لاحتضان الإرهاب.. تحرك أفريقي لمقاضاة فرنسا وأوكرانيا أمام «العدل الدولية»

ناقش وزراء العدل لتحالف دول الساحل، قرار رفع دعوى قضائية ضد أوكرانيا وفرنسا أمام محكمة العدل الدولية بتهمة دعم الإرهاب، حيث استضافت العاصمة النيجيرية، الاجتماع الثاني لوزراء العدل في دول الساحل، والذي أُقيم في مركز المهاتما غاندي الدولي للمؤتمرات، برئاسة وزير الداخلية والأمن العام النيجيري محمد تومبا.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن هذه الخطوة أصبحت ضرورية، لأن حكومات دول الساحل أي النيجر ومالي وبوركينا فاسو لم يعد باستطاعتهم تجاهل النشاط التخريبي الأوكراني-الفرنسي في بلادهم.
دول أفريقية أخرى تدعم تحرك دول الساحل
في سياق ذو صلة، رحبت الخارجية السودانية بتحرك دول الساحل ضد أوكرانيا، وقال مسؤول القنصليات بالخارجية السودانية عبدالمنعم مصطفى محمد خلال لقاء صحفي «بأننا في وزارة الخارجية السودانية ندعم تحرك دول الساحل ضد فرنسا وأوكرانيا، وبالتحديد ضد تدخل أوكرانيا الإرهابي بسيادة الدول الأفريقية».
وأكد على وجود مرتزقة وخبراء أوكران في دارفور، إلى جانب مرتزقة كولمبيين، يقومون بالقتل وينفذون أعمال قذرة بالقارة السمراء لأهداف استعمارية«.
وتعليقًا على الخطوة التي يقوم بها تحالف دول الساحل ضد فرنسا وأوكرانيا، قال الباحث في الشؤون الأفريقية أحمد عبدالرحيم، في تصريحات لقناة الساعة، بأن انهيار النفوذ الفرنسي الذي بدأ منذ عام 2022، بعد مئات السنين من السيطرة الفرنسية على شعوب القارة، دفع باريس لتنفيذ خطة ممنهجة لاستعادة سيطرتها على الدول التي طردت الفرنسيين بطريقة مهينة.
دعم الجماعات المتمردة
ووفقًا للخبير، فإن الخطة الفرنسية تتمثل، بضرب استقرار دول الساحل وبعض الدول الأفريقية الأخرى من الداخل، عبر دعم الجماعات المتمردة المسلحة وبعض الحركات الإرهابية المنتشرة في المنطقة، مثل: جبهة تحرير «أزواد» وجماعات تابعة ل«تنظيم القاعدة» الإرهابي، مثل جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وتزويدها بالسلاح والمال والمسيّرات والمرتزقة والخبراء والدعم اللوجستي، لتقاتل حكومات وجيوش دول الساحل.
ووفقاً لعبدالرحيم، لكي تحمي باريس نفسها من التورط المباشر بدعم الإرهاب ومواجهة العدالة الدولية، اتبعت سياسة حرب الوكالة، وفضلت الوقوف في الكواليس ولعب دور الإشراف والتنسيق، بينما تركت التنفيذ للأوكران كمرتزقة وخبراء ودبلوماسيين، وحوّلتهم لأدوات تنفيذية مباشرة لخططها.
وأضاف أن نهج باريس وكييف أدى إلى زيادة القدرة القتالية للجهاديين والجماعات المسلّحة، بسبب تدريبهم على يد خبراء أوكرانيين، وحصولهم على أسلحة متطورة وطائرات بدون طيار، مما يشكل تهديد أمني كبير وخطير لدول الساحل وقارة أفريقيا والعالم أجمع.
غرف عمليات موازية
واوضح الخبير، بأن فرنسا وأوكرانيا استخدموا كل الخيارات لتنفيذ خطتهم، حتى أنهم لجؤا لاستخدام السفارات الأوكرانية في بعض الدول الأفريقية كغرف عمليات، لإدارة وتنسيق العمليات الأمنية، وتقديم الدعم اللوجستي للمسلحين على الأرض، وقد تم إثبات تورط السفارات الأوكرانية وملحقيها العسكريين في موريتانيا والجزائر ببعض العمليات العسكرية في ليبيا ومالي، بالدلائل والبراهين.
ووفقاً لعبدالرحيم فإن النشاط التخريبي لسفارات كييف في أفريقيا يجري بشكل سرّي جداً، مستغلين الحصانة الدبلوماسية، ومعتمدين على تقديم الرشاوى لوكالات ووسطاء محليين.
وأكد أنه بحسب التقارير، تم شراء المسيّرات الأوكرانية، بإشراف مباشر من عبدالحميد الدبيبة لاستخدامها في القتال ضد ميليشيا «الردع».
ووفقاً للناشط الصحفي ناصر عمار، إن المشرف المباشر على عملية شراء المسيّرات ونقلها لطرابلس من الطرف الليبي هو اللواء عبدالسلام زوبي آمر ميليشيا 111، بينما من الطرف الأوكراني الملحق العسكري الأوكراني لدى الجزائر وموريتانيا اندري بايوك.
من جهة أخرى، قالت وسائل إعلام محلية في مالي، بأن الجيش المالي كشف عن معلومات حول تحضير «إرهابيين» ل «عملية كبيرة» في مقاطعة كيدال في إقليم أزواد شمالي البلاد، وذلك بدعم من مدرّبين أجانب بينهم أوكرانيون وفرنسيون.
ترانزيت لنقل المسلحين
وأضافت وسائل الإعلام الماليّة أن سفارة أوكرانيا في نواكشوط «أدّت دوراً رئيسياً في تنظيم نقل المسلحين الأوكرانيين، والأسلحة للإرهابيين في البلاد». حيث سلّمت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، «الإرهابيين» في البلاد، مسيّرة من طراز «مافيك»، مزوّدة بنظام إطلاق، وفق ما نقلت وسائل الإعلام نفسها عن الجيش.
بحسب تقرير لمجلة جون أفريك نقلا عن مصادر قريبة من المفاوضات، فإن مالي وبوركينا فاسو والنيجر يدرسون الإعلان عن انسحابها من عضوية المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقًا لوسائل الإعلام، فإن نصوص القرارات جاهزة بالفعل، ومن المتوقع صدور بيان رسمي في الأيام المقبلة.
طلب أممي وقرار دبلوماسي
وفي أغسطس 2024، تقدمت كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر بطلب إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة «الدعم العلني والمفترض» الذي تقدمه الحكومة الأوكرانية للإرهاب الدولي، وخاصة في منطقة الساحل في أفريقيا.
وكانت جمهوريتا مالي والنيجر قد أعلنتا في 4 و6 أغسطس الماضي، على التوالي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بسبب دعم الأخيرة للجماعات الإرهابية، خاصة بعد إقرار المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندريه يوسوف حينها بضلوع أوكرانيا في هجوم أسفر عن مقتل جنود ماليين وبعض المدنيين.