من أزقة خان الخيامية.. عم جمال يروي أصل الصنعة من عهد المماليك وحتى الآن

بمجرد أن تطأ قدماك عند باب زويلة، مدخل القاهرة القديمة، يحيط بك التاريخ من المباني الآثرية وأرابيسك شبابيك المنازل، والتي يرجع عهد بنائها للمماليك أثناء فترة حكم مصر، تتقدم خطوات حتى يعلو صوت أغاني «رمضان جانا وأهلا رمضان» حتى تدرك أنك هنا على وشك الوصول إلى منطقة «الخيامية» أو ما يعرف ب «الشارع المسقوف»، أقدم مناطق صناعة الزينة في مصر.
تنسب منطقة «الخيامية» إلى «خيام» أي المشهور بصناعة الأقمشة اليدوية الملونة والمعتمدة في تزيننها على الإبرة والخيط باليد، تبدأ منطقة الخيامية من باب زويلة ويتميز بالسقف المغطي لسماء الخيامية وكأن المنازل تحتمي بها، تأخذك خطوة وراء الآخرى حتى تصل ل «خان الخيامية» أصل صناعة الزينة المصرية، حاورت «المصري اليوم» أقدم صانعي زينة الخيامية والعامل بها قرابة ال 60 سنة.
يروى عم جمال مصطفى الليثي: «أعمل في صناعة الخيامية وأنا في سن ال 14 حتى اقتربت على بلوغ ال 70 من عمري، وورثت العمل في مهنة التطريز والحياكة وصناعة الخيامية عن أسرتي التي كانت تعمل بها من قديم الزمن». وأضاف عم جمال: «أعتمد في صناعة الخيامية على الإبرة والخيط، أنا معروف هنا بصناعة الخيامية، واللي دلك على الطريق أكيد هيقولك هنا الأصل كله».
وتابع في حديثه ويداه تغزلان إحدى القطع الجديدة التي من المقرر بيعها مع أول أيام رمضان: «بدأت صناعة الخيامية منذ دخول المماليك على مصر، فهم أصحاب المنطقة والبيوت تعود لهم، ومع تطور الأيام والسنين تبدل الحال وتطورت صناعة الخيامية في مصر، فأصبحت قاصدة للبيوت مثل الشوارع».
وعن أنواع الخيامية، كشف عم جمال عن «قطعة قماش كدليل شارح للنوع الأول، المدعمة بالشغل اليدوي، وهذا ما يفضله السياح والأجانب والأثرياء من العرب، والثاني النوع التقليدي المباع في الأسواق وسعره مناسب للجميع عكس النوع الأول الأكثر غلاءً».
وفي نبرة يعلوها الاستياء يسرد عم جمال بعض التحديات التي تواجه شارع الخيامية، وفي مقدمتها قلة المبيعات هذا العام، مؤكدا أن «الحال تراجع هذه السنة، والمبيعات ليست على ما يرام، ولكن لا يزال المواطن المصري يبحث عن السعادة بين طيات الأيام».
ويُعد شارع الخيامية رمزًا للجمال والتاريخ ورحلة عبر الزمن في قلب القاهرة القديمة، حيث تُحاك خيوط الحضارة المصرية على أيدي صانعيها المهرة، لكن، على الرغم من هذه التحديات، يظل شارع الخيامية منارةً للإبداع والتراث المصري، ويُشكل قبلةً للسياح والمصريين على حدٍ سواء، فمن خلال عبوره، تُحاكي أرواحنا عبق التاريخ، وتُلامس أيدينا إبداع الحاضر، ونُدرك أن مصر هي مهد الحضارة ومنبع الإبداع.