الآثار الاقتصادية لإصدار شهادات إدخارية بعوائد 22.5% و 25% علي الاقتصاد الوطني.. خبير يجيب

قال الخبير الاقتصادي الدكتور عاطف وليم أندراوس، جاء قرار اصدار كل من البنك الأهلي المصري وبنك مصر لشهادات سنوية الأجل بعوائد 22.5% على أساس شهري أو 25% سنويًا مكملًا لقرار لجنة السياسات النقدية برفع سعر الفائدة في الإنتربنك بواقع 3% واكتمل السيناريو مع تحرك سعر صرف الدولار في مقابل الجنيه المصري ليتجاوز 26 جنيه/ دولار، في سيناريو مشابه لقرارات نوفمبر 2016 .
وأضاف الخبير الاقتصادي ل«المصري اليوم»، أنه لا شك أن السماح بإصدار شهادات بعائد يصل إلى 25% سيكون له تأثيرات سلبية وإيجابيية على كافة متغيرات الاقتصاد الوطني.
أما عن الجوانب الإيجابية فهي تتمحور حول الأتي:
1. الدفاع عن قيمة الجنيه المصري المتناقصة بشكل مستمر في مواجهة العملات الأجنبية، فإصدار شهادات يصل عائدها إلى هذا المدى يرفع من تكلفة الاحتفاظ بالدولار ويزيد من جاذبية الجنيه المصري، بشكل قد يدفع الكثيرون إلى التخلي عن حيازاتهم الدولارية نظراً لارتفاع هامش الفرق بين الشهادات المصدرة بالجنيه المصري في مواجهة نظيراتها بالدولار(حوالي 20%)، ومع تحرك سعر الدولار إلى مايزيد عن 26 جنيه مصري واستمرار التوقعات بتحرك بطيء لسعر الصرف، من المتوقع أن تزيد حوافز التحول نحو الجنيه المصري، وكذلك من المتوقع أيضاً أن تتجه الموارد الهائمة في السوق الموازية للصرف الأجنبي للبنوك المصرية وتزيد حصيلة تحويلات المصريين بالخارج المتجهة للنظام المالي الرسمي الباحثين عن فرص استثمار لمواردهم أكثر ربحية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحل يظل مؤقتاً وأن زيادة الإنتاج ورفع الموارد الذاتية للاقتصاد المصري من الصرف الأجنبي من خلال الصادرات والسياحة والتحويلات وغيرها هو السبيل الوحيد الدائم لاستقرار الجنيه المصري والحفاظ على قيمته في مواجهة العملات الأجنبية الأخرى.
2. توفر الشهادات الجديدة عائداً استثمارياً حقيقياً موجباً بالنظر لأن معدل العائد يفوق معدل التضخم المعلن في نوفمبر 2022 وقدره 21.5 % بما يحمي القيم الحقيقية للعائد وقيمة الاستثمار ذاته من التآكل.
3. يحد قرار رفع أسعار الفائدة وصدور شهادات ادخارية بعوائد مرتفعة من ظاهرة خروج الأموال من مصر، بالنظر لأنها تمثل عنصر جذب لتدفق الموارد المالية إلى الداخل وتقلل من حوافز هروب الأموال إلى الخارج.
4. التوقع بزيادة موارد الصرف الأجنبي بما يقلص من حدة فجوة الصرف الأجنبي ويلبي احتياجات المستوردين من العملات الأجنبية لاتمام معاملاتهم، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المعروض من السلع والخدمات بشكل قد يحد من معدلات الزيادة في الأسعار.
وفي مواجهة الآثار الإيجابية ثمة أثار سلبية لهذ القرار لعل أهمها ما يلي:
1. تثبيط الاستثمار الحقيقي، ففي مجال المفاضلة بين البدائل سوف يفضل عدد كبير من المستثمرين اللجوء إلى الاستثمار في شهادات الإدخار ذات العائد المرتفع والمضمون، على الدخول في غمار استثمارات حقيقية غير مضمونة العائد ومحفوفة المخاطر، وهكذا سيكون الأثر السلبي على الاستثمار الحقيقي واضحاً بشكل قد يؤثر على النشاط الاقتصادي ويحد من فرص التوظف، ويزيد من حدة الركود الاقتصادي.
2. أن تجاوز سعر الدولار عتبة 26 جنيه مصري واستمرار التوقعات بزيادته في ظل سياسة التعويم المرن التي يريدها صندوق النقد الدولي قد يؤدي مع بقاء العوامل الأخرى على حالها إلى رفع التكلفة الاستيرادية للبضائع المستوردة بشكل قد يؤدي إلى زيادة الأسعار، وربما يقلل من ذلك تأثير التوجه نحو الإفراج عن السلع الضرورية وزيادة عرضها من خلال رفع قدرة الجهاز المصرفي على تلبية طلبات تمويل الواردات من الخارج، غير أن هذا التأثير سيظل مرهوناً بقدرة السلطات النقدية على أرض الواقع على توفير احتياجات المستوردين من العملات الأجنبية اللازمة لإتمام معاملاتهم.
3. يؤثر ارتفاع سعر الفائدة بصفة عامة وأسعار الفائدة على الشهادات الادخارية إلى التوجه نحو اصدار أذون وسندات الخزانة بعوائد أعلى حيث ترغب الحكومة في تمويل عجز الموازنة، وسيكون هذا من خلال تمويل بتكلفة أعلى الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مدفوعات الفوائد ونفقات خدمة الدين العام، وتزيد من ثم النفقات العامة الأمر الذي قد يؤثر بالسلب على تقديرات الحكومة في الموازنة العامة وعلى عجز الموازنة.
4. في مجال الاستثمار تتم المفاضلة بين بدائل من الأصول، وتعتبر الشهادات الإدخارية إحدى هذه البدائل مع الذهب والأسهم والسندات، فإذا قرر المستثمر شراء ذهباً أو شراء أسهماً أو حتى حيازة عملات اجنبية بدافع المضاربة أو الاحتياط، فمن المقرر أن ترتفع تكلفة الفرصة البديلة لهذا الاستثمار، ويؤثر ذلك على مسار القرارات الاستثمارية فتتوجه بشكل متزايد نحو الشهادات على حساب الذهب والأسهم والسندات، وهكذا يصير من المتوقع أن يؤثر قرار اصدار شهادات بعوائد تصل إلى 25% على أسعار الذهب وأسعار الأسهم والسندات بالبورصة، والنتيجة المنطقية المتوقعة هي انخفاض أسعار الذهب وانخفاض مؤشر البورصة EGX 30 وغيره.
وأكد الخبير الاقتصادي أن قرار رفع أسعار الفائدة قد يعمق من حدة الركود الاقتصادي بسبب التأثيرات السلبية التي يتوقع أن يمارسها على حركة النشاط الاقتصادي، كما أن تأثيره على التضخم سيكون محدوداً بالنظر لطبيعة التضخم في مصر في الوقت الراهن الراجع لأسباب تتعلق بجانب العرض والتكاليف ومعظمها أسباب خارجية في المقام الأول.