تقرير دولي: الحرب الروسية- الأوكرانية تدفع لسباق تسلح نووى

فى خضم الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة نشرت الأخيرة، ومعها أوروبا الغربية، عددًا من الأسلحة النووية فى أماكن متفرقة بهدف منع الاتحاد السوفيتى من تنفيذ أى عملية هجومية، ومع انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991، سحبت الولايات المتحدة هذه الأسلحة تاركة 150 منها موزعة فى عدد من الدول، مثل إيطاليا وبلجيكا وألمانيا وهولندا.
وطبقًا لتقرير نشرته الألمانيةDW فإن نشطاء السلام الألمان لا يتوقفون عن الاحتجاج أمام قاعدة بوندسوير الجوية فى بوشل غرب ألمانيا، حاملين لافتات تدعو إلى إزالة الأسلحة الموجودة فى بوشل والتخلص منها، ففى بوشل تتواجد 20 قنبلة نووية جاهزة ليتم نشرها بواسطة الطيارين فى حالة التعرض لهجوم.
وتقول DW فى تقريرها إنه قبل 6 أشهر من الآن كان معظم الألمان كما لو كانوا جميعًا لديهم نفس الاتجاه لنزع السلاح النووى، خاصة أن «ألمانيا خالية من الأسلحة النووية» كان هدفًا لائتلاف الحكومة الجديدة المكون من الديمقراطيين الاشتراكيين من يسار الوسط، وحزب الخضر، والديمقراطيين الأحرار النيوليبراليين، إلا أن الغزو الروسى لأوكرانيا والتهديدات النووية الروسية جعل كل ذلك شيئًا من الماضى.
وفى استطلاع حديث أجرته هيئة الإذاعة العامة ARD على 1300 شخص فى بداية الشهر الجارى، قال 52٪ ممن شملهم الاستطلاع إنهم يؤيدون الآن الاحتفاظ بالأسلحة النووية الأمريكية فى ألمانيا، فى مقابل 14% فى الاستطلاع المماثل الذى أجرى العام الماضى.
الولايات المتحدة، التى تُنفق 10 مليارات دولار لتحديث قنابلها النووية، ستعمل بحلول عام 2023 على استبدال جميع القنابل الموجودة فى بوشل بأخرى من طراز
«B61-12» التى تتميز بالقدرة على التوجيه نحو الأهداف بجانب قدرتها التى تتراوح ما بين 0.3 إلى 340 كيلو طن «ويمكن تقدير قيمة هذا الرقم وقوته التدميرية إذا علمنا أن قدرة القنبلة المعروفة باسم الرجل البدين التى ألقيت على مدينة ناجازاكى اليابانية كانت 25 كيلو طن»، هذا التباين الكبير فى المدى التدميرى قد يكون سببًا فى عدم استخدم هذا السلاح فعليًا.
وحذر معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام (SIPRI) فى تقرير من الاتجاه لوجود سباق تسلح نووى جديد، وأنه بعد عقود من الاتجاه إلى نزع السلاح النووى أصبحت الآن كل القوى النووية تنفق الكثير من الأموال على رؤوس حربية نووية جديدة وأنظمة الإطلاق الخاصة بها، مثل الصواريخ بعيدة المدى والسفن والغواصات والطائرات.
وطبقًا للباحث هانز كريستنسن فى معهد (SIPRI) الذى أمضى وزملاؤه سنوات فى تقدير مخزون الأسلحة النووية للدول المسلحة نوويًا فى العالم، حيث وجدوا أن عددها يصل إلى 12705، تملك روسيا والولايات المتحدة أكثر من 90% منها.
وقالت مديرة مشروع المعلومات النووية فى اتحاد العلماء الأمريكيين لDWإن الدول النووية مشغولة بتحديث ترسانتها سواء فى الأنواع الموجودة لديها بالفعل أو تقديم أنواع جديدة، وبدأت الدول تتمسك بشكل أكبر بامتلاك سلاح نووى.
وأضافت أن الصين لديها أهم زيادة فى أعداد الأسلحة النووية حاليًا، ونحن لا نعرف بالضبط السبب الذى يدفع الصين إلى ذلك لأنها لا تريد التحدث عن الأمر، فنحن نعيش فى عصر جديد من المخاطر النووية.
وقريبًا لن تريد روسيا أو الولايات المتحدة الالتزام بالحدود، خاصة أن معاهدة «New Start» أو معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية بين الدولتين تنتهى عام 2026، ومع ظروف الحرب الروسية- الأوكرانية فمن غير المرجح التوصل إلى اتفاقية لاحقة، وربما هذا يفسر احتمالية حدوث منافسة نووية جديدة بين روسيا وأمريكا والصين، ثم هناك الدول التى تمتلك أسلحة نووية فعالة جديدة، مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية، فكل هذا يزيد من مخاطر الحرب النووية بشكل أكبر مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، ويجعل من وجود عالم خالٍ من الأسلحة النووية فكرة بعيدة المنال.