أى حديث عن أمريكا اللاتينية وكرة القدم يصعب أن يخلو من الإشارة للمخدرات وعصاباتها وأموالها وجرائمها.. ومن يقرأ حكايات أمريكا اللاتينية والمخدرات سيكتشف أندية كروية تملكها وتحميها عصابات المخدرات ولاعبون يقومون بالنقل والترويج. ولم يكن بعيدا عن ذلك إطلاق النار فجر أمس الأول فى مدينة روساريو على سوبر ماركت أونيكو الذى تملكه أسرة زوجة النجم الكبير ليونيل ميسى.. حيث قام اثنان فوق دراجة نارية بإطلاق 14 رصاصة على باب السوبر ماركت وتركا رسالة قالا فيها إنهما فى انتظار ميسى.. والأهم كان تأكيدهما لميسى بأن بابلو جافكين، عمدة المدينة، لن يحميه لأن بابلو أيضا يتاجر فى المخدرات. ويحدث ذلك بعد أيام من فوز ميسى بجائزة فيفا كأفضل لاعب فى العالم، وبعد أسابيع من قيادة ميسى منتخب الأرجنتين للفوز بالمونديال.. وبعد سنوات من قرار ميسى بإقامة حفل زفافه فى مدينة روساريو الذى أسعد أهل المدينة بعدما تأكدوا أن ميسى لايزال ينتمى إليهم وواحد منهم.. فالنجم الكبير من مواليد هذه المدينة الصغيرة شمال الأرجنتين.. فيها أحب ولعب كرة القدم لأول مرة.. وفيها أيضا أحب أنتونيلا روكوتسو التى أصبحت بعد سنين زوجته. ولهذا تساءل كثيرون طيلة اليومين الماضيين.. لماذا الرصاص على ما تملكه أسرة أنتونيلا بينما رسالة التهديد لميسى.. وما علاقة المخدرات بهذه الطلقات.. ولم يكن ذلك حادثا استثنائيا فى مدينة روساريو التى مات فيها العام الماضى 288 شخصا فى جرائم متعلقة بالمخدرات. ومات 56 شخصا منذ بداية العام الحالى فقط.. ولم تكن المرة الأولى أيضا التى يأتى فيها اسم ميسى فى حكاية لها علاقة بالمخدرات دون إثبات صحة أى حكاية منها مثل شائعة أن والد ميسى يقوم بغسل أموال عصابات المخدرات فى كولومبيا.. وبعيدا عن صحافة أرجنتينية بدأت التشكيك فى إمكانية الوصول للاثنين اللذين أطلقا الرصاص أمس الأول.. فهذا الحادث سيجبر كثيرين من جديد على فتح ملف المخدرات وكرة القدم اللاتينية. وكان الكاتب الكبير من أوروجواى، إدواردو جاليانو، هو أول من أشار إلى ذلك فى كتابه الرائع كرة القدم فى الشمس والظل.. لكن جاليانو كان يتحدث عن كولومبيا وعن بابلو إسكوبار أكبر وأشهر تاجر مخدرات فى التاريخ والذى امتلك أندية للكرة مثل أتلتيكو ناثيونال واستغل اللعبة كثيرا فى تجارته.. ومات جاليانو قبل أن يرى النموذج الكولومبى يتكرر فى بلدان لاتينية كثيرة ارتبطت فيها كرة القدم بتجارة وعصابات المخدرات مثل كوبا والمكسيك والسلفادور. حتى فى الأرجنتين أيضا التى بدأت تشهد أو تخاف من جماعات باراس برافاس أو حانات الشجعان وهى جماعات متعصبة كرويا تميل للعنف وثبت لاحقا أن لها علاقات قوية بتجار المخدرات.. وضبط لاعبى كرة أو مرافقين لفرق كروية يقومون بتهريب المخدرات من الأرجنتين إلى أوروبا.. وبات السؤال الآن هو: إلى متى سيدوم ذلك وتبقى تجارة المخدرات اللاتينية أقوى من الحكومات وسلاحها مستعينة بأموالها وشهرة ومكانة كرة القدم.