التنقيب عن الآثار والمياه الجوفية يهدد منازل «العلوة» بالقليوبية

«العلوة» إحدى مناطق قرية سنديون مركز قليوب بالقليوبية، ويعيش أهالى تلك المنطقة فى حالة خوف دائم، فمنازلهم مهددة بالانهيار، بسبب التصدع الذى يرجعه البعض إلى التنقيب عن الآثار أسفل هذه المنازل، وآخرون يقولون إن السبب فى ذلك هو ارتفاع منسوب المياه الجوفية كونها أقدم منطقة فى القرية.
«المصرى اليوم» زارت منطقة «العلوة» واستطلعت آراء عدد من السكان، إذ قال صلاح حسب الله، أحد الأهالى، إن المنطقة تابعة لقرية سنديون، وكلمة سنديون مكونة من شقين: الأول «سند» ويعنى معبد، و«يون» ويعنى إله الشمس، وتعنى معبد الإله يون إله الشمس عند الرومان، ولذا تعتبر «العلوة» القرية القديمة كونها أعلى منطقة بالقرية، نسبة لعلوها وكانت تحمى أهالى البلدة القديمة من فيضان نهر النيل الذى كان يغرق الدلتا قبل إنشاء السد العالى.
وأضاف أن منطقة العلوة تنقسم إلى قسمين: الأول السكان الأصليون ومنهم فقراء ومحدودو الدخل ومنهم من يعمل بالأجر اليومى، والثانى من يشترى البيوت القديمة لكى يتاجر بها للحالمين بالبحث عن الآثار الذين يبحثون فى الدروب، حيث تؤدى منطقة العلوة إلى عدة تفريعات تسمى دروب، وكانت هناك علامات من الرخام بها عدة نقوش وأخذتها هيئة الآثار، والدروب هى درب النجا ودرب الضباعنة ودرب الشد ودرب النصارى ودرب السيوهى ومنطقة الزريعة.
وأوضح أن كل هذه الدروب أثارت الأهالى وبعض الغرباء على التنقيب عن الآثار فى ظل وجود أسطورة يرويها الأهالى بأن القرية توجد أسفلها كنوز رومانية كثيرة، ما جعل المواطنين بها ينقبون عن هذه الكنوز، فضلًا عن الحكايات والقصص التى تؤكد أن القرية أساسها فرعونى وتوجد بها شوارع أسفل المنازل وأعمدة من الجرانيت فى بعض المناطق، ومعبد قديم تحت مسجد القرية والذى يسمى الجامع الكبير، وكان الناس قديمًا يشاهدون الأهرامات من مئذنة المسجد قبل الشروع فى بناء الأبراج العالية، وفى منطقة العلوة يقال إن هناك سردابًا فى منتصف العلوة يؤدى إلى سندبيس أو شلقان.
وقال أحد الأهالى من منطقة العلوة- رفض ذكر اسمه: إن منطقة العلوة تمثل ربع سكان ومنازل قرية سنديون، والسبب فى تصدع مبانيها القديمة والمقامة منذ آلاف السنين يرجع إلى قيام سكانها بالحفر أسفلها بحثًا عن الآثار، فكل صاحب منزل يقوم بتشوين الرمل والزلط أمام المنزل، ويبدأون فى الحفر والتنقيب عن الآثار بالداخل لإيهام الآخرين بأنهم يرمّمون ويجددون منازلهم، ولكنهم فى الحقيقة يبحثون عن الآثار.
وأضاف عبدالعزيز فاضل، من الأهالى، أن منطقة العلوة تعلو على مستوى سطح الأرض بنحو 10 أمتار، والشوارع والبيوت بها تعلو تدريجيًا، وكانت المنطقه تسمى قديمًا «منايمة الفرعون»، إلى أن تم تحريف الاسم إلى «العلوة»، حيث كان هناك 15 عمود جرانيت أثرى موزعة على أماكن مختلفة، كنوع من العلامات أمام بعض الشوارع، وهذه الأعمدة منذ قديم الأزل وهى مكانها إلى أن تمت إزالتها ونقلها لمخازن هيئة الآثار.
وأوضح أن المسجد الكبير فى القرية يعد من أقدم الأماكن الأثرية، تم بناؤه فى عهد الملك فؤاد الأول، مناشدًا إدراج منطقة العلوة فى سنديون ضمن مبادرة «حياة كريمة»، لتطوير المنازل بها.
وأرجع أحمد رضوان، من أهالى المنطقة، السبب فى تصدع المنازل إلى أنها منازل قديمة جدًا وشوارعها ضيّقة للغاية، ولا يوجد بها صرف صحى لأن المشروع لم يدخل حتى الآن لقرية سنديون بشكل عام، كما يرجع سبب التصدعات أيضًا إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية وحرمان القرية من مشروع الصرف الصحى.
وأشار إلى أن منازل العلوة ملتصقة ببعضها، لأنه تم بناؤها دون أعمدة خرسانية، فإذا تم هدم منزل لابد أن يتأثر المنزل المجاور له، لأن الجدران ملتصقة ببعضها تمامًا.
وكشف تقرير صادر من الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بقليوب، عن أن التربة المقام عليها منازل العلوة متحركة، وأن التصدعات الموجودة بالمنازل نتيجة تحريك التربة أسفل المنازل، ما أدى لتصدعها، وبالتالى تتأثر المنازل المجاورة.
ولفت التقرير إلى أن عمليات الحصر المبدئية بالمنطقة، توصلت إلى وجود 70 منزلًا قديمًا وآيلًا للسقوط يجب إخلاؤها فورًا، لاستحالة المعيشة بداخلها لوجود خطورة على سكانها، وهناك منازل تحتاج للترميم.
وأوضح الدكتور محسن بدوى، مدير عام الآثار فى القليوبية، أن منطقة العلوة فى سنديون من المحتمل أن يكون أسفلها آثار، لوجود شواهد بهذا الأمر، كأن يقوم أحد الأهالى بالحفر بغرض البناء، ويعثر على أحجار لبنية أو أوانٍ فخارية، ولكننا لم نرَ فيها تماثيل أثرية بشكل قطعى حتى الآن.
وأضاف أنه منذ 15 عامًا عرضنا على اللجنة الدائمة للآثار بالوزارة إخضاع المنطقة للكشف عن الآثار، ولكن اللجنة رفضت بسبب أن المنطقة مقام عليها منازل كثيرة ويصعب تهجير سكانها، لصعوبة توفير منازل بديلة لهم وتعويضهم ماليًا.
وكان اللواء محمود عشماوى، محافظ القليوبية الأسبق، زار المنطقة، وقال إنه تم حصر المنازل المتضررة تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات العاجلة لإخلائها وتوفير سكن آمن على نفقة المحافظة ورجال الأعمال، لحين الانتهاء من إعادة بناء هذه المنازل مرة أخرى وإعادة تخطيط شوارع المنطقة ورفع كفاءة البيوت الخاصة بهم وإصلاح الشوارع غير المخططة لتسمح بدخول عربات الإسعاف والمطافئ وغيرها من الخدمات الضرورية أو الطارئة حرصًا على أرواح المواطنين وحياتهم فى هذه المنطقة.