القاهرة تبدأ مباحثات «المرحلة الأصعب» في اتفاق وقف حرب غزة

تستعد القاهرة لجولة جديدة من مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وسط أجواء شديدة التعقيد سياسيًا وميدانيًا، حيث بدأت، أمس، مباحثات بين مسؤولين مصريين ووفد من حركة «حماس»، برئاسة خليل الحية، فى مرحلة وصفت بأنها «الأصعب» منذ دخول اتفاق وقف الحرب حيز التنفيذ فى 10 أكتوبر الجارى.
وتأتى هذه التحركات فى ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية للهدنة، وسقوط عشرات الشهداء، بالتوازى مع جهود الوساطة المكثفة التى تقودها مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا لتثبيت التهدئة ومنع انهيار الاتفاق.
وفى الوقت الذى تشهد فيه المفاوضات نشاطًا مكثفًا، وصل المبعوثان الأمريكيان ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، صباح أمس، إلى إسرائيل، قبل يوم من وصول نائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس.
وأفادت القناة 12، الإسرائيلية، بأن المبعوثين عقدا اجتماعا مطولا مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب فى غزة، لبحث المستجدات الميدانية والسياسية فى القطاع.
ونقلت صحيفة «هآرتس»، العبرية، أن الزيارة تهدف إلى التحضير لوصول نائب الرئيس الأمريكى ومناقشة ملفات المرحلة الثانية من خطة ترامب، التى تتضمن نشر قوة دولية لحفظ السلام فى غزة، وانسحابا تدريجيا للجيش الإسرائيلى، ونزع سلاح حركة حماس، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم، خلال الأيام المقبلة، تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن، لتشكيل القوة الدولية بدعم متوقع من فرنسا وبريطانيا وعدد من الدول العربية.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن حماس لم تخرق اتفاق وقف إطلاق النار حتى الآن، رغم الاتهامات الإسرائيلية للحركة بالمماطلة فى تسليم رفات بعض الجنود الإسرائيليين، فيما تتصاعد الانتقادات الحقوقية لما يُوصف ب «ازدواجية المعايير الدولية» فى التعامل مع ملف الجثامين.
وبينما تتحرك فرق إنقاذ دولية للبحث عن جثث جنود الاحتلال القتلى فى غزة، لا تزال أكثر من 9500 جثة فلسطينية مفقودة تحت أنقاض المنازل والمبانى المدمرة منذ عامين، وذلك طبقا لتقرير منظمات فلسطينية.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية «آفاد»، إرسال 81 فنيًا للمشاركة فى عمليات البحث، ما أثار موجة استنكار فلسطينية، وقال صلاح عبد العاطى، رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، إن تشكيل آلية دولية لانتشال جثامين الإسرائيليين يعكس ازدواجية وتجاهلًا لحقوق آلاف الضحايا الفلسطينيين، والاحتلال يمنع إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لعمليات البحث عن الجثامين، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى.
واعتبر إسماعيل الثوابتة، رئيس المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، أن هذا الملف من أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً وتعقيدا، مؤكدا أن معظم الجثامين المفقودة تعود لعائلات أُبيدت بالكامل داخل منازلها.
ودعا توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى إدخال جرافات وآليات ثقيلة للمساعدة فى انتشال الضحايا من تحت الركام، فيما طالب وزير الخارجية الفرنسى، جان نويل بارو، بفتح جميع المعابر والالتزام ببنود الهدنة.
ميدانيا، تواصلت الخروقات الإسرائيلية للهدنة، حيث قصف الاحتلال مناطق فى دير البلح وخان يونس ورفح، وأسفر القصف عن استشهاد 24 فلسطينيا و74 مصابا خلال 24 ساعة، وفق مستشفى «العودة»، فيما وثق المكتب الإعلامى الحكومى 80 خرقا منذ بدء وقف النار، بينها قصف مدفعى واعتقالات واستهداف مباشر للمدنيين.
وفى الضفة الغربية، توسعت اعتداءات المستوطنين فى الأغوار الشمالية، حيث بدأوا بتسييج أكثر من 4 آلاف دونم من الأراضى الفلسطينية، تمهيداً للاستيلاء عليها، وسط اعتقالات واقتحامات فى طولكرم ونابلس والخليل، أسفرت عن اعتقال 22 فلسطينياً وإصابة آخرين.