولا معوقات سوف يأتى أوان الحديث عنها».
ويقول موسى «ما أنجزته خلال الثمانى سنوات الماضية لا يقارب ما كنت أتمناه.. ولكن الواجب يجب أن يؤدى على أكمل وجه ممكن».
ويضيف الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه يعتز بجهود بذلها فى الدعوة للمصالحة الوطنية فى أقطار عربية عديدة، خاصة العراق التى كادت الفتنة بين مكوناته الإثنية والعرقية أن تأتى عليه. كما يعتز الأمين العام بما يرى أنه نجاح الجامعة العربية فى رسم خط للحد الأدنى لما يمكن القبول به فى إطار التسوية الفلسطينية رغم اعترافه بأن بقاء هذا الحد الأدنى صامدا فى وجه محاولات لتقليصه، يأتى بعضها من قلب المعسكر العربى، أصبح مهددا.
ويستاء موسى ويعلو وجهه تعبيرات الامتعاض عند الحديث عن أن قراراته، خلال هذه السنوات الثمانية، بأين يذهب وأى القضايا يطرق وأى الاختيارات الدبلوماسية يتبع تقرر فى القاهرة التى رشحته أمينا عاما لجامعة الدول العربية فى فبراير 2001. ويضيف الناقدون أن موسى يحرص دوما ألا تسير اجتماعات الجامعة العربية فى اتجاه معاكس لما تريده السياسة المصرية سواء فى صياغة القرارات أو حتى فى اختيار بنود جدول الأعمال.
الحديث عن تبعية الجامعة للقاهرة ساذج
يشدد موسى بصوت واضح وبكلمات مختارة بعناية «إننى لا أقبل المساس بحرية الأمين العام فى الحركة». ويضيف «من غير الدقيق القول بإننى لا أتعامل مع القضايا العربية إلا من خلال منظور الحكومات.. ولكن من غير المعقول فى الوقت نفسه أن يتجاوز أمين عام جامعة الدول العربية والجهات الرسمية العربية، إن ما يلتزم به الأمين العام هو قرارات الجامعة التى يساهم هو نفسه فى صياغتها وفى تشكيل التوافق العربى حولها.. ومن السذاجة القول إننى لا أتحرك إلا فى إطار ما تراه القاهرة أو أى عاصمة عربية أخرى مناسبا».
ويشدد موسى أنه أيضا يرفض «القول المعاد والمكرر والسهل بأن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية هى جهاز سياسى مصرى.. هذا قول مسموم وغير صحيح والقول الفصل هو لميثاق الجامعة العربية ولقرارات القمة العربية والمجالس الوزارية التى تصدر بالتوافق أو بالأغلبية وهى التى تمثل إطار عمل الأمين العام ومنطلقه».
ويصر موسى أنه لا يتعامل مع القاهرة بحساسية خاصة، ويقول «من أين يأتى هذا الافتراض؟» ويرفض أسئلة تضع علامات استفهام حول سبب رفضه لقاء شخصيات معارضة مصرية خشية إغضاب النظام ومراعاة لحساسيات قيل إنها كانت وراء خروجه المفاجئ من الخارجية المصرية بعد أن «بان عليه» على حد قول مسئولين وتشريعيين مصريين تحدثوا ل«الشروق»، «الطموح السياسى الداخلى».
علاقتى بالرئيس مبارك جيدة وإيجابية
يتحرك موسى على مقعده فى مكتبه بالدور الثانى من الجامعة العربية، ويقول بتأنٍ يشى برغبة فى دقة التعبير « التقيت منذ أيام وفدا من اتحادات النقابات المصرية وهذه ليست المرة الأولى وكان هذا الوفد قد طلب مقابلتى لحديث طويل وصريح عن القدس ولا أرفض مقابلة رموز المعارضة المصرية فهم مصريون أيضا، والأوضاع فى المنطقة تهم الجميع».
ويبتسم موسى لأسئلة حول علاقته بالرئيس حسنى مبارك ومرات لقائهما التى يرى البعض أنها متباعدة ولا تليق بعلاقة قيل إنها بدأت بكيمياء إيجابية عندما شهد مبارك موسى، وهو بعد سفير يرد الصاع صاعين لمسئول عربى اتهم مصر فى إحدى قاعات الاجتماعات العربية بممارسة «العهر السياسى»، فأغلق موسى الميكرفون فى دهاء لا يحسد عليه حتى لا يسجل عليه رسميا ما قال والتفت إلى ذلك المسئول العربى وكال له بالعامية المصرية.
وفى هدوء حذر يقول موسى «علاقتى بالرئيس مبارك هى علاقة تواصل بوصفى أحد الوزراء السابقين وهو تواصل رصين ولا يخلو من دفء ومودة»، ويضيف أما علاقة العمل بصفتى أمينا عاما للجامعة العربية فعى علاقة جيدة وإيجابية.
ويقول موسى إنه يحمل ذكريات طيبة للغاية لسنوات العمل مع الرئيس مبارك وإنه لمس عن قرب «مصرية مبارك وعروبته ورغبته الدائمة» خلالها فى تجنب الشقاق العربى وتبنى «المنطلق الوطنى والمنطقى فى صياغة سياساته وقراراته».
ويضيف موسى أن الرئيس مبارك حقق منذ منطلق سنوات حكمه استقرارا مهما ومطلوبا وأعاد مصر إلى إطارها العربى وحرك الاقتصاد وأطلق حرية النقد «وهذه كلها خطوات مهمة يجب وضعها فى مكانها التاريخى الصحيح.
ويحرك موسى كتفيه فيما يشى بالتساؤل حول دقة تقييمات ترى أن موسى فقد الكثير مما كان يتمتع به، عند دخوله الجامعة العربية فى مايو 2001، من ألق سياسى كان يمكن أن يباهى به عمالقة سبقوه فى عالم الدبلوماسية المصرية مثل إسماعيل فهمى الذى أبى على نفسه الانصياع لما رآه مواقف سياسية غير متفقة مع الموقف المصرى بزيارة الرئيس السادات إسرائيل، كما يرصد فى مذكراته التى أعيد طبعها مؤخرا ومحمود رياض الذى يأتى ذكره، كما فهمى، كثيرا على لسان موسى.
ويقول موسى إنه لا يشعر بقلق حول النظرة العامة له بعد سنواته فى الجامعة العربية ولا ينفى أنه فى اللحظات التى تعرضت فيها الجامعة العربية كما تعرض هو شخصيا لكثير من النقد بسبب أحداث مثل الحرب على العراق فى 2003 والحرب الأخيرة على غزة، كانت لحظات فكر فيها جديا بالاستقالة لينوء بنفسه عن عبء العجز العربى عن مواجهة أخطار كبيرة حدقت بالعالم العربى.
ويقول موسى، الذى لا يخفى دبلوماسيون عرب وبينهم مصريون أنهم يودون ولو كان قد استقال «بعجرفته المثيرة للاستفزاز»، على حد قول البعض، أن قراره بالبقاء جاء متصلا بحسابات المكسب والخسارة للمسئولية التى يرى أنها ملقاة على عاتقه، وكذلك بالنسبة لمصير الجامعة العربية، ولدعم ومؤازرة وجدها من قادة عرب يخص دوما بالذكر منهم خادم الحرمين الشريفين، الذى يصفه بأنه «عروبى بحق وراغب بالفعل فى إعطاء العمل العربى المشترك دفعة قوية ودائمة».
ولا ينفى موسى أنه يشعر بالإحباط أكثر مما يشعر بالتفاؤل بسبب محدودية الالتزام بالعمل العربى المشترك. ويقول «فى قمة الكويت التنموية (التى عقدت مطلع العام) خصص أمير الكويت 500 مليون دولار لتأسيس صندوق لتمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى العالم العربى تبلغ تكلفة تأسيسه الإجمالية 2 بليون دولار. ولا يحتاج الأمر لتفعيل عمل الصندوق لاستكمال رأس المال، ولكن فقط ل200 مليون دولار إضافة إلى ما خصصه أمير الكويت، ومنذ ذلك الحين حتى الآن لم يأت هذا المبلغ» الزهيد بالنسبة للاقتصاديات العربية.
ويرفض موسى رفضا قاطعا القول بأنه لم يستقل حتى يبقى فى دائرة الضوء الإعلامى صغرت أم كبرت تمهيدا لمشروع سياسى لم يعلن عنه بعد، على حد التكهنات، بالترشح فى انتخابات الرئاسة بمصر التى ستجرى تعددية فى نهاية 2011 عقب شهور من انتهاء مهام منصبه العربى.
ويقول الأمين العام لجامعة الدول العربية إنه فى عمله فى الجامعة العربية لا يخدم أى أجندة سوى أجندة العمل العربى المشترك.
منصب نائب الرئيس غير مطروح
لكن هل موسى راغب أو عازف عن الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة»؟ ولماذا لم يقدم حتى الآن إجابة صريحة لأسئلة لا تنتهى فى هذا الصدد، تتردد منذ أن كان وزيرا للخارجية، رشحته التكهنات بل وطالب البعض به نائبا مدنيا لرئيس الجمهورية؟ وهل يخشى موسى غضبة مصر الرسمية بل والمزيد من البرودة من عواصم عربية أخرى لا تود إغضاب القاهرة ولا تود أن تسن مصر سنة ترشح مرءوس لمنصب الرئيس؟
ويقول موسى إنه يعلم أن هذا الحديث ربما يكون مادة شيقة للبعض.. ثم يضيف «لا يوجد منصب نائب رئيس الجمهورية ليقول أحد أنه كان ينبغى أن أحصل عليه أو أن يحصل عليه أحد، ولا يبدو لى أن هذا المنصب قيد الطرح فى كل الأحوال». ويضيف أن «الحديث عن احتمالات ترشحى أو غيرى للانتخابات الرئاسية المقبلة هو حديث طال وسوف يطول بالنظر إلى طبيعة المرحلة». ولكن لابد من أخذها فى الحسبان لمن يطمح فى الترشح لهذا المنصب».
السؤال ليس من ولكن ماذا سيقدم؟
السؤال الذى لابد أن يطرح نفسه، بحسب موسى، فى هذه المرحلة ليس بالأساس من سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ولكن ماذا يريد المواطن ممن سيترشح لهذه الانتخابات الرئاسية وما هو مشروعه لإنهاض مصر. وبحسب موسى، الذى يصر أنه يتحدث من موقعه كمواطن مصرى بالأساس، فإن المطلوب فى المقام الأول هو التعامل مع حالة «الاضطراب وعدم الارتياح الموجودة الآن فى المجتمع المصرى».، كما أنه من الضرورى أن يكون هناك مشروع محدث للنهضة يشكل برنامجا ذا رؤية وطنية وقوية وإقليمية يتم التوافق عليها «فى إطار ائتلاف وطنى».
ويقول إنه من الواضح لكل متابع أن هناك الكثير من النقاش بل والإعراب عن القلق حول «كينونة الإسهام المصرى والحضارى والثقافى فى العالم العربى بعد أن كان هذا الإسهام يوما فوق أى تساؤل وأى نقاش».
وسيتذكر موسى بإعزاز وفخر «الدور المصرى لعقود طويلة فى قيادة هذه المنطقة ليس فقط سياسيا ولكن أيضا فكريا، وفى مساعدة الدول على تنمية اقتصاديتها وإلهام شعوبها بطرح أنماط اجتماعية متقدمة، وهو ما أكد وبوضوح إمساك مصر بمفاتيح القوة فى هذه المنطقة لسنوات طويلة»
أطمع للإسهام فى إيقاظ مشروع نهضة
بحسب موسى فإن كل مواطن مصرى، وهو بالتأكيد، يتوق للعودة إلى مشروع كبير للنهضة فى مصر تستنير المنطقة بأسرها من آفاقه. ويقول «أطمح إلى الإسهام فى إيقاظ مشروع نهضة مصر وإعادة صياغته وتحديثه وقولى هذا أنطلق فيه من شعورى كمواطن ويتعدى أى منصب رسمى.. إن القيام بذلك أصبح فرض عين ولا يحتاج بالضرورة إلى منصب بعينه ويضيف «إننى من أشد المؤمنين بالحاجة لمشروع متطور وجرىء للنهضة المصرية، وعلى أتم استعداد للمشاركة فى رسم فكره وصياغة بنوده».
وبحسب موسى فإن هذا المشروع لابد أن يطمح «لإشعاع ثقافى واسع ولجامعات تجتذب الصفوة وتخرجهم ولنظام اجتماعى قادر على احتواء التباين وتحويره تنوعا ولانفراجة اقتصادية قادرة على تلبية مطالب المواطنين» ويضيف «يأتى قبل ذلك كله وبالتأكيد نهضة علمية ومشروع نووى سلمى»، كما يتطلب الأمر أيضا «استمرارا فى دفع الإصلاح وتعميق جهوده بمختلف جوانبها خاصة ما يتعلق بالتعليم الذى هو الأساس فى مواجهة التحديات» الماثلة أمام مصر.
ثم يضيف موسى «أرى أن الرئيس مبارك حقق لمصر استقرارا مهما، وأعاد مصر إلى إطارها العربى وحرك الاقتصاد ولاشك بصورة كبيرة.. وأرى أن المجتمع المصرى مازال يريد البناء فوق ما تم مازال يريد إنجاز المزيد والمزيد».
مصر لا تقل عن غيرها
يصر موسى وبنبرة بها بعض الغيرة التى لم يتمكن من إخفائها أن مصر قادرة مثل دول متوسطة الحجم أخرى فى المنطقة من تحقيق طفرة فى النهضة. موسى لا يخفى إعجابا بتركيا وما حققه رجب طيب أردوغان وعبدالله جول من تطوير للنموذج والدور التركى وطرح إستراتيجية ذكية لهذا الدور، ولا يخفى متابعة قريبة لما تقوم به دولة متوسطة أخرى مثل إيران من جهد لجمع أوراق القوة فى يديها واحدة تلو الأخرى، ثم أنه وبالتأكيد لا يخفى رغبة فى أن يكون لمصر مثل ما لدى هاتين الدولتين وأكثر.
وبالنسبة لموسى فكل تقدم لمصر ليس أبدا ولا يجب أن يعتبر على حساب احد فى العالم العربى، بل على العكس يجب أن يكون لصالح العرب مجتمعين وأن يجير لذلك لأن «مصر فى قلب العالم العربى ولكن التحدى أمامها خطير جدا» لان التقدم المصرى هو دوما دليل على حيوية التطور العربى فى مجمله.
ويقول إن من حقه كمواطن مصرى أن يريد لبلده كل الخير والتقدم، آخذا فى الاعتبار أن مصر دولة عربية يجب أن تصوغ مشروعها ليكون مشروعا إقليميا وقوميا ووطنيا فى الوقت ذاته.
ولا يخفى موسى أنه يقرأ ويتابع «الجانب الجاد وليس كل ما يقال» حول الدور المصرى. ولا يخفى أنه يجد فيما يقرأ وما يتابع تعبيرا عن أن «هناك قلقا على المستقبل فى السنوات المقبلة وهذا القلق لا يمكن إنكار وجوده.. ولا يجب أن يعتبر هذا القلق موجها بالضرورة ضد النظام ولا ينبغى أن يكون مدعاة للحساسيات لأنه بالأساس تعبير عن مسيرة طبيعية لنشاط مجتمع محبط وراغب فى التطور وهذا طبيعى».
رسالة المطالبين بترشيحى وصلت
لكن ألا يعنى كل ما يقوله أنه يفكر ولو على تحسب فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إذا ما قدر له أن يجد الوسيلة القانونية للتوافق مع متطلبات دستورية تنص حسب تعديلات أدخلت على الدستور منذ نحو عامين على أن من يترشح لرئاسة الجمهورية لا بد أن يكون عضوا فى لجنة عليا لأحد الأحزاب السياسية المشروعة أو أن يضمن دعما واسعا من قطاعات تشريعية ونيابية؟ وهل بالفعل خاطبه البعض فى مسألة ضمه لأحد أحزاب المعارضة الكبرى لتمكينه الدستورى من الترشح؟ وهل يظن أنه إذا ترشح هو وترشح آخرون أمام جمال مبارك أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم الذى ترشحه التكهنات لخوض الانتخابات عن الحزب فى 2011 سيكون له أى فرصة فى النجاح؟ وإذا كان هناك من يدعمه وإذا كانت استطلاعات رأى رشحته وإذا كانت وسائل التحاور السياسى الحديثة مثل الفيس بوك تدعوه للترشح فلما لا وهو السياسى المصرى الذى له صلات دولية تشمل الغرب والشرق؟ هل يخاف موسى تبعات الترشح؟ أسئلة طرحتها عليه «الشروق» متتالية
يجيب موسى فى هدوء وتأنٍ «ليس لدى تفكير محدد فى مسألة الترشح للرئاسة ولكن من حق كل مواطن مؤهل أن يطمح لمنصب يحقق له الإسهام فى خدمة الوطن بما فى ذلك المنصب الأعلى، أى منصب رئيس الجمهورية... وهذا ينطبق على كما يمكن أن ينطبق عليك وكما يمكن أن ينطبق على جمال مبارك».
ويضيف «أعرف جمال مبارك.. وأعرف أنه شاب طموح وكفء، وأعلم رغبته فى المساهمة فى الحياة السياسية، وهذا من حقه كمواطن، إلا أن ظروفه طبعا ظروف خاصة واستثنائية.. والتقيته فى بعض المؤتمرات الدولية وأراه يؤدى دورا جيدا فى التعبير عن سياسات الحزب الحاكم فى مصر وتوجهاته»
ويضيف موسى «إنى مقدر للثقة التى يعرب عنها العديد من المواطنين عندما يتحدثون عن ترشيحى وهى ثقة أعتز بها كثيرا، وأعتبر أن بها رسالة لاشك أنها وصلتنى». وأضاف «ولكن اتخاذ قرار فى هذا الشأن يخضع لاعتبارات عديدة.. ومازلنا بعيدين بعض الشىء عن اتخاذ أى قرار فى هذا الشأن».
وينفى موسى أن لديه خشية من اتخاذ أى خطوة سياسية ويقول «ليس لدى على الإطلاق ما أخسره أو أخشاه من اتخاذ موقف من أى موضوع يتعلق بمصر بوصفى مواطنا مصريا».
وماذا سيفعل موسى عندما يغادر الجامعة العربية، إذا لم تكن لديه رغبة فى الاستمرار فى العمل السياسى بعد منصبه الراهن؟ هل سيكتب مذكراته مثلاُ التى قال البعض إنه لا يريد أن يكتبها خشية إثارة حفيظة البعض الذين قد يحتاج دعمهم إذا ما ترشح للرئاسة؟ يجيب موسى «لم أكتب مذكراتى بعد لأننى لا أجد الوقت لكتابتها وليس لأننى أخشى نشرها.. وسوف أكتبها فور أن أتقاعد عن العمل الرسمى، وهى مسألة شهور.. وأفكر من الآن أنها ستكون فى جزءين أولهما عن الحياة وثانيهما عن السياسة» وتطورات إقليمية لم تتبلور بعد وإن كان موسى يرجح أنها سوف تتبلور فى الأعوام القليلة المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.