تعقد أحزاب المعارضة التى شكلت ائتلافاً ديمقراطياً (الوفد والتجمع والناصرى والجبهة) مؤتمرها غداً لمناقشة موقفها تجاه التعديلات الدستورية بعد أيام على إعلان البيان الأول للائتلاف الذى شُكل برئاسة د. محمد البرادعى تحت اسم (الجمعية الوطنية من أجل التغيير). ولا يوجد اختلاف جوهرى بين مضمون بيان الجمعية الجديدة وورقة الأحزاب (أو ورقتيها لأن الورقة «المنفصلة» التى قال الحزب الناصرى إنه سيقدمها ليست خاصة به، وإنما هى الورقة التى قام على أساسها الأئتلاف بينها العام الماضى). وإذا كان من فرق فهو أن ورقة الأحزاب المعدة لغرض هذا المؤتمر تقدم تصوراً أكثر تفصيلاً وأوسع نطاقاً لما تعتبره تعديلات دستورية عاجلة، وتشمل تعديلات قانونية أيضاً. ولكن التوجه العام هو نفسه فى الورقة والبيان من حيث إن كلاً منهما معنى بمسألة الانتخابات بصفة أساسية ومهتم بالانتخابات الرئاسية فى المقام الأول دون إغفال المقومات اللازمة لإصلاح العملية الانتخابية بوجه عام. ومع ذلك، فليس متوقعاً أن تحظى ورقة الأحزاب باهتمام مماثل لذلك الذى لقيه بيان الجمعية. ويستطيع قادة هذه الأحزاب أن يجدوا أسباباً تريحهم لتفسير ذلك. ولكنهم يغفلون فى هذا الحال العامل الرئيسى الذى يضفى شيئا من الحيوية على «ظاهرة البرادعى» وما يقترن بها من أنشطة، ويحرم الأحزاب من مثلها. وفى إمكانهم أن يضعوا أيديهم على هذا العامل إذا تأملوا جيداً الحضور فى مؤتمرهم غداً. فأغلب الظن أنهم لن يجدوا شباباً بين هذا الحضور، بدءاً بمن يجلسون على المنصة فى أربع جلسات وعددهم 14 أصغرهم سناً فى أواخر الخمسينيات من عمره. ورغم أنه مازال فى هذه الأحزاب بعض الشباب، فإن أغلبهم فقدوا حماسهم. وكان اتجاه عدد من شباب بعض هذه الأحزاب لتأييد البرادعى تعبيراً عن المدى الذى بلغته مشكلتها مع الأجيال الجديدة. وهذا هو الفرق الرئيسى بينها وبين جمعية التغيير التى تعتمد أساساً على تأييد شباب أثار البرادعى إلهامهم وأعاد إليهم أملاً غامضا فى المستقبل بالرغم من أنه لم يقدم أى جديد لا على مستوى البرنامج السياسى ولا على صعيد أساليب العمل. وهذا هو ما يفترض أن يكون فى قلب اهتمام رؤساء الأحزاب الذين تعامل معظمهم مع ظاهرة شباب «الإنترنت» منذ بدايتها بطريقة خلقت نفوراً متبادلاً. وعلى هؤلاء الشباب، وغيرهم ممن لا يقيمون وزنا للأحزاب، فى المقابل أن يدركوا ما حدث لهذه الأحزاب التى حوصرت لفترة طويلة على نحو أفقدها الحيوية والقدرة الحركية وفرَّغها من معظم أعضائها الذين انضموا إليها فى بدايات تأسيسها. وما الصورة التى يرى هؤلاء الشباب الأحزاب عليها اليوم إلا نتيجة لمقدمات طويلة قد يلتمسون عذراً لهذه الأحزاب أو بعضها إذا عرفوها، دون أن يعنى ذلك تبرئتها من مسؤوليتها عن جانب من ضعف أدائها، وانغماسها فى صراعاتها الداخلية. فإذا أعاد قادة الأحزاب النظر فى موقفهم السلبى تجاه الشباب الأكثر نشاطاً اليوم فى حياتنا السياسية التى مازالت راكدة، وأدرك هؤلاء الشباب أن ما آلت إليه هذه الأحزاب هو جزء من التجريف الذى حدث فى مجتمعنا، يمكن أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة. فلا غنى عن الأحزاب مهما ظهرت أطر وتكوينات أخرى يمكن أن تكون إضافة لها وليس بديلاً عنها. ولا معنى لأحزاب لا تستند إلى قواعد شبابية متنامية، ناهيك عن أن تكون نظرة الشباب الأكثر نشاطاً إليها بمثل هذه السلبية. فحوالى 70 فى المائة من المصريين الآن هم أقل من 35 عاماً وفقاً للتعداد العام الأخير للسكان (2006). وبينهم أكثر من 16 مليونا فى الفئة العمرية من 20 إلى 35 عاماً. وهى الفئة التى يتوقف مستقبل مصر عليها. فهل يمكن أن تكون ورقة الأحزاب المطروحة فى مؤتمرها غداً نقطة انطلاق لحوار مفتوح قد يؤدى إلى تجسير الفجوة؟