المدير التنفيذي لصندوق النقد ل«المصري اليوم»: الحكومة ملتزمة بسداد جميع الأقساط.. وتقترب من الوفاء ب«برنامج ال12 مليار»

قال الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد، في حواره الصادر غدا في جريدة «المصري اليوم»، إنه «بالنسبة للحالة المصرية بعد عام 2011 ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدهور وضع الاحتياطى النقدى ومصادر الدخل من العملة الصعبة فإن الحكومات المتعاقبة حاولت التواصل مع الصندوق لوضع برنامج لمساعدة مصر للتغلب على تلك التحديات، وغالبا لم يكن الأمر يصل إلى مرحلة الإعلان عن الوصول إلى اتفاق لبرنامج إصلاح اقتصادى أو تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى، والذى عادة ما يتطلب مجموعة من الإجراءات والإصلاحات والسياسات، والتى غالبا ما يكون لها آثار سلبية على مستوى معيشة المواطن في الأجل القصير على الأقل، وهو ما تحاول الحكومات تجنبه حتى لا تغضب المواطن وتتهم بأنها من قامت بذلك ولم يرغمها أحد على ذلك، وهو ما أدى إلى تزايد تدهور الوضع الاقتصادى إلى أن أصبح لا يتحمل تأجيلا آخر، فعملت الحكومة البرنامج الإصلاحى الأول في نوفمبر عام 2016 بقيمة نحو 12 مليار دولار، وانتهى بتحقيق نتائج جيدة جدا، وحقق نجاحات ملحوظة في وقتها باستعادة استقرار الاقتصاد، وبدأ الناس يشعرون بنتائجه في عام 2019».
وتابع «معيط» تقييمه لرحلة تعامل مصر مع الصندوق: «بعد انتهاء برنامج الإصلاح مع الصندوق بنجاح في عام 2019، كانت هناك حالة حوار داخل الحكومة في ذلك الوقت: هل نبرم برنامج تانى جديد أم لا؟، وكانت النتيجة أنه من الأفضل الاستمرار في الحفاظ على نتائج الإصلاح الاقتصادى المحقق واستكمال برنامج الإصلاح مع الصندوق للحفاظ على ثمار الاستقرار والموقف الصلب المحقق والاستفادة من وجود الصندوق في استمرار واستكمال الإصلاحات، خاصة الإصلاحات الهيكلية، وذلك دون الحاجة إلى تمويل جديد وقتئذ، وخرج خطاب رسمى من مصر في ذلك الوقت إلى الصندوق برغبة الحكومة في استكمال البرنامج الإصلاحى والحفاظ على الاستقرار الاقتصادى المحقق، والمتمثل في تراجع معدل التضخم لأدنى من 5٪، وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى وقتها إلى نحو 46 مليار دولار، فضلا عن انخفاض الدين العام، وعجز الموازنة العامة للدولة والانخفاض الشديد في تكلفة خدمة الدين وانخفاض أسعار الفائدة، ثم جاءت أزمة انتشار وباء كورونا الذي اجتاح العالم، وما تلاه من آثار سلبية أبرزها الإغلاق، وخروج الأموال الساخنة من السوق المصرية، وبدأت وقتها أزمة في العالم كله نتيجة انتشار وباء كورونا، وإغلاق كافة حدودها وأنشطتها الاقتصادية وغير الاقتصادية خلال عام 2020».
وأضاف «معيط» أن هذا البرنامج «استمر لمدة عام في عام 2021 بقيمة تمويل 5.2 مليار دولار، وبهذا القرض وصل حجم التمويل من الصندوق منذ عام 2016 وحتى نهاية 2021 لنحو 20 مليار دولار، ولكن الأمور للأسف تدهورت مع استمرار الآثار السلبية للوباء الذي استمر عامين، وبدء الموجة التضخمية الشديدة، وبدء البنوك المركزية في العالم بتنفيذ سياساتها النقدية التشددية، وبدء رفع أسعار الفائدة، خاصة في الدول ذات العملات الرئيسية الدولية مثل الدولار واليورو والإسترلينى، ما أضعف معظم العملات المحلية بمعظم الدول النامية والأسواق الناشئة وهروب الأموال من تلك الأسواق وارتفاع أسعار التمويل بصورة غير مسبوقة، بالإضافة إلى النقص الشديد في التمويل المتاح بالأسواق الدولية، وكذلك بدء الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية».
واستكمل الدكتور محمد معيط: «بالإضافة إلى بعض القرارات والسياسات النقدية الداخلية التي كان لها أثر غير إيجابى على البيئة والظروف الاقتصادية المحلية، وانعكاسات هذه التطورات على الاقتصاد المصرى بشدة، حيث تدهور وضع الاحتياطى النقدى وانخفضت مصادر مصر من النقد الأجنبى بشدة وارتفع التضخم وظهرت السوق الموازية للعملة بعنف، ما دعا السلطات المصرية وقتها إلى اللجوء للصندوق وطلب برنامج وتمويل جديد، وإعداد برنامج جديد مدته 48 شهرا ينتهى في نوفمبر 2026 لاستعادة الاستقرار للاقتصاد الكلى ليس فقط في مجال السياسات النقدية والمالية بل والأهم في مجال الإصلاحات الهيكلية الداعمة للاستقرار الاقتصادي والتى تمكنه من زيادة قدرته على صد والتعامل مع الصدمات الشديدة المتكررة، وآثار الاضطرابات الإقليمية والدولية والنزاعات الجيوسياسية والحرب في أوروبا والمنطقة لاحقا وآثارها مثل ما يحدث الآن من تلك الآثار، مثلا أثر واحد فقط تمثل في فقدان أكثر من 12 – 13 مليار دولار من دخل قناة السويس».
واختتم «معيط»: «مصر للأمانة تسدد جميع التزاماتها تجاه الصندوق من أصل وفوائد دون تأخير حتى مارس الماضى، وتم رصد ذلك في آخر اجتماع لمجلس الإدارة، أول برنامج قارب على الانتهاء من سداد جميع المبالغ للأصل والفوائد، الذي تم إطلاقه نوفمبر 2016 بقيمة 12 مليار دولار، يليه باقى البرامج المنفذة خلال كورونا».