بعد تصريحات الفنانة بسمة ووصف «البقرة».. «الرضاعة الطبيعية».. خير ما تهديه الأم للوليد

أثارت تصريحات الفنانة بسمة حول الرضاعة الطبيعية جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، حين قالت: «أرفض الرضاعة. لأنى لست بقرة. ولا أمارس دور البقرة فى حياة أحد».
تلك التصريحات أثارت استياء العديد من الأمهات اللاتى اعتبرنها إهانة لكل سيدة ترضع أطفالها طبيعيا، فيما رد الأطباء المتخصصون على تصريحات الفنانة وأكدوا فى تصريحات ل«صحتك بالدنيا»، أن الرضاعة الطبيعية للأطفال تعتبر أفضل هدية من الأم للمولود، لأن الأمر يتعدى فوائد التغذية بمراحل ويتضمن مساندة قوية لتطور الطفل ومناعته، ولأهمية هذا الموضوع سنركز عليه فى مقالة كاملة.
الدكتورة مى فؤاد نصار، أستاذ طب الأطفال واستشارى التغذية الإكلينيكية بكلية طب عين شمس والحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الطبية، قالت إن منظمة الصحة العالمية توصى بأن تبدأ الأمهات الرضاعة الطبيعية فى أقرب وقت ممكن عقب الإنجاب، ويفضل خلال الساعة الأولى، وذلك يتطلب تجهيز الأم نفسيا وجسمانيا لهذا الأمر خلال شهور الحمل وتدريبها على الوضعيات المختلفة وكيفية العناية بصحتها والمغذيات التى تحتاجها، حتى تتمكن من إرضاع طفلها بسلاسة ودون معوقات.
وتابعت: هناك الكثير من النصائح التى تؤدى إلى نجاح نقطة البداية وتضمن حصول المولود على لبن «السرسوب» الذى يميز أول أيام الرضاعة الطبيعية بما له من خصائص تمهد الجهاز الهضمى للقيام بواجبه، إلى جانب كل المميزات التى تقوى مناعة الطفل.. وترتكز هذه النصائح على الاهتمام بما تتناوله الأم من أكل مغذٍّ وسوائل وتوفير عدد ساعات نوم وراحة، مع التأكيد على وضعية سليمة للطفل خلال الرضاعة، مما يسمح له بالانتهاء تماما من الرضاعة فى الوقت المقرر، وهذا فى حد ذاته يعتبر حافزا لأن تستمر عملية الرضاعة بشكل طبيعى. وأشارت الدكتورة مى إلى أن عيادة التغذية الإكلينيكية بمستشفى الأطفال جامعة عين شمس والتى تشرف عليها، تناولت جوانب هذا الموضوع المهم، وشملت جزءا كبيرا من الأبحاث التى تم إجراؤها.
وتتطرق باقى توصيات منظمة الصحة العالمية إلى تحديد فترة الرضاعة لتكون 24 شهرا من عمر الطفل، وتضمنت هذه التوصية لمنظمة الصحة العالمية التركيز على أن تكون الستة أشهر الأولى رضاعة طبيعية حصرية، حيث إن لبن الأم يكون كافيا تماما لكل احتياجات الطفل فى هذه المرحلة.
وأضافت أن فوائد الرضاعة الطبيعية تتجاوز النمو الجسمانى الأمثل للطفل، فتحقق له الغطاء المناعى ضد كثير من الأمراض، هذا إلى جانب التميز فى كل الوظائف الحيوية ونسبة الذكاء المتقدمة، ولا ننسى فى هذا الصدد أن نذكر أن كثيرا من الأبحاث العلمية الجديدة أثبتت أن الرضاعة الطبيعية تقى الطفل مخاطر السمنة التى أصبحت من وبائيات العصر الحديث.
وأشارت أستاذ التغذية الإكلينيكية بكلية طب عين شمس إلى أن هناك فوائد صحية عديدة للأم المرضع، من ضمنها المساعدة على أن يصل الرحم لحجمه الطبيعى فى زمن قياسى، كما أثبت كثير من الأبحاث أن الأم التى ترضع وليدها رضاعة طبيعية أقل عرضة لأمراض سرطان الثدى والجهاز التناسلى، وهى أيضا أكثر إنتاجية، والأقل فى نسبة التغيب عن العمل بسبب الصحة الجيدة لمولودها وكونه أقل عرضة للأمراض المختلفة.
وقبل أن نختم لابد أن نرد على السؤال الذى يدور ببال كل الأمهات ويُسأل فيه معظم أطباء الأطفال، والسؤال هو: هل يحتاج ابنى لفيتامينات خلال فترة الرضاعة الطبيعية؟ وللرد عن هذا السؤال نؤكد أن الطفل لا يحتاج لمركبات الفيتامينات والأملاح المتعددة إلا فى حالات مرضية شديدة تمنع تناول المغذيات المختلفة أو الاستفادة منها، وكل ما ننصح به هو الالتزام بفيتامين «كاف» عند الميلاد، و«فيتامين د» للمواليد من اليوم الأول من العمر بجرعة 400 وحدة بالفم يوميا خلال العام الأول، ويتم إعطاء الحديد الوقائى من الشهر السادس، لو رأى الطبيب أن حالة الطفل تستدعى، ووجبات الفطام لا تعطيه احتياجاته من الحديد.. وجدير بالذكر أن الأطفال المبتسرين يحتاجون الحديد فى عمر أقل من هذا، لأن مخزون الحديد لديهم قليل.
وختامًا، نكرر أن الرضاعة الطبيعية بكل فوائدها تعتبر هبة من الله، وهى خير ما تهديه الأم للوليد، ونحن فى حاجة إلى مساندة الأمهات فى هذه المرحلة لنسهل عليهن الأمر ونذكرهن دائما بكل الفوائد المرجوة للأم والمولود على السواء. هذا إلى جانب الفوائد الاقتصادية وما يعود على المجتمع ككل.
ولهذه الأسباب كلها يحرص فريق العمل فى عيادة التغذية الإكلينيكية بمستشفى الأطفال جامعة عين شمس وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور إيهاب خيرى رئيس التخصص، والأستاذة الدكتورة مى فؤاد نصار المسؤولة عن العيادة إداريا، على توفير كل الدعم النفسى والطبى للأمهات، وعمل محاضرات توعية وورش عمل دورية للتعريف بالرضاعة وفائدتها وكيفية الاستمرار فى إرضاع المولود بنجاح حرصا على صحة أطفالنا.