في فجر الأحد 22 يونيو 2025، هزت ضربات جوية أمريكية دقيقة قلب البرنامج النووي الإيراني، مستهدفة منشآت فوردو، نطنز، وأصفهان في عملية وصفتها واشنطن ب«النجاح الباهر». وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتحذيرات استخباراتية من اقتراب طهران من عتبة السلاح النووي، جاءت هذه الضربات كرسالة حاسمة لكبح طموحات إيران النووية، لكن، ما الذي يجعل هذه المنشآت هدفًا استراتيجيًا؟ ولماذا يبقى مفاعل بوشهر شبحًا يلوح في أفق الصراع؟ في هذا التقرير نرصد أبرز المعلومات عن المنشآت النووية الإيرانية المُستهدفة بالضربة الأمريكية الأخيرة. أولًا: منشأة فوردو «الأكثر تحصينًا تحت الجبال» -تأسست المنشأة في أواخر العقد الأول من القرن الحالي. -تقع على بعد 30 كيلو مترا شمال شرقي مدينة قم، جنوبطهران، داخل جبل بسمك 90 مترًا. -مُصممة لتحمل القصف الجوي والقنابل الخارقة للتحصينات. -تحتوي على أكثر من 1000 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6. -تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%. -الضربة الأمريكية الأخيرة عطّلت على الأرجح منظومة التغذية الكهربائية الأساسية للموقع. - أكدت طهران إخلاء الموقع مسبقًا، ونفت وجود تسرب إشعاعي، لكن تقارير غربية تشير إلى أضرار كبيرة. ثانيًا: مجمع نطنز «قلب البرنامج النووي الإيراني» -يقع وسط البلاد على بُعد 250 كم جنوبطهران. -يضم أكثر من 50 ألف جهاز طرد مركزي، ومباني تحت الأرض. -يُنتج يورانيوم مخصب بنسبة تصل إلى 60%، ويُعد محطة محورية في أي سيناريو لتطوير سلاح نووي. -سبق استهدافه عدة مرات بعمليات تخريب إلكتروني مثل Stuxnet وتفجيرات وانقطاعات كهرباء. -الضربة الأمريكية ركزت على منظومات التحكم والطاقة في البنية التحتية التحت أرضية. - التأثير: أعاقت الضربة قدرات التخصيب، لكن إيران أكدت استمرارها في تطوير البرنامج النووي. ثالثًا: منشأة أصفهان «البنية التحتية العلمية النووية» -افتُتحت عام 1984 بدعم من الصين، وتعمل بها أكثر من 3000 عالم وفني. -تضم 3 مفاعلات بحثية، منشأة لتحويل اليورانيوم، مصنع وقود، ومصنع لتكسية الزركونيوم. -تُعتبر مركزًا متكاملًا للأبحاث والتطوير في البرنامج النووي الإيراني. -استهدفت الضربة المنشآت الصناعية والفنية الحيوية في الموقع. -التوقيت جاء بعد تحذير استخباراتي أمريكي من أن الضربات الإسرائيلية السابقة لم تؤخر البرنامج سوى 6 أشهر فقط. - رد إيران: أعلنت أن المنشأة لم تتعرض لأضرار كبيرة، لكن تقارير غربية تتحدث عن شل البنية التحتية الداعمة. مفاعل بوشهر «السلمي».. الحلقة الأخطر في حال التصعيد رغم أن الضربة الأمريكية لم تستهدف مفعل بوشهر بشكل مباشر، إلا أن الموقع يُمثل أحد أخطر العناصر في المنظومة النووية الإيرانية، ولذلك يستحق التوقف عنده في سياق فهم خريطة المواقع النووية الحساسة في إيران. - يقع على ضفاف الخليج العربي قرب مضيق هرمز، المشروع النووي المدني الوحيد في إيران، لكنه يحمل أبعادًا رمزية واستراتيجية لا يمكن تجاهلها. -بدأ العمل عليه في سبعينيات القرن الماضي بعقد مع «سيمنز» الألمانية، قبل أن تُكمله روسيا لاحقًا. -تم بناؤه بدعم روسي ويعمل منذ عام 2011 بمفاعل من طراز VVER-1000، لتوليد الكهرباء. -المفاعل من طراز VVER-1000، وبدأ التشغيل الفعلي عام 2011 بقدرة إنتاجية تبلغ 1000 ميجاواط. -لا يُخصب اليورانيوم، ويعمل بوقود منخفض التخصيب تُورّده روسيا التي تُعيد أيضًا الوقود المستخدم. -يخضع بالكامل لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) . -لم يُستهدف بشكل مباشر، لكن موقعه فوق سطح الأرض وقربه من الخليج العربي يضعانه تحت تدقيق دولي شديد. -تحتضن المنشأة نحو 600 موظف روسي، بينهم 250 دائمون، ما يجعل أي استهداف مخاطرة جيوسياسية كبيرة. -في حال استهدافه، قد يُسبب كارثة بيئية ودبلوماسية في المنطقة. -على عكس منشآت التخصيب المدفونة عميقاً، فإن بوشهر منشأة فوق سطح الأرض، ما يجعلها أكثر عرضة للهجمات الجوية أو الصاروخية. -ومع ذلك، هناك عوامل عدة تُقلل من احتمال استهدافها، مثل الرقابة الدولية، إذ باعتبارها مفاعلاً مدنياً خاضعاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن أي هجوم مباشر عليها قد يثير تنديداً دولياً واسعاً ومخاطر بيئية جسيمة. -كما أن الوجود الروسي سواء من خلال المهندسين أو الوقود، ربما يُعقد أي حسابات عسكرية، ويؤدي في حال استهداف المنشأة إلى حدوث أزمة دبلوماسية. وفي هذا السياق، حذّرت روسيا من أن أي ضربة لمحطة بوشهر قد تؤدي إلى كارثة نووية لا تقتصر على إيران فقط، بل ستمتد آثارها إلى دول الخليج والمنطقة بأكملها، فضلاً عن وجود ما يصل إلى 600 موظف روسي، بينهم 250 دائمون، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو أبلغت تل أبيب أن سلامة هؤلاء الموظفين خط أحمر. ومع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، تحولت المنشآت النووية الإيرانية من مواقع تقنية إلى رموز سياسية وعسكرية بالغة الحساسية، فالضربات التي طالت «نطنز» و«فوردو» و«أصفهان» لم تكن عشوائية، بل استهدفت صميم البرنامج النووي الإيراني من حيث التطوير والتخصيب والإنتاج، في محاولة واضحة لكبح تقدمه أو تأخيره. أما بوشهر، فرغم نجاته من القصف، ظل حاضراً في المشهد بوصفه رمزاً للطموح النووي الإيراني، ومصدر قلق استراتيجي دولي لما يحمله من أبعاد فنية وجيوسياسية، خاصة في ظل الشراكة الروسية.