مسكن يتحدى الأورام.. دراسة تكشف مفاجأة لمرضى السرطان ب«إنزيمات تطلق شرارة الالتهاب»

قد يكون الإيبوبروفين، الذي اعتاد بعض المواطنين على تناوله لتخفيف الصداع وآلام العضلات، أكثر من مجرد مسكن للآلام، حيث وضعه بحث جديد منشور في مجلة «Nature Biomedical Engineering»، في دائرة الاهتمام كأداة قد تساعد على مواجهة السرطان، عبر فهم أعمق للصِلة بين الالتهابات المزمنة وظهور الأورام.
كيف يعمل الإيبوبروفين؟
ينتمي هذا الدواء لفئة العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، وتكمن مهمته في تعطيل إنزيمات تُعرف باسم «COX»، هذه الإنزيمات لها مساران، أحدهما يحمي المعدة ويُسهِم في تجلط الدم، والآخر يطلق شرارة الالتهاب الذي قد يقود لتحول الخلايا إلى سرطانية، فيوقف الدواء نشاطه ما يعني كبح إنتاج «البروستاجلاندين»، وهي مركبات تشعل الالتهاب وتساعد في نمو الخلايا غير السليمة.
بدوره، أكد البروفيسور ستيفن ويذرز، من جامعة كولومبيا البريطانية، أن النتائج الحالية تمنح الأطباء أملاً في تحسين الرعاية طويلة الأمد للمرضى، مشيرًا لموقع «ScienceAlert» إلى أن البحث العلمي يقترب خطوة من الاستخدام العملي لهذه الاكتشافات.
أبحاث تلفت الانتباه إلى علاج سرطان الرحم
ضمن مشروع أمريكي موسع حمل اسم «PLCO»، تم تتبع أكثر من 42 ألف امرأة بين 55 و74 عامًا لمدة 12 سنة، وكشف تحليل البيانات أن من اعتدن منهن على تناول 30 قرصًا من الإيبوبروفين شهريًا كانت احتمالية إصابتهن بسرطان بطانة الرحم أقل بنسبة 25% من اللواتي بالكاد تناولنه.
ولوحظ أيضًا أن التأثير الوقائي بدا أكبر لدى المصابات بأمراض القلب، ويعد هذا النوع من السرطان الأكثر انتشارًا في الرحم، ولا سيما بعد سن اليأس، وترتبط مخاطره بالسمنة والسكري والهرمونات.
وأشارت تجارب أخرى إلى احتمال امتداد الفائدة لتشمل سرطانات القولون والثدي والرئة والبروستاتا، حيث بدا أشخاص نجوا من سرطان القولون، أقل عرضةً لعودة الورم بعدما واصلوا تناول الإيبوبروفين، وظهر أيضًا لدى المدخنين دليل مبكر على انخفاض فرص الإصابة بسرطان الرئة.
ويعتقد العلماء أن سر ذلك يعود لإضعاف الالتهاب المزمن، ما يوقف نمو الورم أو يبطئه، خاصةً أن هناك دراسات كشفت عن تأثير الدواء في جينات مسؤولة عن نمو الخلايا الخبيثة، مما يجعلها أكثر تجاوبًا مع العلاج الكيميائي.
مخاطر الاستخدام دون إشراف طبي
ليس كل شيء يسير باتجاه واحد، إذ ربطت دراسات بين استخدام الأسبرين بعد الإصابة بسرطان الرحم وارتفاع وفيات بعض المريضات، خصوصًا ممن استخدمنه قبل التشخيص، كما أن عقاقير مشابهة رفعت من احتمالية الوفاة بالسرطان لدى فئات محددة.
في المقابل، رأت مراجعات علمية أن للأسبرين دورًا وقائيًا في بعض السرطانات، مع احتمال زيادة خطر سرطان الكلى عند تناوله بانتظام لفترات طويلة، ودفعت هذه الاختلافات الباحثين للتأكيد على أن العلاقة بين الالتهاب والمناعة والسرطان أكثر تعقيدًا مما يبدو، وتتداخل فيها الوراثة ونمط الحياة.
وشدد أطباء على عدم التهاون في تناول الإيبوبروفين بجرعات عالية أو لفترات طويلة دون استشارة المختصين، فالخطر قد يشمل قرحة المعدة ونزيف الجهاز الهضمي وتلف الكلى ومشكلات قلبية مثل الجلطات والسكتات، إضافة إلى تفاعلات دوائية ضارة مع مميعات الدم أو بعض أدوية الاكتئاب، وتستهدف التوصية الطبية مرضى القلب والكلى.