وزير الري: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تُهدد استقرار الإقليم    وزيرة التخطيط: مصر في المرتبة الثانية ضمن أفضل الدول في مؤشر تقديم الخدمات العامة في قارة إفريقيا    معهد التخطيط القومي يشارك في مؤتمر أوروبي حول تعزيز دور العلوم في صنع السياسات    الجارديان: مؤتمر نيويورك حول فلسطين يتراجع عن هدف الاعتراف الفوري ويطرح خطوات تمهيدية    رئيس وزراء بريطانيا: مصادرة الأصول الروسية مسألة معقدة    الأمم المتحدة: أكثر من مليونى شخص يفتقرون لأساسيات البقاء على قيد الحياة فى غزة    بعد الهجوم الأوكراني بالمسيرات على أسطول القاذفات الروسي.. "سي إن إن": الولايات المتحدة معرضة لنفس الهجمات    ريال مدريد يعلن موعد تقديم صفقة ألكسندر أرنولد    مونديال الأندية.. طبيب الأهلي يطمئن ريبيرو على جاهزية جميع اللاعبين    مصدر بالزمالك : الاتفاق مع سانتوس على قيادة الفريق في الموسم الجديد    اجتماع لوكيل تعليم الدقهلية عبر تقنية الفيديو كونفرنس مع المشرف العام على امتحانات الثانوية العامة    بحوزته هيروين.. المشدد 6 سنوات لعامل لاتجاره بالمخدرات بشبرا الخيمة في القليوبية    عودة التعاون بين منى زكي وكاملة أبو ذكري بتوقيع شاهيناز العقاد    أحمد عبد الحميد ينضم إلى أبطال مسلسل "ابن النادي"    إعلام إسرائيلى: إصابة جنديين برصاص قناصة فى خان يونس جنوبى قطاع غزة    «مدبولي» يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير    نجاح فريق طبي بالقصر العيني في إجراء جراحة باستخدام ECMO    إصابة طالبة بطلق نارى بالبطن نتيجة عبث شقيقها بالسلاح الناري بدار السلام بسوهاج    القصف لا يتوقف.. مجزرة جديدة للاحتلال قرب مركز للمساعدات في غزة    تنفيذا للتوجيهات الملكية.. وصول دفعة جديدة من أطفال غزة لتلقي العلاج في الأردن    الصحة: ميكنة 11 مركزًا لخدمات نقل الدم القومية وتعزيز البنية التحتية    فتح التقديم لمسابقة إيفاد الأئمة والقراء والمؤذنين إلى الخارج    توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لتحقيق الأمن الغذائي المصري    ترامب يقول إن ثقته تتراجع بشأن التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    تقرير: النصر يسعى لضم مدافع بايرن    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كرة السلة.. الاتحاد السكندري يواجه بترو دي لواندا بنصف نهائي ال «BAL 5» الليلة    9.4 مليون عملية سحب من ماكينات ATM بالبنك الأهلي المصري    الرئيس السيسي يتابع معدلات تنفيذ مشروعات المرحلة الأولى بمبادرة «حياة كريمة»    بني سويف تستقبل 12 زائرا ضمن فوج من السياح الألمان فى جولة على الممشى السياحى    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    «كادوا أن يتسببوا في كارثة».. «عفاريت الأسفلت» في قبضة الشرطة    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    "حماة الوطن": نواصل اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة    «المشروع X» يحتل صدارة الإيرادات ويتفوق على «ريستارت»    قصور الثقافة تعرض «بيت العز» بكفر الشيخ ضمن مشروع المسرح التوعوي    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    المفتي الأسبق يوضح مراحل طلب العلم    بعد صدوره رسميا، تعرف على عقوبة إصدار الفتوى الشرعية بالمخالفة للقانون    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وأعمال التطوير بكلية التربية النوعية    متحور نيمبوس.. سريع الانتشار وأقل خطورة    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    زيزو يكشف سر تسديده ركلة الترجيح الأولى للأهلي أمام باتشوكا    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاملت أبو إسماعيل: أمريكية أم ليست أمريكية؟
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 04 - 2012

قلت في نفسي: أي خيال ذلك الذي أبدع شائعة حصول أم حازم صلاح أبو إسماعيل على الجنسية الأمريكية؟
كان ذلك قبل أيام قبل أن يتطور الجدل ليتضح أنها على الأقل ليست مجرد شائعة وتستمر محاولات للتحقق من الأمر تكاد تصل إلى نهايتها لتحسم مشاركة المرشح الأكثر إثارة للجدل عن سباق الرئاسة أو إقصائه إن كانت أمه قد حصلت بالفعل على الجنسية الأمريكية.
في أول مقال كتبته هنا قلت إن ما أفهمه من الثورة أن ما حدث ويحدث هو ببساطة، وبكل تعقيد، أن الخيال يسقط الواقع ويسحله في شوارع القاهرة. وها هو الخيال يواصل رحلته.
ما قلته يبدو لي أحيانًا من قبيل المديح الرومانسي للثورة، ولكني الآن أفكر أنه ربما كان مفتاحًا للفهم الجدي لما يحدث، إن تقبلنا أنه في الثورة وفي اللحظات الفارقة ينفلت الخيال المريض أيضًا من عقله وينطلق إلى غايته.
حملة «أبو إسماعيل» ومن فيها هم الأكثر إخلاصًا إلى «الخيال الإسلامي الشعبي» بالكثير من طموحاته وأمراضه. لا أنكر أنني أقدر جدًا بلاغتهم في صياغة الشعار الأفضل لحملة رئاسية: «سنحيا كراما!» بالإضافة إلى «ادركوا اللحظة الفارقة». هي شعارات لا تخلو من الخيال الثوري، ومن المؤسف جدًا أن وراءها خيالات مختلفة تكاد تهدد الكرامة واللحظة الفارقة بالتحول إلى كارثة ولحظة بالغة الأسف لكثيرين، يهددهم المشروع الحازمي بالوقوع في الأسر التربوي لدولة حازم «المحترمة» ومتاهاتها الممزقة بين الخيال الثوري والخيال التسلطي البائس المشبع بنظرية المؤامرة.
خيال المؤامرة هو الأكثر خصوبة. فبالرغم من أن عائلة حازم أبو إسماعيل نفسه لجأت، مثل عائلات إسلاميين كثيرين، إلى الولايات المتحدة بوصفها بلدا يتمتع بقدر من احترام الإنسان، رغم أنه قد يهنيها في مقامات أخرى، وبالرغم من أن هذا البلد على الأقل وبلدانًا أوروبية أخرى كانوا ملاذًا لإسلاميين من بطش حكومات بلدانهم، إلا أن ذلك لم يشفع ذلك لكثيرين منهم لكي ينظروا بشيء من التقدير للإنجاز الإنساني المتمثل في احترام حقوق الإنسان في حق فئة تضم من بينها – من وجهة نظر هؤلاء الغربيين المتآمرين على الأقل - «مجاهدين» يناضلون من أجل بناء نظم حكم لا تراعي حقوق الإنسان في بلادهم!
بدلا من خيال المؤامرة يلزم خيال آخر يرى في هذه الدول كما عندنا تيارات بعضها يريد الهيمنة بالفعل ولكن بعضها الآخر يتطلع للحرية ويفكر في أن طريقها واعر، وربما يتضمن التضامن مع أعدائها وهم في موقع المظلوم والمعتدى عليه.
خيال المؤامرة ينطلق وينتصر في النهاية، فيستخدمون أراضٍ هذه الدول وحرياتهم عليها وما يتيحه لهم احترام حقوق الإنسان في هذه الدول كرخصة عديمة المعنى وكأنها بعضا من حماقة العدو الغربي الذين لا يرون فيه غير متآمر مهووس بمعاداة الإسلام.
العدو الغربي المهووس بالعداء للإسلام كان يداعب الخيال المريض الذي ظن أن التعديلات الدستورية وضمنها ضوابط مرشحي الانتخابات الرئاسية تحاول أن تحمي مصر من الأصابع الخارجية التي لابد أنها وراء هؤلاء «العلمانيين» ومجموعات الشباب الذين كانوا في ميادين الثورة وتصدروا طليعة مسيراتها، لا يعقل أن يكون كل هؤلاء نزلوا خلف خيالهم إنهم في ثورة. لابد إذن من ضوابط تحاول أن تحميها من هؤلاء المرشحين عملاء الغرب.
لم يكن الخيال المريض لأي مؤمن بالمؤامرة، ولا لحكمة فضيلة حازم شومان أن تتخيل أن أم البرادعي مثلا يمكن أن تكون محجبة بينما «الليبرالية يا برادعي إن أمك ما تلبسش حجاب» أو كما قال شومان.
الشروط المتعسفة التي تجعل بإمكان والد أو والدة أي مرشح قادرا على نسف مشروعه بمجرد طلب جنسية أجنبية، اعترض عليها «العلمانيون» بينما وافق عليها الإسلاميون المنساقون وراء خيال المعركة مع الغرب والعلمانية وساقوا إليها جمهورهم، بدلا من أن يشتركوا في تخيل أن الثورة معركة مع التسلط والقيود التي تكبل حريات الناس وحقهم في المشاركة السياسية.
«الصناديق قالت للدين: نعم» كما قال الشيخ يعقوب. ولكن هذه ال«نعم» تهدد الآن المرشح الإسلامي الأكثر ثورية والأكثر إخلاصًا للمشروع الإسلامي بلا مواربة ولا اعتذارات للدرجة التي تخيف الإخوان عاشقي التدرج والإصلاحية. يبدو أن ذلك كان جزءا من أسباب ترشح خيرت الشاطر: لا يجب أن ندع المشروع الإسلامي المعتدل مهبًا لطموحات مرشحي «الفلول» والعسكر ولا لعنترية وثورية وهجايص أبو إسماعيل.
أول ما بدأت الأنباء عن احتمال تجنس أم حازم أبو إسماعيل بالجنسية الأمريكية، كانت المسخرة أن الخيال المريض الشعبوي المتخيل أنه يخوض معركة مع الغرب والعلمانية والليبرالية في التعديلات الدستورية هو نفسه الذي يعوق نفسه في معركة الرئاسة.
وبدلاً من الاعتراف بذلك ينطلق الخيال المريض إلى مداه، فيتخيل بعض أنصار أبو إسماعيل أن مجرد النقاش في أمر يخص أم المرشح والشيخ هو قلة أدب وكأن اسمها أو جنسيتها أو إجراء رسمي يخصها هو عورة نعرضها في الإعلام وعلى الإنترنت. ثم يصرح مسؤولو حملة أبو إسماعيل أنه لو ظهرت أوراق رسمية تخص تجنسها فستكون مؤامرة أمريكية على الإسلام!
بالإضافة لإشارة أبو إسماعيل نفسه أن «إمام مسجد بروكلين» الذي أكد في الإعلام أن أمه حصلت على الجنسية الأمريكية هو شاب شيعي أحد رجالات إيران!
ها هي المؤامرة المشتركة بين أمريكا وإيران على الإسلام السني تعود مرة أخرى بعد غياب، بعد دعمها لاعتصام التحرير قبل تنحي مبارك، وهذه المؤامرة تحديدا هي فخر إنتاج الخيال المريض.
لا بل يعبر الكثيرون من أنصار أبو إسماعيل أن ترشح خيرت الشاطر هو مؤامرة أخرى على المشروع الإسلامي من «الإخوان المسلمين» لتفتيت أصوات أنصار التيار الإسلامي.
لا شيء يوقف خيال أنصار أبو إسماعيل عن الاعتقاد في المؤامرة التي تختفي في حروف الكلمات والمواقف، واللحظة الثورية الفارقة تطلق لخيالهم العنان حتى لتصور إن الإخوان المسلمين يتآمرون على الإسلام ! ما الذي يمكن لآخرين أن يقولوه؟
كيف يمكن لأحد أنصار أبو إسماعيل أن يصدقني الآن لو قلت إنني ما زلت ضد نص التعديل الذي يحرم أبو إسماعيل من خوض الانتخابات، وكيف يمكن أن يصدقني أني مستاء جدًا لأن خيالات حملتهم الشعبية - التي أسبها وألعنها بوضوح في أول مقالي - لن تجد في ساحة الديمقراطية مكانًا لاختبارها وستعود إلى ساحة المؤامرة لتشفي غليلها، بدلاً من الاعتراف بأن الخيالات المريضة للمؤامرة في غزوة التعديلات الدستورية هي التي التقت في موعد مع القدر لتضعهم في «مأساة شكسبيرية» على غرار أزمة هاملت مع أمه التي جعلته يراجع موقفه الوجودي كله: «أكون أو لا أكون». وها نحن نرى في النهاية مرشحًا شعبيًا يجلس مع أنصاره في لحظات ترقب عصيبة تكاد تهدد مصير المشروع الإسلامي كله في انتظار معرفة حقيقة جنسية أمه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.