بالدستور رئيس مصر القادم أقوى من فرعون وقيصر وهتلر وأوباما!! ثلاثون يوما فقط مرت على شرارة الثورة فى 25يناير الماضى وأقل من أسبوعين على تخلى الرئيس السابق حسنى مبارك عن سلطاته كرئيس للجمهورية، وهو هذا " التخلى " الذى جاء على لسان نائبه عمر سليمان الذى يبدو وكأن القدر كان يدخره ليعلن الكلمات الأخيرة التى كان يفترض أن تكون على لسان الرئيس الراحل نفسه لو أنه امتلك شجاعة الخروج للجماهير بشخصه.. وعلى أى حال فإن مصر اليوم فى مفترق طرق يجمعها أمل وهدف واحد وهو ألا تعود إلى ما كانت عليه قبل ثورة 25يناير، وهنا يجب أن نتوقف أمام علامات مهمة على الطريق حتى نصل إلى هذا الهدف حتى وإن بدا أن الوقت مازال مبكرا على طرح القضايا أو الأسئلة فربما يكون فى ذلك الانتباه لما يجرى ضرورة لا مفر منها قبل أن يضيع النصر.. وهذه العلامات على مفترق الطرق تبدأ بشجاعة السؤال الجوهرى وهو: هل ما حققته ثورة 25يناير حتى الآن يعنى أن الثورة حققت أهدافها؟ هل حققت بالفعل هتافها " ثورة ثورة حتى النصر"؟ وهل هذا النصر هو مجرد إسقاط مبارك؟ وقبل أن تأخذنا الأحداث بعيدا عن الحقيقة علينا أن نرجع للتاريخ الذى لا يكذب لنكتشف أن عدد الثورات التى لم تكتمل أو التى تعرضت للانقلاب عليها أو لإجهاض أهدافها بما يسمى بالثورة المضادة هى أكثر بكثير من الثورات التى نجحت بتحقيق أهدافها بالكامل.. من هنا تبدو أهمية بعض العلامات على الطريق: أولها أن إزاحة رمز النظام ورأسه ورئيسه حسنى مبارك كان فى مقدمة أهداف الثورة ولكن ذلك ليس هو ما يراه البعض النصر الكامل للثورة لأن الهدف الحقيقى لم يكن فقط الشعار الذى رفعه الثوار وهو أن " الشعب يريد إسقاط النظام " بل هو فى الحقيقة أن الشعب يريد " تغيير " النظام.. وتلك نقطة مهمة وجوهرية ينبغى أن نتوقف أمامها جميعا وهى أن ما نحن أمامه حتى اليوم يمكن أن يعود بنا - لا قدر الله - إلى تكرار " النظام " الذى قدم الشهداء دماءهم من أجل تغييره وليس مجرد إسقاطه ليعود بأشخاص جدد، وعلى أبناء الثورة أن يتوقفوا بانتباه وحذر حتى لا تعود الأوضاع إلى ما كانت وربما مازالت بعض ملامحها ورموزها عليه حتى الآن.. وذلك لأن الدستور الحالى – حتى بعد تعديل المواد التى يجرى تعديلها - قد يعود بنا للأسف بعد سنوات إلى نفس الوضع الديكتاتورى والقمعى الذى قامت الثورة من أجل تغييره.. لأننا أمام دستور لجمهورية رئاسية يتضمن حتى بعد تعديله 38 مادة بالكامل كلها تعطى لرئيس الجمهورية فى مصر من السلطات المطلقة ما لم يتمتع به فرعون مصر أو قيصر روما أو هتلر ألمانيا أو أوباما الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها.. فالرئيس المصرى وبالدستور الحالى يتحكم فعليا فى كل سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وهو بجانب ذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للشرطة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وهو يرأس كل شىء فى مصر وهو يفعل ما يشاء ولا يملك أحد أن يسأله – مجرد سؤال – عما يفعل.. وهو – أستغفر الله العظيم – نصف إله.. ولو أن مصر حكمها نبى من الأنبياء أو رسول من السماء وبيده هذه السلطات التى يمنحها له الدستور الحالى فسوف يصبح يوما مثل مبارك إن لم يكن أسوأ منه.. إذا كان هناك من هو أسوأ منه! ولذلك يجب أن ندرك أن الانتصار الحقيقى للثورة ليس فقط فى إسقاط النظام ولكن وهذا هو الأهم فى تغيير النظام.. وهو ليس مجرد تغيير لأشخاص هذا النظام ورموزه ولكن تغيير النظام السياسى للدولة لأن شباب الثورة لم يخرج مضحيا بحياته من أجل أن يطيح بمبارك أو عز أو العادلى ويفتح الباب لعشرات من نفس نوع مبارك والعادلى وعز وغيرهم وهم كثيرون.. ولن يتم ذلك إلا بدستور جديد يحقق الهدف الأول من الدساتير فى العالم.. فقد ظهرت الدساتير فى العالم وهدفها تقييد سلطات الحاكم لصالح حريات الشعب فى حين أن الدستور المصرى الحالى هو عكس ذلك تماما حيث يتوسع بصورة مزرية فى منح كل السلطات للحاكم ثم يخضع هذا الشعب لسيطرة الحاكم المطلقة.. نريد دستورا مثل دساتير العالم من حولنا.. نريد جمهورية برلمانية تكون السلطات الحقيقية فيها للشعب وليس لرئيس الجمهورية.. ومصر ليست أقل شأنا من إسرائيل أو تركيا أو الهند حيث الجمهورية البرلمانية التى يكون الرئيس فيها حكما بين سلطات الدولة وليس حاكما مسيطرا على هذه السلطات وعلى الشعب. المقال القادم ( حكام مصر هل هم أسياد لشعب من العبيد ) لبيب السباعى