عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مؤتمره السنوى الأول «منتدى القاهرة»، الذي يستمر على مدار يومي الأربعاء والخميس 16 و17 أكتوبر، وهو الحدث الدولى الأول من نوعه، الذى يسعى لمناقشة عدد من القضايا الدولية والتحديات العالمية الكبيرة بمشاركة مجموعة متنوعة من المتخصصين في مختلف المجالات التي يناقشها المؤتمر؛ حيث يستضيف عددًا من كبار المسؤولين والخبراء الدوليين من مصر، الأرجنتين، فرنسا، ألمانيا، اليونان، الهند، إيطاليا، المغرب، جنوب أفريقيا، تونس، الولاياتالمتحدة، وغيرها من الدول. وقالت الدكتورة عبلة اللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن هذا الحدث الدولى المهم الذى ينظمه المركز هو بداية لعدد من المؤتمرات التى سيعقدها المركز سنويًا، على غرار المؤتمرات الدولية التى تعقدها مراكز الفكر فى العديد من دول العالم والتى تسعى لفتح حوار بين نخبة من أهم الخبراء الدوليين حول أهم التحديات والقضايا العالمية وتأثيراتها، معربة عن سعادتها بأن يكون المركز جزءًا من هذه المؤتمرات الدولية. من جانبه، قال عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، إننا نواجه حاليًا عددًا كبيرًا من التحديات والأزمات العالمية، وهناك نشاط ملحوظ في دول الجنوب العالمى، حيث يضع المركز المصري للدراسات الاقتصادية على عاتقه مناقشة التحديات ليس فقط على المستوى المحلى ولكن أيضًا المشاركة فى الحوار الدولى حول أهم القضايا العالمية، ومشاركة الرؤى والأفكار سعيًا لإحداث الأثر المرجو. وأعرب ستيفن كروجر، المدير القُطري لمصر، مؤسسة كونراد أديناور، أعن سعادته بمشاركة المركز المصري للدراسات الاقتصادية فى تنظيم هذا الحدث كأول حدث لمؤسسته فى مصر، لافتًا إلى قيامهم بدعم قضايا الشباب فى افريقيا وقضايا الطاقة والقضايا الجيوسياسية والتحول التكنولوجي فى العديد من دول العالم، مشيرًا إلى أن مصر تواجه العديد من التحديات الاقتصادية وسيعزز التعاون مع مؤسسات الفكر مواجهة هذه التحديات. وقدم سيميون جي تسوموكوس، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي ديلفي، التهنئة للمركز المصري على مبادرته الرائعة لتنظيم هذا الحدث سنويًا سعيا لتبادل الرؤى والأفكار حول أهم القضايا الدولية، لافتًا إلى أن العالم يواجه العديد من التحديات من أبرزها الصراعات الجيوسياسية وعدم الاستقرار، وتدهور الأوضاع الاقتصادية فى العديد من الدول الأفريقية، وتدهور المناخ، وتراكم الديون، والتطورات التكنولوجية المتسارعة، لافتا إلى اهتمام الدولة المصرية بالتوتر الذى يحدث على صعيد المنطقة مما يؤثر سلبًا على العديد من الأنشطة الاقتصادية مثل السياحة، وهو ما يتطلب تنسيق الجهود والتعاون الدولى لتحقيق الاستقرار لدول المنطقة. وناقشت أولى جلسات المؤتمر التجربة اليونانية فى الإصلاح الاقتصادى بعنوان: «التجربة اليونانية إجراءات إصلاحية مؤلمة ولكن فعالة ، فهل من دروس مستفادة لمصر والدول النامية الأخرى؟»، شارك فيها كل من الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وهاري ثيوهاريس، عضو البرلمان اليوناني للديموقراطية الجديدة ونائب وزير المالية للشؤون الضريبية سابقا بدولة اليونان، والدكتور نيكوس فيتاس، المدير العام مؤسسة البحوث الاقتصادية والصناعية وأستاذ الاقتصاد بجامعة أثينا للاقتصاد والأعمال، وأدارتها الدكتورة عبلة عبد اللطيف. وعرض الخبراء من دولة اليونان أهم ملامح التجربة اليونانية فى الخروج من أزمة الديون، حيث كانت تبلغ نسبتها نحو 130% من الناتج المحلى الإجمالى فى بداية الأزمة، ووصلت أعلى معدلاتها إلى 190% من الناتج المحلى فى فترة «جائحة كوفيد 19» ، وتراجعت حاليا إلى نحو 45% من الناتج المحلى، ومخطط تراجعها نحو 10% بحلول عام 2026، كما أنه خلال 5 سنوات من الآن لن يكون هناك مصروفات لخدمة الدين، وهو نجاح كبير حققته اليونان فى مواجهة أزمة اقتصادية هائلة استمرت قرابة عشر سنوات، ونجحت فى تخطيها بعد 8 سنوات من الإصلاح. وأوضح الخبراء أن أهم ما اعتمدت عليه التجربة اليونانية لم يكن خفض قيمة العملة، وهو ما وصفوه بالطريق السهل، ولكن كان الاعتماد الأساسى على خفض الإنفاق الحكومي وخفض رواتب الموظفين الحكوميين بنحو 5% وخفض المعاشات وربطها بالمساهمات لمواجهة التضخم، والتحول التكنولوجي خاصة لمنظومة الضرائب، والإصلاح الهيكلى للمؤسسات حيث أن نجاح أى تجربة إصلاح تعتمد على قوة مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى، ويجب أن يتزامن الإصلاح المالي مع الإصلاح الهيكلى. وأوضح الخبراء أن خطط الإصلاح ليست بمثابة «نظام غذائى» يتم اتباعه عدة سنوات ثم يتم إيقافه، ولكنها خطوات يجب أن تتواصل وتستمر، وهناك حاليًا خطوات للإصلاح الهيكلى تتم للنظام القضائي فى اليونان. وأشارا إلى أن أهم ما تميزت به تجربة اليونان هو الشفافية واحترام المواطن من خلال نشر البيانات التفصيلية للإنفاق الحكومى فى الجريدة الرسمية وخطط الحكومة فى تنفيذ المشروعات حتى يمكن للمواطن مراقبتها ومتابعتها ووجود مؤشرات واقعية لقياس الأداء، وأيضا الاستعانة بالرقابة الخارجية من المؤسسات الدولية خاصة صندوق النقد والبنك الأوروبي، وهو أمر يجب استغلاله جيدا والاستفادة منه فى تحقيق الإصلاح. وعلقت الدكتور رانيا المشاط، بقولها إن مصر طبقت العديد من الإجراءات التى تم الإشارة إليها، لافتة إلى أن التجربة اليونانية نموذج يدرس لدى صانعى السياسات والباحثين، وهناك اختلافات بين حالتى مصر واليونان، لافتة إلى أن الاقتصاد المصري تأثر كثيرا بتتابع الأزمات الدولية بداية من أزمة كوفيد ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة، وهو ما لم تأثيرات اقتصادية كبيرة حيث تسبب فى الضغط على معدلات النمو، مؤكدة أن الهدف الرئيسى من خطة الإصلاح الاقتصادي هو استقرار الاقتصاد الكلى، حيث قام البنك المركزى بتخطى مشكلات العملة الصعبة، ولابد أن يصاحب ذلك إصلاحات هيكلية وموازنة السياسات المالية والنقدية، وهو الدرس المستفاد من التجربة اليونانية، وهو ما تعمل عليه الحكومة المصرية بالفعل لاستعادة ثقة المستثمرين. وأشارت إلى أن هناك عدد من الأعمدة الأساسية التى ترتبط بالنمو وهى الطاقة، ومرونة الاقتصاد الكلى، وشفافية الإنفاق الحكومى، والتحول للأخضر، وهى أمور مهمة للانفتاح على الاستثمارات خاصة فى قطاع مثل الهيدروجين الأخضر وتحلية المياه. وأكدت أن الإصلاحات عملية مستمرة حيث تعمل الحكومة على عدد من إجراءات الإصلاح مع البنك الدولى والبنك الأوروبي حيث تشمل حزم التمويل المقدمة من هذه جهات العديد من الإصلاحات للوصول إلى تمويل مستقر فى المستقبل، وضمان تدفقات الاستثمار من القطاع الخاص لاستمرار النمو وهو أحد الموضوعات التى تعمل عليها مجموعة الدول متوسطة الدخل. .