«بقت على النت وبس».. لماذا تغيّرت احتفالات المصريين بانتصارات المنتخب وتأهله لكأس العالم؟

حسم منتخب مصر الأول لكرة القدم بطاقة التأهل رسميًا إلى نهائيات كأس العالم 2026، بعد فوزه على نظيره الجيبوتي بنتيجة 3-0، في اللقاء الذي جمع الفريقين مساء أمس الأربعاء 8-10-2025، على ملعب العربي الزاولي بمدينة الدار البيضاء في المغرب، ضمن منافسات الجولة التاسعة من التصفيات الإفريقية المؤهلة للمونديال، وعلى الرغم من فرحة المصريين بفوز المنتخب الوطني، إلا أن مشاهد الاحتفال اختلفت عمّا كانت عليه قبل أكثر من عقد من الزمان، حين كانت الشوارع تمتلئ بالهتافات والأعلام.
قالت إيمان ممتاز، استشاري الصحة النفسية، إن المصريين اعتادوا لسنوات طويلة أن تتحول الشوارع إلى ساحات فرح واحتفال عند كل فوز كروي مهم، خاصة عندما يلعب المنتخب الوطني، لكن باتت هذه الروح الجماعية في تراجع، حتى مع وجود بعض النجاحات أو اللحظات الإيجابية.
[image:2:center]
وأوضحت «ممتاز» في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم»، أن هناك عدة عوامل وراء هذا التغير، أبرزها شعور الناس بأن النتائج لا تتغير، أو أن الانتصارات مؤقتة ولا تؤثر فعليًا في حياتهم اليومية، وهو ما يؤدي تدريجيًا إلى تراجع الحماس وفقدان الشغف، خاصة في ظل الإحباطات المتكررة وعدم تحقق التوقعات.
وأضافت أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تلعب دورًا كبيرًا في هذه الحالة، فالشخص المهموم قد لا يجد طاقة للاحتفال أو المشاركة في أجواء الفرح، حتى لو كان يحب كرة القدم.
وأشارت إلى أن جزءًا من التغير يعود أيضًا إلى تحول طرق التعبير عن المشاعر، إذ أصبح كثيرون يفضلون التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدلًا من النزول إلى الشارع، لكن هذا النوع من التفاعل بحسب قولها لا يمنح نفس الشعور بالانتماء أو الفرح الجماعي الحقيقي الذي كانت تخلقه لحظات الاحتفال الواقعية.
وأكدت ممتاز أن ما يحدث لا يرتبط فقط بحب الناس لكرة القدم، بل يعكس حالة نفسية أعمق يعيشها المجتمع، موضحة أن استعادة الروح الجماعية لا تحتاج إلى أكثر من فوز في مباراة، بل إلى إحساس حقيقي بالأمل والإنجاز والانتماء.
ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن تراجع مظاهر الاحتفال بفوز المنتخب الوطني الأخير يعود إلى عدة أسباب متداخلة، اجتماعية واقتصادية ونفسية، جعلت الحماس الجماعي لا يأخذ الشكل المعتاد الذي عُرف به المصريون في السابق.
وأوضح صادق في تصريحات ل«المصري اليوم»، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت البديل السريع للتعبير عن الفرح أو الغضب، وأصبح الجمبع يحتفل على السوشيال ميديا فقط، وهذه الحالة لا تعني فقط تراجع الشغف الرياضي، بل تعكس تغير المزاج العام في المجتمع بسبب تراكم الضغوط اليومية.
الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي قال إن المجتمع المصري مثل كثير من المجتمعات الأخرى، يشهد تحولًا واضحًا من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي، حتى في المشاعر والعلاقات الإنسانية، موضحا أن هذا التحول لم يعد مقتصرًا على التواصل اليومي، بل امتد إلى جميع مظاهر الحياة الاجتماعية «كنا زمان بنقابل بعض، بنتكلم ونتبادل الزيارات في المناسبات والأعياد، الآن كل هذا أصبح فقط على السوشيال ميديا، حتى التهاني والتعازي أصبحت افتراضية».
وأضاف فرويز أن هذا التغير انعكس بشكل مباشر على الاحتفالات الكروية، حيث أصبحت منصات التواصل هي الساحة الأساسية للتعبير عن الفرح.