محافظ الإسكندرية يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 ويدعو للمشاركة الإيجابية    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 10-11-2025    جامعة كفر الشيخ تستقبل طلاب ريادة الأعمال الجدد وتكرم المتميزين    الدفاع المدني بغزة: نواجه كارثة حقيقية حال عدم إدخال مستلزمات الإيواء    محكمة بباريس تعلن أن ساركوزي سيُفرَج عنه تحت المراقبة القضائية    ترامب لفاراج عن أزمة BBC: هل هذه الطريقة التي تعاملون بها أفضل حلفائكم؟    إلغاء المئات من الرحلات الجوية في أمريكا في ظل الإغلاق الحكومي    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    أحمد الكاس يعلن تشكيل منتخب مصر أمام إنجلترا في كأس العالم للناشئين    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    تحديد موعد مباريات قبل نهائي دوري مرتبط السلة للرجال    توافد الناخبين بعد انتهاء ساعة الراحة فى لجان إمبابة    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    الداخلية تكشف حقيقة سكب سيدة مادة كاوية على أخرى فى الشرقية    بعد تصريحاته في الجزائر.. شاهد اعتذار ياسر جلال للمصريين: كنت غلطان    فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    «درس أرنولد ومعانقة الذهب».. قصة ظهور زيزو الأول ضد الزمالك    فيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    «السياحة»: المتحف المصري الكبير يستقبل 12 ألف زائر منذ صباح اليوم حتى الآن    بدور القاسمي تشهد إطلاق كتاب الشارقة: عاصمة الثقافة    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    سفير مصر بالمغرب يحتفل بتكريم ليلى علوي في مهرجان الرباط الدولي    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة فى «المصرى اليوم».. مغامرة.. قلبها حديد.. وساعات تخاف

هناك دائما حالة تحد أمام المرأة فى مهن بعينها.. لأن هناك تشكيكا فى قابليتها وقدرتها على التصدى لكل ما تتطلبة هذه المهنة مما يدفعها فى النهاية لمحاولة ليس فقط الإجادة بل أكثر من ذلك تخطى الحدود واختراق كل المناطق المحظورة لإثبات أنها قادرة كصحفية ليس على ما يقدر عليه الصحفى بل مالا يقدر عليه.. لكن علينا أن ندرك أن المرأة وهى تخوض أى مغامرة صحفية تفعل ذلك بشكل مختلف تماما.. بعقل وقلب وفكر امرأة فى النهاية بل بظروف مختلفة تماما أيضا..
وإذا ما تأملنا كل ما فعلته بنات «المصرى اليوم» فى 2009 لأدركنا أن الصحفية فى النهاية غير الصحفى لأنها تتحمل عبء ظروف أصعب ومع ذلك تحقق الانفراد وإلا ما الذى يدفع «ريهام العراقى» وهى حامل فى شهورها الأولى إلى دخول عنابر مستشفى حميات العباسية ثم وهى فى شهورها الأخيرة وعلى وشك الوضع إلى تسلق جرار قطار وهو نفس ما دفع «دارين فرغلى» إلى رفض طلب زميلها بالبقاء فى اللانش وقررت أن تقفز إلى قارب يتمايل ويوشك أن يهبط إلى القاع..
وهو أيضا ما دفع «سماح عبد العاطى» إلى مغامرة بيع كليتها وفاطمة أبوشنب إلى تعريض نفسها لخطر الإصابة بأنفلونزا الخنازير وشيماء عادل إلى الاعتصام ليلا مع المعتصمين و«نيرة الشريف» إلى دخول مغارة اغتصاب الفتيات..
إنها الرغبة فى تحدى التشكيك الدائم فى قدراتها مثل هذا التحدى هو ما يدفع مها البهنساوى إلى الخوض فى الجير الحى قاتل الخنازير والعودة إلى الجريدة بصندل مقطوع والجير يغطيها.
مثل هذا التحدى هو الذى يجعلها تنسى أنها امرأة وتثبت أنها صحفية لا تؤدى عملها فقط بل تحقق الانفرادات التى تجعلها تحصد الجوائز الصحفية كما فعلت هبة عبدالحميد وولاء نبيل اللتين حصلتا على جائزة «دبى للصحافة العربية بل كانتا أصغر من حصل على هذه الجائزة فى المنطقة..
هذا التحدى لا تواجه به المرأة ظروفها وحسب، بل تواجه به نفسها فهى أولا وأخيرا إنسانه يغزوه الخوف وهى أم وزوجة عندما تواجه الخطر يقفز وجه زوجها وأطفالها ليحتل رأسها وتتخيل حالهم دونها. هذه المشاعر كلها التى سكنت «نشوى الحوفى» وهى وحيدة ليلا فى «درسدن» إلا من خوفها.. مفتاح الصحفية أنها امرأة وابنة وزوجة وأم لكنها رغم كل هذا تصمم على أن تكون صحفية تحقق الانفرادات.. المفتاح هو تحديها لكونها امرأة وللصورة النمطية لذلك.
شيماء عادل: «معايشات» ب«أوردر» من رئيس التحرير
قبل أسبوع اتصل بى أحد زملائى فى قسم الأخبار، وأخبرنى أن رئيس التحرير سأل عنى وعلامات الغضب مرتسمة على وجهه، وكنت وقتها فى إجازة مرضية، إلا أن الأسئلة بدأت تدور فى خاطرى «ياترى رئيس التحرير عاوزنى فى إيه؟ خيراً اللهم ما اجعله خير».
لم أجد أمامى وقتها سوى الاستعانة ببعض زملائى المقربين، لعل أحدهم يكون على علم بالأمر، وكانت ردودهم واحدة «أكيد عايزك فى معايشة ياهانم، انتى نسيتى إن عمال «أمونسيتو» بقى لهم 10 أيام معتصمين»، أخذت ردودهم على محمل الضحك، إلا أن الضحك تحول إلى حقيقة فى مكتب رئيس التحرير، قائلاً «انتى إزاى سايبة عمال أمونسيتو بقى لهم 10 أيام من غير ما تتحركى». نظرت إليه مبتسمة ولسان حالى «دى سادس معايشة أعملها فى أقل من 6 شهور، مابين اعتصامات خبراء وزارة العدل وعمال طنطا للكتان وأخيراً عمال «أمونسيتو».
فالمعايشة معناها قضاء يوم كامل مع المعتصمين وكأنك واحد منهم، تجلس بينهم وتستمع إلى مشاكلهم، وتبيت معهم على رصيف أو سلم أو شارع أسفلتى لايفصلك عنه سوى قطعتى كرتون أو قماش، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، ثم التوجه بعد ذلك إلى الجريدة ونقل ما رصدته عين الصحفى وكاميرا المصور إلى موضوع صحفى متكامل، يشعرالقارئ بأنه عاش ليلة اعتصام.
ربما يعتقد البعض أن الصعوبات التى تواجه صحفية أثناء معايشتها لاعتصام، هى المبيت خارج منزلها لمدة يومين متواصلين وماينتج عنه من إجهاد بدنى أو تعرضها لمضايقات الشارع، ولكن الصعوبة الحقيقية كانت فى الانتقادات التى وجهها زملاء من داخل المهنة «إزاى بنت تبات فى الشارع وسط عمال»، متناسين أن بلاط صاحبة الجلالة لايحكمه قيود تفرق بين «بنت وولد»، وإنما يفتح ذراعيه أمام العمل الصحفى الجيد.
ريهام العراقى: «جت سليمة والحمد لله»
كانت كلمات الطبيب المتابع لى تتردد فى أذنى، وهو يؤكد على ألا أتعرض لأى مجهود زائد حفاظا على طفلى الذى كان لا يزال ينمو فى أحشائى، تذكرت تلك الكلمات جيدا بينما كنت فى طريقى لتغطية حادثة إصابة ناشئى الزمالك بفيروس أنفلونزا الخنازير داخل عنابر مستشفى حميات إمبابة، وكيف كان على أن أقترب منهم وأحادثهم لأحصل على تفاصيل كيفية إصابتهم بالفيروس، ولم أتردد ثانية فى أن أذهب بعد هذا اليوم لإجراء التحاليل اللازمة والتأكد من عدم إصابتى بالمرض، «وجت سليمة الحمد لله».
مرت الشهور سريعة وجاءت أزمة حوادث القطارات، وفكرت فى إجراء معايشة لأحد السائقين داخل جرار قطار، كانت المغامرة محفوفة بالمخاطر، فمن جانب هذا ممنوع لوسائل الإعلام، والجانب الآخر أننى أصبحت فى شهرى السابع وعلى أن أتسلق للصعود إلى كابينة السائق، الجانب الأول اعتدت عليه فى معظم تغطياتى الصحفية،
أما التسلق فكان من الممكن ألا أعيره اهتماما إن لم أكن «حاملا»، وما هى إلا ثوان معدودة حتى كنت داخل الكابينة أنا وزميلى المصور «أحمد المصرى»، تحدثت مع السائق ورصدت الأوضاع داخل الجرار، ولكننى سمعت أصواتا تقترب منا، وعرفت منها أن أحد الضباط اكتشف أننا بالداخل، فكان علينا أن نهبط من مكاننا وبسرعة، نظرت إلى الأسفل فوجدت المهمة أقرب إلى المستحيلة، فالصعود كان أسهل مائة مرة من النزول، وما كان يزيد من قلقى أن على أن أحمل حقيبة زميلى المصور حتى لا يشك فيه أحد، توكلت على الله واستندت على بعض القطع الحديدية للنزول، وكنت كلما نظرت إلى الأسفل شعرت بدوار شديد، ولكن «جت سليمة والحمد لله» وأتممنا مهمتنا بنجاح. كل تلك التفاصيل مرت على كشريط سينمائى وأنا أحتفل مع أسرتى ب«سبوع» مولودى الجديد.
دارين فرغلى: عشان عيون الاستقصائى
مين يصدق إن مياه الشرب التى نشربها بها كل الملوثات الحية والميتة؟ هكذا كانت المعلومة، وهكذا انطلقنا أنا وهشام علام على المياه المعنية.. نفحص وندقق ونمحص ونأخذ عينات وتحاليل.. نرتدى قفازات ونأخذ حذرنا فى مركب يتمايل بنا وسط مياه ملوثة.
لا أعرف لماذا أغامر فى مهمة كتلك قد أخرج منها بعدوى. ولكننى أعرف..أعرف قيمة آن تبحث عن الحقيقة من أجل ناس لا تعرفها، أن تذوب فى كل دقيقة تحصل فيها على معلومة جديدة تمنح الأمل فى القدرة على التغيير والتحسين والإصلاح.
أعرف أيضاً أن الإحباط قد يكون رفيقى حينما يصدر تكذيب من الجهة المسؤولة عن التلوث يكذب التحاليل الرسمية، وهو ما يعنى أنه لا أمل فى الإصلاح. أتساءل لماذا أصررت على ركوب المركب والنزول فى المياه إذاً؟
مها البهنساوى: الجير الحى لقتل الخنازير.. وتدمير حذائى
مازال زميلى على زلط يتذكر أول مرة ذهبنا فيها سويا لتغطية تطهير زرائب الخنازير بمنطقة «الخصوص»، فبعد خطوات بسيطة من دخولنا المكان فوجئ بى أخطو نحو أحد أركان الشارع، بعد أن أصابتنى حالة من الدوار والقىء الشديد، فهناك لا يمكن الفصل بين رائحة الخنازير نفسها، وأكوام القمامة المنتشرة فى كل أرجاء المكان، ومع مرور الوقت وبدء تنفيذ قرار إعدام الخنازير اقتصر عملى فى البداية على متابعة المجازر، ومن هنا لاحظت عدم دخول أى «خنزير» من منطقة الخصوص إلى المجازر، بالرغم من تصريحات المسؤولين ببدء تنفيذ مرحلة الإعدام لها، وهو ما دفعنى لأن أتناسى تجربتى المريرة مع الخنازير فى المشهد الأول وأتقصى رحلة تنفيذ إعدامها.
لم أشعر بالدوار هذه المرة، فالمشهد كان جديرا بالمشاهدة، مئات الخنازير يتم حملها عبر «لودر» ينقلها فوق بعضها فى سيارات نقل كبيرة، منها ما يجرى فى كل مكان، وأخرى ماتت فى السيارة بسبب تكدسها فى مساحة ضيقة، توجهت مباشرة إلى مدفن أبوزعبل ولا أخفى عليكم سرا فلم أكن وقتها مستعدة لتلك المغامرة التى أدت إلى تآكل حذائى الذى تقطع تماما بعد السير لمسافة كبيرة فوق طبقات الجير للوصول إلى المدفن، والتأكد من دفن الخنازير حية دون ذبح.
نشوى الحوفى: الخوف فى ليل دريسدن
لم يكن الذهاب لدريسدن الألمانية فى المرة الثانية كالأولى.. الثانية كنت بمفردى بدون أى من صديقاتى وزميلات العمل منى الشاذلى وإسلام ماهر وجمانا جودت.
4 أيام بمفردى فى دريسدن، مدينة قاتل المحجبة. «يا لهوى» ما هذا الرعب. ما علينا وصلت برلين يوم الاثنين الساعة 9 مساءً ولحقت بالقطار المتوجه لدريسدن الساعة 9.30، وصل المدينة المظلمة الباردة الساكنة فى الساعة 11.30. خرجت من القطار وأنا أشعر بصوت قلبى يدب فى صدرى بشدة.
لا أحد فى الشارع سوى فتاة ألمانية رافقتنى الرحلة من برلين. كان الاتفاق مع زوجى «رائف» لطمأنته أن اتصل بالمهندس طارق الشربينى شقيق مروة والأستاذ خالد أبوبكر محامييها، لانتظارى خوفا علىّ من السير بمفردى فى تلك المدينة التى قتلت فيها امرأة لكونها محجبة فى قلب المحكمة وبحضور زوجها، فما بالك بالليل وبمفردها ولا تعرف الألمانية «..تلطم بقى..»
كانت المدينة تموت فى الهدوء، خرجت خارج المحطة ومعى عنوان الفندق مكتوب فى ورقة أتمسك بها فى يدى، جرجرت حقيبتى وأشرت لتاكسى من أمام المحطة، فى ثوان كان أمامى يفتح حقيبة السيارة ويضع فيها حقيبتى. شعرت بالرعب يسرى فى عروقى بدلاً من الدماء وأنا أوجه له الشكر وأكرر على مسامعه اسم الفندق..
والسبب أن السائق كان الخالق الناطق شبه المتهم قاتل مروة الشربينى.. يا ليلة وحلة.. تجسدت أمام عينى صورتى غارقة فى دمائى وزوجى وابنى وبنتى يبكوننى فيلم هندى.. هندى.. على شوية ماليزى يعنى.. ومن شدة الرعب نظرت للسماء وحادثت الله قائلة: «يا رب هو ما فيش غير الغربة أتقتل فيها.؟»
المهم أخذت أكرر كل الأدعية التى أعرفها، وأقول لذاتى إن هذا هو جزاء من لا تتربع وتتستر فى بيتها مع ولادها. المهم.. وصلنا الفندق وكان بجوار المحكمة وبيت مروة والقاتل أيضاً..يا صلاة النبى أحسن.. أه.. لأ وزاد الأمر أن الفندق بنى على طراز مبنى «الجستابو» مقر المخابرات الألمانية فى عهد النازية. فالإضاءة فى الأدوار لا تعمل إلا عند مرور شخص فى الممر، وغير هذا فالطرقات مظلمة.
حتى الأبواب تفتح بمفردها بمجرد وصولك أمامها.. أصل الحكاية كانت ناقصة رعب.. طبعاً لم أنم. «مين يجيله نوم يا قلبى فى 4 ليالى حلوة».. ظل التليفزيون مفتوحاً حتى الصباح والحقيبة خلف الباب، والنور مضاء. هكذا أمضيت 4 أيام . اللطيف إن المصريين اللى كانوا يحضروا الجلسات كانوا بصروا يوصلونى فى نهاية اليوم للفندق حتى لا أسير بمفردى.. لا أعلم لماذا مع أننى لم أكن خائفة؟!
فاطمة أبوشنب: مع أنفلونزا الخنازير..كلاكيت أول مرة
كان علىَّ أن أذهب لمحاورة أول أسرة يتوفى فيها طفل يشتبه فى أن يكون بسبب فيروس أنفلونزا الخنازير. ذهبت مع زميلى المصور للعنوان، فى البداية رفضت الأسرة ثم عادت وسمحت لنا بالدخول والحديث، وفجأة جاءت الأم تبكى وتطلب منا المغادرة مكررة على سمعى أن الصحافة لا تسعى إلا للإثارة. هدأتها فحكت لى القصة.. بكيت معها وأنا لا أعرف ماذا أقول.. أم مكلومة على طفل لم يرتكب أى ذنب فى الحياة.
طلبت ألا ننشر الصور فوعدتها والتزمت بما وعدت.. وخرجت من عندها أستشعر حالة من التعب.. فبدأت الوساوس تسيطر علىَّ بأننى قد أخذت العدوى.. يا نهار نهار.. عدت للجريدة وبدأت فى الكتابة ثم عدت وبدأت أغسل يدىَّ أكثر من مرة. كنت أسأل زملائى عن الأعراض.. ولكن الحمد لله كان إنذاراً كاذباً.
هبة وولاء: الرعب فى النفايات والجايزة كمان
يوم 12 مايو 2009 يوم تناسينا فيه نحن الاثنين كل ما مر بنا أثناء قيامنا بعمل هذا التحقيق عن نفايات المستشفيات. كنا فى دبى وسط كوكبة من ألمع نجوم الصحافة العربية ونحن أصغر الموجودين سناً وبالطبع خبرة، ولكننا كرمنا كالكبار.
ومُنحنا جائزة الصحافة البيئية عن موضوعنا «موظفون فى الصحة يهربون النفايات الطبية الخطرة إلى ورش تصنيع الأطباق وعلب الزبادى» نسينا فى ذلك اليوم كل مخاوفنا وقلقنا الذى سيطر علينا ونحن ننفذ هذا التحقيق حتى أننا أخفينا على أسرنا ما نقوم به حتى لا يصيبهم القلق علينا.
كنا نخشى انتقام الموظفين الذين فضحنا سرهم، ونخشى الإصابة بالمرض. ولكن يوم الجائزة كان له طعم آخر..نتمنى أن يتكرر. خاصة أنه منحنا التعيين فى «المصرى اليوم».. صحيح بعد عدة أشهر من الوعود ولكن طولة العمر تبلغ الأمل.
سماح عبد العاطى: «إيه رأيك تمثلى دور واحدة بتبيع كليتها؟»
بدت المغامرة التى اقترحها الزميل على زلط خطيرة إلى أبعد الحدود، غير أنها كانت السبيل الوحيد كما رأى «على» وقتها للنفاذ إلى شبكة لتجارة الأعضاء البشرية تتخذ من خلف محكمة وقسم شرطة إمبابة مقراً لها.. لم أفكر كثيراً بل أجبت على الفور «موافقة طبعاً»..
كان علىّ أن أتقمص دور فتاة رقيقة الحال تدفعها ظروفها الصعبة لبيع كليتها حتى أستطيع النفاذ للشبكة، وكان على «على» أن يراقبنى من بعيد خطوة بخطوة وبصحبته مصور يسجل لقاءاتى التى تعددت مع السماسرة.. لن أكتب عن المخاطر التى تعرضت لها على مدار عام كامل ولكنى سأكتب عن سيدة مصرية صغيرة السن.. ابتليت برقة الحال، كما ابتليت بداء الفشل الكلوى..
قُضى عليها أن تنظر للحاضر بمرارة، وللمستقبل بريبة بعد أن هجرها زوجها مع ابنتها الوحيدة عقب علمه بحقيقة مرضها، وكنت أنا بالنسبة لها طوق النجاة الذى سيعود بها مرة أخرى لشاطئ ترسو عليه بعد سنوات طويلة من الضياع وسط دوامة المرض.. كانت المتلقية، وكنت البائعة، غير أنها لم تتلق، ولم أبع أنا.. من أجلها، ومن أجل آلاف غيرها غامرت، وأجريت التحقيق دون أن أتوقف لحظة أو أنظر للوراء.
نيرة الشريف: المغامرة فى المغارة
على مدار عام ونصف أتابع مشكلات أطفال الشوارع والموضوعات الخاصة بهم.. لم يكن هذا اختياريا لحد ما لكن المشكلات كانت تفرض نفسها بقوة، فبدءا من تعرضهم لعصابات بيع الأعضاء البشرية، مرورا ببيعهم لأطفالهم، وصولا إلى حوادث اغتصابهم، بطريقة أقل ما يقال عنها أنها وحشية، كان كثير من الفتيات يرددن موضوع المغارة إلى أن بدأنا نلتفت إليه فى إحدى مرات الحديث مع إحداهن، ولأبدأ رحلة سماعهن والجلوس مع أكبر عدد من الفتيات اللاتى تعرضن لهذا الأمر والحصول منهن على أكثر التفاصيل الممكنة..
مرورا بالنزول مع زميلى المصور محمد معروف قبل نشر الموضوع لنبحث عن مكان المغارة وفقا لوصف الفتيات تارة عن طريق تأجير مركب فى النيل ومسح مكان الكوبرى لرؤية المداخل الممكنة من أسفل، وأخرى من على الكوبرى ذاته لمعرفة المداخل الممكنة لبطن الكوبرى من أعلى..
وصولا إلى تطوع أحد أزواج الضحايا لإرشادنا لمكان المغارة بعد نشر الموضوع مع زميلى المصور حسام فضل لندخلها معه بعد كثير من الحركات «البهلوانية» للوصول إليها من تسلق نتوءات ترابية والانحناء أسفل الكوبرى للوصول إلى الغرف التى يتم فيها حوادث الاغتصاب ونقوم بتصوير المكان من الداخل ورصد الأدلة..
لم يكن سهلا سماع الفتيات وهن يقصصن ما حدث لهن ودفعهن للكلام أصلا وهن متشككات فيك وفى هدفك لسماع هذا الكلام منهن.. ثم رحلة البحث عن المغارة قبل نشر الموضوع وبعده.. انتهى موضوع المغارة بإغلاقها والقبض على الجناة وتقديم الاستجوابات فى المجلس ضد وزير الداخلية ووزيرة الأسرة والسكان.. لكنها على أى حال كانت صورة واحدة وشكلاً واحداً من أشكال الانتهاك التى تحدث طوال الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.