تباينت آراء الخبراء تجاه تأثير إقرار اتفاق السلام وأثره على الاقتصاد المحلى، فبينما رأى الدكتور على الإدريسى، خبير اقتصادى، أن إقرار السلام يفتح الباب أمام جذب الاستثمار وتخفيض معدل التضخم وإرجاء أى قرارات بشأن زيادة أسعار الوقود، رأت الدكتورة عالية المهدى عميد اقتصاد وعلوم سياسية الأسبق أن الاقتصاد يحتاج إلى إصلاحات هيكلية بعيدا عن الحرب. وقال الإدريسى إن التوصل إلى اتفاق سلام من شأنه أن يسهم فى استقرار المنطقة وهو ما ينعكس على الأداء الاقتصادى فى المنطقة ويسهم فى العودة إلى طبيعتها، وكذا يسهم فى تحسين أداء الاقتصاد المحلى وهو ما يظهر من خلال تراجع مستويات التضخم. وقالت «المهدى» إن خسائر الاقتصاد المصرى نتيجة حرب غزة اقتصرت على خسارة نحو 3 مليارات دولار من عائدات قناة السويس، ومن المتوقع عودتها فى حالة استقرار الأمور. وفيما يتعلق بوضع الاقتصاد المصرى، أوضحت أننا لم نتعرض لخسائر نتيجة الحرب، حيث حقق قطاع السياحة معدلات دخل كبيرة، كما أن تحويلات المصريين بالخارج لم تتأثر. وأشارت إلى أن الاقتصاد المصرى يحتاج إلى إصلاحات هيكلية وهذا غير مرتبط بالحرب على الإطلاق، مشيرة إلى ضرورة تحسين القطاعات الإنتاجية وأبرزها الزراعة والصناعة لزيادة الإنتاج وتحسين الجودة وتحقيق الاكتفاء الذاتى. وقال الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تتميز بالمرونة، وليست رؤية جامدة، إذ وضعت 3 سيناريوهات للتعامل مع مختلف الأوضاع، بما فى ذلك السيناريوهات الأسوأ التى قد تترتب على المتغيرات الإقليمية والدولية، وفى مقدمتها الحرب على قطاع غزة وتأثيرها على الاقتصاد. وأوضح «الفقى»، ل«المصرى اليوم»، أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى أعدت ضمن السردية الوطنية بروتوكولًا وخطة إصلاح اقتصادى تمتد ل5 سنوات، تستهدف معالجة التشوهات الموجودة فى هيكل الاقتصاد المصرى، وضمان تحسين مؤشرات النمو، وخفض معدلات التضخم، وتراجع الدين العام، فضلًا عن خلق مزيد من فرص العمل وتعزيز دور القطاع الخاص فى دفع التنمية. وقال الدكتور حسن يوسف على، أستاذ الاقتصاد الفخرى بجامعة ولاية أوهايو، رئيس مجلس أمناء منتدى البحوث الاقتصادية سابقًا، إن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التى أطلقتها وزارة التخطيط والتعاون الدولى، تتميز بقدر من المرونة، إذ تقوم على تحفيز دور القطاع الخاص، والتركيز على خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق استقرار فى المؤشرات الاقتصادية الكلية، وإن تخفيض التضخم ومعدل البطالة من أبرز أهداف السردية بما يحفز على رفع مستويات المعيشة. وأضاف، ل«المصرى اليوم»، أنه بغض النظر عن النتائج المحتملة لعملية السلام الحالية بشأن غزة أو أى أحداث جديدة فى المنطقة، فإن المهم فى المرحلة المقبلة هو وضع آلية واضحة لإعادة المتابعة والتقييم بشكل سنوى ودورى، حتى تراعى السردية أى متغيرات إقليمية أو دولية قد تؤثر على مسار الاقتصاد المصرى أو أولوياته التنموية. وأوضح الدكتور سعيد عبدالخالق، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، أن أى خطة أو رؤية اقتصادية تحتاج إلى مراجعة دورية فى كل مرحلة من مراحلها، مع متابعة دقيقة لعملية التنفيذ بما يتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية. وأكد «عبدالخالق»، ل«المصرى اليوم»، أنه من المهم أن تتم مراجعة الخطة كل ربع أو نصف سنة على الأقل، لقياس ما تحقق فعليًا ومقارنته بالأهداف الموضوعة، مع الأخذ فى الاعتبار التطورات الاقتصادية المتسارعة. وأشار إلى أن أولوية أى خطة اقتصادية حكومية يجب أن تتركز على دعم قطاع التصنيع، خاصة الصناعات التحويلية، وتقليل الاعتماد على الواردات بالتوازى مع زيادة معدلات التصدير، إلى جانب التوسع فى إنتاج المدخلات محليًا كلما أمكن، مؤكدًا أهمية الاهتمام بالقطاعين الزراعى والثروة الحيوانية كركيزة لتحقيق الأمن الغذائى وتقليل الضغوط على النقد الأجنبى. وأشاد خبراء وممثلون عن قطاعات النقل والتجارة وحماية المستهلك، باتفاق السلام ووقف الحرب، مؤكدين أنه خطوة مهمة نحو استقرار الأسواق العالمية وخفض تكاليف الشحن والطاقة، ما ينعكس إيجابًا على الأسعار فى السوق المحلية ويمنح المواطنين فرصة لالتقاط الأنفاس بعد موجات الغلاء الأخيرة. وقال أحمد الزينى، رئيس الجمعية التعاونية لنقل البضائع، إن اتفاق السلام ووقف الحرب فى المنطقة يمثل انفراجة كبيرة للاقتصاد العالمى، مشيرًا إلى أن أولى نتائجه ستتمثل فى تراجع تكاليف الشحن والنقل البحرى والبرى بعد شهور من الارتفاع غير المسبوق بسبب التوترات الجيوسياسية. وأوضح «الزينى» ل«المصرى اليوم» أن استقرار الأوضاع الدولية سيؤدى إلى تحسن حركة التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، وهو ما سينعكس على انخفاض أسعار المواد الخام ومدخلات الإنتاج، وبالتالى تراجع تكلفة النقل محليًا داخل السوق المصرية. وأضاف أن تراجع أسعار الوقود والبترول عالميًا سيُسهم بشكل مباشر فى خفض أسعار السلع الأساسية ومواد البناء، مؤكدًا أن هذا التطور يمنح الحكومة والقطاع الخاص فرصة لإعادة ضبط الأسعار وتحقيق توازن فى الأسواق. وأكد رئيس الجمعية التعاونية لنقل البضائع أن الفترة المقبلة قد تشهد انفراجة فى تكاليف التشغيل والنقل الداخلى، داعيًا إلى استغلال المناخ الإيجابى الناتج عن اتفاق السلام فى دعم الصناعة الوطنية وتوسيع الاستثمارات فى قطاع النقل واللوجستيات. وقالت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لحماية المستهلك، إن التوصل إلى اتفاق سلام ووقف الحرب خلال الأيام الماضية يُعد خطوة بالغة الأهمية نحو استقرار الأسواق العالمية، مشيرة إلى أن انعكاساته الإيجابية ستظهر بشكل واضح فى تراجع تكاليف الشحن والنقل وأسعار المواد الخام عالميًا. وأوضحت أن انخفاض أسعار البترول وتراجع تكاليف الاستيراد من شأنه أن يؤدى إلى خفض الضغوط التضخمية على المستهلكين محليًا، مؤكدة أن هذه التطورات تمنح الحكومة فرصة حقيقية لضبط الأسعار فى السوق المحلية وتخفيف الأعباء عن المواطنين خلال الفترة المقبلة. وأضافت أنه على الأجهزة الرقابية والجهات المعنية بالأسواق أن تتابع بدقة مدى التزام التجار والموردين بعكس تراجع الأسعار العالمية على السوق المحلية، حتى لا يستفيد الوسطاء فقط من الانخفاض دون أن يلمس المواطن أثر ذلك فى حياته اليومية. ولفتت إلى أن المستهلك المصرى يجب أن يكون المستفيد الأول من أى تحسن اقتصادى عالمى، مشددة على أهمية تعزيز الشفافية والإفصاح فى سلاسل التوريد والتسعير، لضمان أن تؤدى الانفراجة العالمية إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين واستقرار السوق الداخلية.