الحج البرى ضرورة

الشىء المؤكد أن تكاليف الحج للعام الحالى 1444 هجرية آخذة فى الارتفاع لعدة أسباب، بعضها مرتبط بالظروف العالمية، والآخر مرتبط بارتفاع التكاليف والرسوم فى السعودية، مثل رسوم الطوافة والخدمات فى منى وعرفات والنقل الداخلى فى السعودية وأسعار الخدمات فى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
فضلًا عن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وزيادة تكلفة الإقامة فى الفنادق السعودية، مضافًا إلى ما سبق الرسوم فى بلد الحاج، ففى الوقت الذى أعلنت فيه السلطات السعودية أنها قررت تخفيض تكلفة التأمين للحجاج من 109 ريالات إلى 29 ريالًا، كان قد سبق ذلك رفع قيمة الضرائب المفروضة كقيمة الضريبة المضافة من 5% إلى 15%.
حيث قد تصل إلى 4700 ريال للرحلة، وهذا من شأنه أن يرفع التكلفة الإجمالية لرحلة الحج، وبالنظر إلى أسعار الفنادق أيضًا فى المدينة المنورة ومكة المكرمة، والتى تم الإعلان عنها مؤخرًا، سنجدها ارتفعت بنحو 1500 ريال للغرفة، ووصلت إلى عتبة ستة آلاف ريال، بعدما كانت فى حدود 4500 ريال فى الموسم الماضى بالنسبة لمكة، أما المدينة فالتكلفة فيها تُقدر ب5700 ريال.
ومما سبق يتضح أن تكاليف الحج أصبحت عبئًا، ليس على الشعوب التى تعانى مرارة العيش وقلة ذات اليد مثل مصر والسودان، بل على الحجاج فى الخليج والعراق، زد على ذلك أن الشعوب الأكثر فقرًا فى إفريقيا، مثل النيجر وجزر القمر وسيراليون وتشاد ونيجيريا وبنجلاديش، قد تحجم عن أداء الفريضة لعدم الاستطاعة.
لذا، فإن القرارات الأخيرة لوزارة الحج السعودية، مثل إلغاء جميع القيود المفروضة على أعداد الحجاج، والسماح للمرأة بأداء مناسك الحج بدون محرم، وتخفيض التأمين على الحجاج، جاءت لسببين، الأول هو إلغاء القرارات السابقة التى تم فرضها بسبب جائحة كوفيد- 19، والسبب الآخر أنها جاءت كاستقراء للمستقبل فى ظل الأسعار الحالية، التى قد تكون سببًا فى حرمان مواطنى دول كثيرة من أداء فريضة الحج.
وفى مصر، فإننا سنتكلم عن حج البسطاء ومحدودى الدخل من المصريين، الذين قد لا يستطيعون أداء الفريضة هذا العام لأنه وفقًا لتقديرات بعض الخبراء، فإن أسعار الحج الاقتصادى فى الموسم المقبل 1444 هجرية قد ترتفع بنسبة 32% عن أسعار الموسم الماضى.
التى سجلت 82 ألف و500 جنيه إلى 92 ألف و500 فى الحج السياحى وكانت الأرقام فى رحلات الحج التابعة لوزارة الداخلية وأيضاً تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى تقترب من هذه الحدود، وبإضافة الزيادات والأسعار الجديدة، فقد تصل التكلفة الإجمالية للحج الاقتصادى إلى عتبة 150 ألف جنيه، أى بزيادة 35 ألف جنيه عن العام الماضى.
هذه الزيادة سيجدها أيضًا حجاج بعثتى الجمعيات الأهلية والقرعة التابعة لوزارة الداخلية لأن المنظمين فى الجهتين سيجدون أنفسهم مضطرين ومجبرين لرفع التكلفة بناء على الأسعار الجديدة فى المملكة العربية السعودية.
لذلك، ونحن فى فسحة من الوقت، ليس أمامنا إلا أحد أمرين بالنسبة للراغبين فى أداء الفريضة من الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل، والذين يئنون تحت وطأة الغلاء، الأمر الأول هو أن يُرجئوا قرار الحج إلى سنوات مقبلة لعل الله يُحدث من عنده فرجًا، وهذا أمر نادى به بعض العلماء، وسبقهم رب العزة سبحانه وتعالى، فى قوله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» [آل عمران: 97]، أو أن الدولة والجهات المنظمة للحج تجتمع وتناقش إمكانية عودة رحلات الحج البرى بالأتوبيسات.
والتى تم إيقافها فى السابق بسبب تداعيات جائحة كورونا، وهذا هو الأمر الثانى لأن الحج البرى سيقلل التكلفة الإجمالية للرحلات بنسبة 30% على الأقل، وهذه النسبة قد تسد الزيادات، التى فرضها الجانب السعودى والظروف العالمية.
لذلك سيجد حجاج هذه الفئة أن الأسعار فى الموسم الحالى تقترب من أسعار الموسم الماضى، وربما تزيد بزيادات طفيفة، لكن هذا الأمر وهذا الأمل أيضًا بحاجة إلى ضرورة قبول الجانب السعودى بأن يسمح بدخول الحافلات أو الأتوبيسات الناقلة لهؤلاء الحجاج من الأراضى المصرية إلى نظيرتها السعودية لأن هذا سيخفف على الحجاج جزءًا من مشقة السفر.
وكذلك مشقة التنقل من حافلات مصرية إلى أخرى سعودية، كما أنه سيوفر على الحجاج تكلفة الانتقالات الداخلية بالمملكة سواء التنقل من مكة للمدينة أو العكس أو بالتصعيد إلى عرفات والانتقال إلى منى.
ووفقًا لإحصاءات التقدم للحج السياحى خلال السنوات الماضية، فإن المستوى الاقتصادى يستحوذ على نحو 70% من التأشيرات، حيث يضم برنامج الحج المستوى البرى وبرنامج الحج المستوى الاقتصادى الطيران، بينما الجزء الآخر من التأشيرات يكون للمستوى السياحى ال4 وال5 نجوم، وغالبية المتقدمين للحج كانوا يفضلون البرامج الاقتصادية سواء البرى أو الحج الاقتصادى الطيران، وذلك لملاءمة أسعارها للشريحة الكبرى التى تسافر لأداء الحج، فضلًا عن جودة الخدمات المقدمة من خلال تلك البرامج.
وعلى الرغم من أن حصة مصر فى العام الماضى كانت صغيرة بنحو 35 و357 حاجا فقط، فقط ارتفعت الأسعار بسبب قلة المعروض من التأشيرات، أما فى هذا الموسم فالتأشيرات متوفرة، لكن رغم ذلك فإن الأسعار والتكلفة أيضا ستكون مرتفعة، ولن تقل عن العام الماضى، ولن تثبت الأسعار إلا إذا تم خلق بدائل للسفر توفر فى التكلفة على الحجاج كالحج البرى.
ففى العام الماضى وصلت أسعار الحج السياحى للخمس نجوم من 157.500 ألف إلى 177.500 ألف جنيه، لكن من المفروض أن تشهد أسعار الحج لعام 2023 انخفاضًا فى أسعار الرحلات، خاصة أنه من المتوقع أن تعود أعداد الحجاج لما كانت عليه، بحيث تأخذ كل دولة حصتها من أعداد الحجاج كاملة، وليس 42% من الأعداد كما حدث خلال العام الماضى.
غير أن الأسعار التى تم الإعلان عنها لحج 2023 فى مصر من بعض الشركات السياحية جاءت كالآتى، من 90 ل 100 ألف جنيه بدون تذاكر الطيران للفئة الاقتصادية، ومن 160 إلى 170 ألفا بدون تذكرة الطيران، وهذا المبلغ لضيافة ال 5 نجوم، 130 إلى 140 ألف بدون تذكرة الطيران، وهذا المبلغ لضيافة ال 4 نجوم، أما فئة الخمس نجوم فمن المتوقع أن تكون من 140 ألفا إلى 170 ألفا يضاف إليها تذاكر الطيران لهذه الفئة، والتى من المتوقع أن تصل إلى 35 ألف جنيه، فالتكلفة الإجمالية لرحلات الحج لهذه الفئة قد تزيد عن 205 آلاف جنيه.
وهذا ما أكده عدد من أعضاء الجمعية العمومية لغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، أن سعر برنامج الحج مستوى ال 5 نجوم لن يقل هذا العام عن 240 ألف جنيه بدون تذكرة الطيران، لافتين إلى أن تلك الأسعار هى أسعار تقريبية، تقبل الزيادة أو النقصان ولكن بشكل طفيف، حيث تم حسابها حاليا وفقا لأسعار الفنادق التى سيقيم بها الحجاج بكل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأيضا خدمات الطوافة بكل من منى وعرفات، والتى شهدت العام الماضى زيادة كبيرة فى الأسعار، فضلا عن أسعار الخدمات الأخرى.
وأشاروا إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد إعلان الحكومة المصرية عن عدد تأشيرات الحج التى سيتم تنظيمها من مصر، إضافة إلى الإعلان عن الترتيبات الخاصة بإجراءات الحج من حجز الفنادق مع فتح باب التقدم للراغبين من المواطنين المصريين فى التقدم للحج هذا العام.
من جانبها أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية، اليوم الثلاثاء، عن تحديد السن الأدنى لأداء فريضة الحج للموسم الحالى عام 1444ه/ 2023م.
وأوضحت، فى بيان مقتضب، نشرته اليوم عبر حساب «العناية بالمستفيدين»، التابع لها فى تويتر، أن الحد الأدنى لأداء فريضة الحج لهذا الموسم هو 12 سنة، مُشيرةً إلى أن الأولوية لمن لم يسبق له الحج.