الهدف الاساسى و النهائى من اى حركة مقاومة لنظام او ثورة هو تحويل ميزان القوى و تحريرها من يد الاقلية الديكتاتورية الى يد الاغلبية المحكومة و لذلك عندما شن الشعب المصرى حملته ضد النظام الحاكم من خلال ثورة 25 يناير أستطاع الشعب إقناع النظام بقوته و اقتنع النظام والمجتمع بأن تكلفة القمع الذى يمارسه النظام الحاكم أعلى بكثير من المكاسب الناتجة عن أستخدامه فاضطر الرضوخ لارادة الشعب المصرى وتخلى مبارك عن السلطة و لكن ظلت تلك السلطة فى يد الاقلية الديكتاتورية حتى بعد تخلى مبارك عن السلطة التى اقتنعت فى وقت الثورة بأن حجم الخسائر التى سوف تحدث كبيرة لو أصر مبارك على التمسك بالسلطة لان سيناريو القمع يهدد مصالحها الاقتصادية المسيطرة عليها لو دخلت البلاد فى سيناريو مثل ليبيا او سوريا و لذلك عملت على بلورة وضع جديد يتيح لها فرصة الوقت للسيطرة على الثورة من خلال وسائل و اسلحة تدميرية تتيح لها القدرة على احتواء الثورة و ضمان سيرها فى المسار الذى يحمى مصالحها و مصالح القوى الأخرى التى تعمل فى ظلها و تتعاون معها ويمكن ذكر بعض تلك الاسلحة على سبيل المثال لا الحصر منها سلاح التلاعب بالعقول من خلال السيطرة على تلك العقول و توجيهها و خاصة من البسطاء من الشعب المصرى و ذلك من خلال وسائل الاعلام التى كانت تركز على ان الثورة مطالبها تحققت ولا داعى للتظاهرات مرة أخرى و تم تصوير مطالب العمال و الناس الغلابة على أنها مطالب فئوية و ان حق التظاهر مكفول للجميع ولكن يتم فى نفس الوقت تجريم الاعتصامات و التظاهرات كأنهم يقولون لك مقولة القذافى ان التظاهر حق للجميع ولكن لا تخرجوا فى الشوارع للتظاهر ولكن فى البيوت والغرف المغلقة كأننا نرفع الشعار ونقيضه فى نفس الوقت و طبعا تم الصاق تهم كل مصائب النظام المخلوع بالثورة من حالة الانفلات الامنى و توقف عجلة الانتاج كأن عجلة الانتاج فى ظل ايام مبارك كانت تسير دون توقف ثم عندما جاءت الثورة توقفت عجلة الانتاج و الهدف من ذلك ليكره البسطاء الثورة و يسبون ويلعنون تلك الثورة التى أضرت بهم و للآسف لان الشعب المصرى غلبان و لان تكرار الرسالة الاعلامية يعمل بالتبعية فى التأثير على الوجدان النفسى للجماهير فأن جزء عريض من الشعب المصرى أصبح يتكلم بسوء عن الثورة كأنها السبب فى كل المصائب التى نعيش فيها و نسوا الثلاثين سنة الماضية من القهر و الذل الذى كان يعيش فيه الشعب المصرى فى ظل النظام اللامبارك و أيضا عندما يشعر النشطاء السياسيين بأنه لا يوجد تغيير حقيقى على أرض الواقع بعد الثورة وان الحكومة الحالية ما زالت تسيرعلى خطى الحكومات السابقة و خاصة حكومة احمد نظيف فتدب روح اليأس من التغيير فى نفوس النشطاء السياسيين خاصة عندما يرى الشعب يتنازل عن ثورته ويتخلى عنه فى منتصف الطريق و يتركه وحيدا هنا تكون الطامة الكبرى لان مصالح النخبة الحاكمة هى التى تتحقق فى تشكيل النظام السياسى بغض النظر عن المصلحة العامة للغالبية العظمى من الشعب المصرى و هنا اصبح هناك مبرر للسلطة لقمع و فض الاعتصامات كيفما تشاء لان من يقوم بها أصبح من وجهة نظر الشعب معطل للانتاج وهناك مبررات لابد ان تجدها السلطة عند اللجوء للقوة لاقناع المجتمع الدولى و المواطنين باستخدام القمع من تلك المبررات مبرر و غطاء اخلاقى وهى ضرورة انسانية و ضميرية مثل التبرير بحماية الشباب من التغرير بهم و غسل عقولهم وحماية المجتمع من الافكار المشبوهة خاصة بعد ظهور قضية الجاسوس الاسرائيلى و شبكته فمن السهل جدا ان اى اعتصام يحدث فى مصر الآن ورائه جهات خارجية مشبوهة تحرك ذلك الاعتصام او الاضراب تريد ان تضر بالمصلحة العليا للمجتمع وهناك مسوغات قانونية او غطاء عقلى وهى ضرورة للتقبل العقلى و ذلك من قبيل مخالفة القوانين والاعتداء على الممتلكات العامة و تعطيل مصالح الجماهير او تعطيل الدستور او الانقلاب على ارادة الشعب وهناك سلاح فتاك هو سلاح ازدواجية المعايير فى المحاكمات التى تحدث للنظام فهناك معاملة تميزية للنظام فى تلك المحاكمات وتباطوء شديد يجعل المواطن العادى يصل الى درجة الغليان لعدم قدرته على فعل شئ إزاء ذلك و طبعا كل ذلك يتم بأسم القانون ولكنه قانون جائر فاذا كانت مشيئة القانون ان تظلم الآخرين و تحرمهم من حقوقهم و ترد لهم مظالمهم فلابد من خرق هذا القانون الفاسد الذى يحمى الفساد والفاسدين الكبار و خاصة عندما تعلم تمتع النظام السابق بعوائد جرائمهم كأنهم لم يفعلوا شيئا فى حق الوطن مما يغرى ويغوى ضعاف النفوس على الانجراف فى تيار الجريمة تحت تأثير ارتفاع العوائد من جرائم الفساد فى ظل حماية القانون الجائر الذى يجنح الى الظلم و ليس القانون هو الذى يملى ما هو عادل بل العدالة هى التى تفرض ما هو قانونى فحين يكون هناك صراع بين القانون والعدالة فعلينا ان نختار العدالة وان نعصى الشرعية لان ما يجب ان يلهم الانسان فى سلوكه ليس ما هو شرعى بل ما هو مشروع و من السهل جدا تجاهل مطالب الجماهير عندما يحاول ان يعبر عن ظلم واقع عليه و لا يجد قنوات شرعية تستمع الى مظالمه و يمكن تبرير ذلك بأى مبرر من المبررات التى أصبحت جاهزة للتقديم والعرض مع اى اعتصام او اى حركة احتجاجية و سلاح التجاهل كان يتبعه مبارك ولكنه لم يكن بمهارة اقناع المبررات الحالية منها تعطل عجلة الانتاج او تعطيل الدستور او القانون و هذه كانت بعض الاسلحة التى تعمل على تدمير الثورة و تعطل تحول مصر الى الديمقراطية التى كانت تنشدها الثورة