وائل النحاس: الاتفاق هدفه إصدار شهادة ثقة لطمأنة الدائنين هاني الحسيني: حلول وقتية ويجب إصلاح هيكل الاقتصاد والاعتماد على التصنيع سلوى العنتري: الشريحة الكبيرة من التمويل ستأتي عبر شركاء محليين مقابل صفقات استحواذ!! فرج عبدالله: الاتفاق سيساهم في ضبط سوق الصرف وتوفير تدابير دولارية لأوجه الصرف يرى اقتصاديون أن الاتفاق الجديد مع صندوق النقد ما هو إلا إصدار لشهادة ثقة في الاقتصاد الوطني من أجل الحفاظ على سوق الصرف من تخارج الأموال منه وخاصة أموال الدائنين لما يمثله من عبء كبير في ظل أزمة اقتصادية عالمية وندرة في توفير النقد الأجنبي، مطالبين بضرورة تبني سياسات اقتصادية بديلة تعمل على عودة الاقتصاد لمساره الطبيعي ومنع تدهور الأوضاع أكثر من ذلك للتخفيف عن المواطنين الذين يعانون كثيرا بسبب غلاء أسعار جميع السلع. اتفاق مع الصندوق تضمن الاتفاق مع صندوق النقد ضخ حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، سيتم صرف منها 347 مليون دولار على الفور، لدعم ميزان المدفوعات والميزانية العامة، بجانب تحفيز تمويل إضافي بنحو 14 مليار دولار، وبشروط تضمنت وجود نظام سعر صرف مرن، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الطبقات الأولى بالرعاية، بالإضافة إلى برنامج لإصلاحات هيكلية واسعة النطاق بهدف "الحد من تأثير الدولة وتسوية ساحة التنافس بين القطاعين العام والخاص"، كما ينص على "تشديد السياسة النقدية مقدما وضبط أوضاع المالية العامة". شهادة ثقة أكد الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، أن الاتفاق مع صندوق النقد الذي تم مؤخرا تختلف تماما عن الاتفاق السابق في عام 2016، موضحا أن هدف الصندوق في هذه المرة هو تأمين خروج الدائنة من مصر، والسماح لأرصدة الدين الخروج في أي لحظة، الأمر الذي تطلب من الصندوق وضع عدة شروط منها تعويم الجنيه وسعر صرف مرن، وعدد من الشروط الأخرى التي تستهدق تحقيق السيولة الكاملة لتوفير نحو 157 مليارا قيمة الأموال الدائنة. وأكد الخبير الاقتصادي، أن هدف مصر من الاتفاق على الصندوق ليس للحصول على ال 3.5 مليار دولار تقريبا، ولكن كان هدف الاتفاق هو الحصول على وثيقة وشهادة طمأنة للدائنين واعتماد لجعلهم ينتظرون بعض الوقت وعدم إقدامهم على سحب هذه الأموال، وذلك في خطوة من الحكومة لضمان استقرار سعر الصرف، مشيرا إلى أن هناك عددا من الاستحقاقات العاجلة من أقساط الدين يأتي أولها 1.5 مليار دولار في شهر ديسمبر الجاري، وحوالي 55 مليون دولار في شهر يناير من العام المقبل، وفي شهر فبراير هناك نحو 3 مليارات و143 مليون دولار، وفي شهر مارس هناك 5 مليارات و400 مليون دولار، التزامات دولية يجب توفيرها لعدم التأخر في السداد، في ظل وضع اقتصادي صعب يشهد ندرة في النقد الأجنبي ظهر جليا في أزمة البضائع الموجودة في الموانئ. وأكد "النحاس"، أنه في العام المقبل 2023، هناك التزامات على الدولة بحوالي 17 مليار دولار و700 مليون، يجب على الدولة سدادها، وهو رقم ليس بالهين في ظل الظروف الحالية، مشيرا إلى أن الصندوق جاء في هذه المرة لتأمين الأرصدة الدائنة، وأن يتوسط الصندوق لعدم قيام الدائنين بسحب أموالهم خلال هذه الفترة، مضيفا أن سوق الصرف خلال الفترة المقبلة، يتطلب التدخل من الدولة لضبطه ومنع المتلاعبين بسعر الدولار، قائلا أنه في هذا الوقت نجد أن تصريحات وزير المالية تؤكد أن عجز الموازنة وصل إلى 80 مليار دولار، موضحا أنه لا يجب تخفيض قيمة الجنيه إلا إذا اضطرت الحكومة لذلك لسداد الفواتير المستحقة، مطالبا الحكومة بوجود سعر صرف مرن، قائلا إن عملتنا تتسم بأنها عملة تقييم وليست مبادلة، ويتم إحداث عملية التوازن في الأسواق من خلال عملية العرض والطلب باعتبار أننا من الأسواق النامية. بدائل جديدة أكد هاني الحسيني، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع، أن يجب على الدولة إيجاد بدائل أخرى من الاعتماد على صندوق النقد، وأن تتوقف الاتفاقيات مع الصندوق، موضحا أن الاتفاق مع الصندوق في عام 2016 تم لإيجاد حل لأزمة عجز الموازنة، والمحافظة على سعر الجنيه ووضع سعر حقيقي له، والاعتماد على آليات السوق لاعتدال سعر صرف، إلا أن هذا الغرض لم يتحقق من خلال الاتفاق مع الصندوق في عام 2016، وتم بالفعل اللجوء لصندوق النقد مرة أخرى، وذهب سعر الجنيه لمستويات مختلفة تماما بنسبة ارتفاع تخطت 155% من السعر الرسمي في عام 2016، وما زال عجز الموازنة قائما، وتتزايد فوائد الديون، وزيادة في المديونية، متسائلا ما الذي تستفيده مصر من هذه الاتفاقيات، حيث إن الشرائح المالية التي تحصل عليها الدولة غير مضمون أن تحقق النتيجة المنشودة. وتابع أن أولويات الصرف للشريحة التي حصلت عليها مصر ستكون وحسب الوثيقة لخفض عجز الموازنة وكذلك لضبط ميزان المدفوعات، مشيرا إلى أن هذه تعد حلولا مؤقتة للأزمة، ويجب العمل على إصلاح الخلل في هيكل الاقتصاد، والدليل على ذلك أنه منذ عام 2016 وحتى الآن فالنتائج هي الفيصل، ونحن الآن نرى أن شيئا لم يتحقق وما زالت الأزمة قائمة. وأضاف الخبير الاقتصادي، أن توقعات الفترة المقبلة لسعر الصرف، هو أنه مرجح أن يشهد توقف تراجع الجنيه أمام الدولار، وتوقف النزيف الحاصل الآن، قائلا إن الناتج المحلي الإجمالي ينتج عن الاستهلاك، والقطاع غير الرسمي هو من يقوم خلال هذه الفترة بعمل توازن كبير في التشغيل ومستوى معيشة المواطنين فهو يمثل حوالي 50% من دخول المواطنين خلال هذه الفترة، مضيفا أن حركة التشغيل المحلية هي التي تحدث التوازن وتعطي قيمة للجنيه، وذلك بجانب الدفعات النقدية التي ستحصل عليها مصر من الصندوق ستعمل أيضا على إحداث نوع من الاستقرار النسبي، وعبر التجارب السابقة نستطيع القول إن الفترة المقبلة ستشهد توازنا في سعر الصرف، ولكن الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب إدارة جيدة للاقتصاد فما نشهده الآن لم نكن نتمناه أن يحدث. وتابع "الحسيني"، أن الوضع الحالي للاقتصاد يتطلب وجود بدائل جذرية تبني على النهوض بالصناعة المحلية، والتركيز على المشروعات المحلية من خلال بحث حالة كل محافظة على حدة والتركيز على أهم ما يميزها من صناعات ونشاطات تقوم الدولة بتنمية هذه الصناعة أو النشاط، والعمل على إنتاج منتجات قابلة للتصدير، وأن يتم البدء من الصناعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، قائلا إن هناك بالفعل بعض المحافظات تتسم بوجود توطين للصناعة يجب أن تقوم الدولة بتنمية ذلك، وأن يكون هناك فكر مغاير للهيئات القائمة على هذا الأمر بعيدا عن النمطية التي نشاهدها ولا تسمن ولا تغني من جوع. وضع اقتصادي صعب وفي نفس السياق، أكدت الدكتورة سلوى العنتري الخبيرة الاقتصادية، أن من شروط الاتفاق مع صندوق النقد تحرير سعر الصرف، وخفض معدل التضخم، وأن تستهدف السياسة المالية خفض نسبة الدين للناتج المحلي وخفض العجز، بمعني خلق سياسة تقشفية مثل ما تم مع برنامج الصندوق في عام 2016، بجانب ذلك وجود مظلة حماية اجتماعية للتخفيف من وطأة هذه الإجراءات شديدة الصعوبة. وقالت إن الأمر الجديد وشديد القسوة في الاتفاق الجديد من صندوق النقد، أن الأموال المتفق عليها لن تأتي من صندوق النقد ولكنها ستأتي من صفقات الاستحواذ على الأصول الوطنية وبقيمة 14 مليار دولار من شركاء محليين سيكون مصدرهم هو هذه الصفقات، أما ما سيدفعه الصندوق هو مبلغ هزيل بقيمة 3 مليارات دولار وعلى 4 سنوات، مضيفة أن الأمر يتطلب وجود سياسات بديلة تماما لإدارة الملف الاقتصادي لضمان الخروج من هذا الوضع الاقتصادي الصعب. توازن في سوق الصرف وفي سياق متصل، أكد الدكتور فرج عبدالله، الخبير الاقتصادي، أن الإعلان عن الاتفاق مع صندوق النقد جاء في توقيته على الرغم من المبالغات الكبيرة في سوق الصرف، موضحا أن ذلك سيساعد في إنهاء وبنسبة كبيرة عمليات المضاربة على سعر الصرف. وتابع الخبير الاقتصادي، أن الاستقرار في سعر الصرف يؤدي إلى استقرار في سوق المعاملات الخاصة بالسلع، وذلك مع الإجراءات الحالية الخاصة بتحديد سعر استرشادي لنحو 15 سلعة، ومهلة أسبوعين لهذا الأمر. وأضاف أن هناك المتحصلات من النقد الأجنبي، ويدخل منها جانب الاقتراض أو التسهيلات التي تحصل عليها الحكومة، وهناك المدفوعات وبالدرجة الأولى ستشمل أوجه الصرف مدفوعات عن الواردات وكذلك أرباح الشركات العاملة بالداخل، موضحا أن الشريحة التي تم الموافقة عليها من صندوق النقد سيدعم الاحتياطي من النقد الأجنبي لمواجهة الطلب الذي من الممكن أن يكون مبالغا فيه في سوق الصرف. وطالب الحكومة بضرورة تضافر الجهود لتكثيف حملات الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار ومنع حالة المبالغة الموجود الآن، وأيضا أن تقوم الدولة بمزيد من عرض المنتجات بالمنافذ التجارية التابعة لها ونشر هذه المنافذ بجميع أنحاء الجمهورية. مبررات الحكومة بدورها ترى الحكومة أن إبرام الاتفاق، يستهدف البناء على المكتسبات الاقتصادية السابقة التي حققها الاقتصاد من تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي "2016-2019″، ودعم جهود الدولة في تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والتي تستهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتشجيع الاستثمارات، وحفز مستويات التصدير، وخلق المزيد من فرص العمل، مشيرةً في ذلك الإطار إلى تأثير التداعيات السلبية للأزمات التي أثرت سلبًا على الاقتصاد العالمي، على غرار جائحة "كوفيد-19″، والأزمة الروسية -الأوكرانية الراهنة، ومؤكدةً أن البرنامجين السابقين لمصر مع صندوق الدولي في عامي 2016 و2020، كان لهما أثر كبير في ضبط أوضاع المالية العامة، وتخفيض الدين العام، وتبني سياسة مرنة لسعر الصرف، وإصلاح دعم الطاقة، وإتاحة حيز مالي داعم للإنفاق الاجتماعي. وأكدت، أن صندوق النقد الدولي لا يشترط على الحكومة خفض الإنفاق على بنود التحويلات الاجتماعية، وأن البرنامج الجديد يستهدف في المقابل تعزيز شبكة الأمان والحماية الاجتماعية للمواطنين ودعم استقرار الاقتصاد الكلي، وذلك في مواجهة الصدمات الخارجية الناتجة عن الأزمات العالمية الحالية، مشيرةً إلى أن قيمة الدعم الموجه للأسر الفقيرة لم يتأثر بالبرنامجين السابقين لمصر مع صندوق النقد الدولي، بل بلغ إجمالي الإنفاق على برامج الدعم والحماية الاجتماعية منذ تنفيذ البرنامج في عام 2016 وعلى مدار ثلاث سنوات تالية لها نحو 894 مليار جنيه، فقد ارتفع إجمالي الإنفاق على تلك البرامج من نحو 277 مليار جنيه في العام المالي 2016/2017، إلى نحو 356 مليار جنيه في موازنة عام 2022/2023 بمتوسط معدل نمو سنوي في الانفاق على برامج الدعم والحماية الاجتماعية بلغ 6% في أعقاب تنفيذ البرنامج. فيما سيركز البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولي على توسيع نطاق الإنفاق الاجتماعي من خلال توسيع نطاق التحويلات النقدية في ظل برنامج تكافل وكرامة لتغطي خمسة ملايين أسرة إضافية، وتعميم نظام التأمين الصحي الشامل واستمرار برنامج التطعيم ضد جائحة "كوفيد-19″، وتقديم الدعم الطارئ لمن لديهم بطاقات تموينية، والتوسع في اتخاذ تدابير لحماية القوة الشرائية للعاملين بأجور محدودة وأصحاب المعاشات، والتوسع المقرر في السجل الاجتماعي الذي سيُمكن السلطات من توجيه برامج الحماية الاجتماعية لمستحقيها على نحو أدق. كما يستهدف البرنامج الجديد تحقيق فائض أولي سنوي بالموازنة العامة، وتنويع مصادر التمويل، وتحسين كفاءة الإيرادات والإنفاق بالموازنة العامة، والعمل على زيادة الإنفاق الخاص بالتنمية البشرية، ومواصلة التوسع في تمويل برامج الحماية الاجتماعية.