«سكب عليه البنزين أمام شقيقه».. طفل ينهى حياة آخر حرقًا في الصف (صور)

حضن «أحمد» طفله بذراعيه، دموعه تنهمر، أنفاسه تلهث، صوته يرتعش متمتمًا: «يارب تنفذ ابنى»، يجهش بالبكاء انهار منذ نظر إلى ولده كأنما رأى الموت ماثلًا أمامه «النار كانت ماسكه بجسمه كلها وجلده يتساقط»، قبل أن يضيف: «بعد أقل من أسبوع مات متأثرًا بالإصابات»، ويتذكر أن طفل جاره أضرم النيران بجسد نجله انتقامًا منه لينهى حياته حرقًا، لتنفيذًا لتهديده «هولع فيك».
أهل المٌصاب قلبوا الدنيا
قبل 3 أشهر، كان يسير الطفل «مصطفى»، 8 سنوات، خلف والده «أحمد» إلى الحقل بإحدى قرى مركز الصف في الجيزة، وقف فجأة وأبوه يناديه «انت فين يا ابنى؟»، فرد عليه «مش قادر أمشىِ يا بابا، في كلب مخوفنى»، وفق الأب: «ابنى بالفطرة جاب طوبة يحدف بهيا الكلب، وغصب عنه خبط طفلًا من جيراننا اسمه (محمد)، كان يمر من طريقنا، وأصيب بجرح استدعى غرزتين برأسه»، وكأن القيامة قامت، حسب تعبيره «أهل المٌصاب قلبوا الدنيا، وأخويا الكبير راحلهم يصالحهم ويطيب بخاطرهم ويعتذر لهم دون جدوى».
«أحمد»، لم يكترث حين جاءه ابنه، قبل نحو أسبوع، مرعوبًا من تهديد الطفل «سيد»، 15 سنة، وهو يقول له: «يا بابا دا قاللى: هولع فيك، علشان انت ضربت ابن أخويا (محمد) بالطوبة ومش هرحمك وهتشوف»، قال الأب: «حضنته وقلتله ماتخافش يا حبيبى، دا عيل وميقدرش يعمل كده، هتلاقيه سمع في بيتهم اللى حصل ومضايق، وإحنا لما الأمور تهدا هنروحلهم نصالحهم تانى».
مصطفى محروقًا.. «قعد يجرى ويتمرمرغ على الأرض»
في هذه الأثناء بدأ موسم جنى زراعة البطاطس هذه الأيام، يفرح الأطفال بالقرية، يحضرونها للشواء أمام منازلهم، وكان مثلهم «مصطفى»، وشقيقه الأكبر «زياد» يفعلان، حين باغتهما «سيد» مترجلاً من «توك توك» يقوده قبل أن يسحب بنزينًا من التنك ويعبئه في زجاجة بلاستيك، ليسكبه عليهما، ويشعل النار بجسد «الأول» الذي قام من مكانه «قعد يجرى ويتمرمرغ على الأرض»، والد المجنى عليه، يتذكر «أخوه الكبير جرى بسرعة بعيدا عن الجانى لما النار كانت مسكت فيه هو كمان».
لعب الأطفال وضحكاتهم تحولت لصراخ، وهرج ومرج، والسيدات يهرولن ويصرخن، والمنطقة تشاهد النار ماسكه ب«مصطفى»، وأغلبهم لا يدرى ماذا يصنع له؟، والطفل «سيد» يهرول من المكان، ووالد المجنى عليه يأتى مرعوبًا، يحمل صغيره للمستشفى وفى الطريق سأله «مين عمل فيك كده؟!»، فروى له معاتبًا إياه: «سيد يا بابا مش قلتلك: هيولع فىّ».
أهل الجانى الأهالى بتخاف منهم
رقد «مصطفى» بمستشفى الصف العام بضعة أيام، فوالده ظروفه بسيطة، لم يستطع نقله للخارج لعلاجه حتى لفظ أنفاسه، يقول «ابنى 90% من جسمه كان محروقًا»، ليشير إلى التقارير الطبية ليدلل بها على حديثه، ويطالع صورًا للحظات الأخيرة بحياة الابن، لم يكن بمقدوره نسيان نظراته كأنه يعاتبه ترن بأذنيه كلماته «يا بابا مش قلتلك هيولع فىّ»، ثم يضيف الأب لنفسه كأن يجلد ذاته «موتنى يا بابا، ومقدرتش تحمينى».
النيابة العامة صرحت بدفن جثمان المجنى عليه، ووالده اتهم جارهما بأنه قتل ابنه مع سبق الإصرار والترصد، وأهله اللى حرضوه يعمل كده، باكيًا: «عاوز حقى بالقانون، مش عاوز ثأر وناس تقتل ناس علشان عيال»، وتابع أن أهل الجانى الأهالى بتخاف منهم لسابق تعديهم على آخرين ولديهم سوابق قتل.
أسرة المتهم: «العيال كانوا بيشووا بطاطس والنار مسكت في مصطفى»
خرج جثمان «مصطفى» من المستشفى إلى مثواه الأخير، وأهل المتهم الذي قررت النيابة حبسه احتياطيًا لديهم رواية مغايرة لما قاله والد المجنى عليه، إذ يقول شقيق المتهم ل«المصرى اليوم»: «مصطفى وأخوه زياد كانا عند بيتنا يلعبان ويشويان بطاطس مع العيال، لو عندنا غل تجاههما ما كانا يجلسان بجوارنا، وحضر أخويا (سيد) يلعب رفقتهما مع آخرين، والنار مسكت بالطفل الأول وهم بيشووا، وأبوه اتهم أخويا دونًا عن بقية الأطفال، فأنا سلمته لمركز الشرطة لأثبت أننا لم نتسبب في الواقعة والقانون يأخذه مجراه، وواثق أن أخى لم يرتكب جُرمًا».
الأهالى يقولون إن هذه الواقعة قد تتسبب في فتنة بين العائلتين.