هى شقيقة القوى الناعمة، تتسرب، تتوغل، تسيطر، تهيمن، بكل مفردات التسلل الحضارى، لاتحدها حدود، عابرة للقارات والبحار والمحيطات، تتمدد باتساع العالم، وتغزو عواصم ومدناً عتيدة من أسمرة جنوبا إلى لندن شمالا، من نيويورك غربا إلى شنغهاى شرقا. ما لا يخطر على قلب بشر من مدخنى الشيشة التى يقال لها دلعا أرجيلة، أنها وصلت إلى الصين، وغزت العاصمة بكين، وبلغت شنغهاى، وتُقدم فى مقاهى شنغهاى العربية، تقدم فى مقاهى على بابا وألف ليلة وليلة (وللأخير فرع فى شنغهاى وآخر فى بكين)، والمقهى الشنغهاوى يمزج ما بين الشرقى والصينى فى كل شىء من الطعام إلى الغناء وحتى الرقص الشرقى حتى الصباح، الذى تقدمه فاتنات صينيات كل منهن تطلق على نفسها اسم راقصة مصرية تيمناً، فهناك سهير زكى وانج يو، وهناك دينا يونج، وآخريات، أحزننى بشدة أن الألبوم الأخير لأبوالليف لم يصل بعد إلى شنغهاى، وعلمت أنه بلغ سور الصين العظيم، أبوالليف كان فايت بيغنى من جنب السور. فى شنغهاى تختلط القوى الناعمة بالقوى المعسلة، الناعمة تتسلل، غناء ورقص شعبى وتواشيح دينية فى شكل رسالة سلام عالمية، تختلط فيها الابتهالات القرآنية بالترانيم المسيحية بالتعاليم البوذية ضمن افتتاحية الجناح المصرى فى معرض اكسبو 2010، والقوى المعسلة (من المعسل)، وتشكل ثنائية الاختراق المصرى لعقول وقلوب الصينيين. وكأنك على مقهى «خلف» فى المنيل، يخيرك النادل الصينى بين أصناف المعسل المصرى، الذى صار ذا شهرة عالمية، وينطقها بلكنة صينية عجيبة، حروفها مبتورة، تفاح أم سلوم، سلوم فى الصين، أحمدك يا رب، الصادرات المصرية تغزو العالم، الصناعة المصرية تتألق، إذا كانت الصين تغزو مصر باللب الصينى، شبيه اللب السورى، ويحقق مبيعات خرافية فى ليالى الصيف المصرية، فإن معسل السلوم صار علامة تجارية فى المقاهى الصينية فى تكرار وبنفس السيناريو الذى حدث فى المقاهى الباريسية واللندنيةوالنيويوركية والرومية (نسبة إلى روما)، وإن كانت الأخير ة لاتزال تعيش مرحلة معسل التفاح بأنواعه، لم يصلها السلوم بعد وعلى وعد. القوى المعسلة ليست كالقوى الناعمة تحقق لمصر مكاسب خرافية، صادرات مصر من المعسل بلغت 60 مليون دولار من 100 مليون دولار إجمالى صادارت مصر من التبغ باعتبار المعسل تبغ ممزوج بالعسل، الرقم لا يساوى شيئا مقارنة بمليار جنيه حجم الاستهلاك المحلى من المعسل بأنواعه، المصريون حطموا الأرقام القياسية فى استهلاك التبغ، وينفردون بالمعسل دون سواه، صار المعسل مرغوبا فى أماكن يصعب الوصول إليها، ليس أغرب من وجود المعسل فى أسمرة والعنوان «حنتى مكسيموس اسكوير»، يعنى ميدان الفاتح من سبتمبر فى وسط العاصمة، كما أنه متوافر فى روما القديمة، وفى مقهى «كايرو» فى ضواحى واشنطن العاصمة. الشرطة البريطانية شنت حملة شعواء على مقاهى الشيشة فى ايدجول رود (شارع المقاهى العربية) كسرت الشيش ومنعت التدخين خارج المقاهى على الرصيف، ولكنها لم تكسر الإرادة العربية فى التدخين، العرب قرروا التدخين إلى آخر نفس داخل المقاهى، الشيشة غزت الرصيف الباريسى. الحالة الصينية المعسلة تستأهل التوقف والتبين، فتلك ثغرة يمكن أن ننفذ منها إلى الصين، التى غزت العالم بأسره شرقا وغربا، جاءتنا فرصتنا لغزو الغزاة، والدخول إلى سوق المليار ونصف المليار بنى آدم، لابد من تسجيل معسل السلوم عالميا حتى لا يتم السطو عليه كما سطت اليابان على الملوخية الخضراء، أخشى أن يخرج علينا أحدهم ويسجل معسل السلوم ويعيد تصديره إلينا بأرخص الأسعار، وكما صدروا الساعة والسبحة والولاعة وسجادة الصلاة، يخترعون المعسل الصينى ويصدرونه، ونقزقز لب صينى وندخن معسل صينى ونشرب شاى صينى، ودمتم بخير.