عزيزي المُحافِظ، هل تعلم أن الليبرالية كمبادئ لا تتعارض إطلاقاً مع جوهر الاسلام، الاسلام هو إللي حرر المرأة بعد ماكانت في الجاهلية بتتورث وبيتسد بيها الدين وبيتلعب بيها قمار كمان أحياناً، الاسلام يعني تحرير الرق والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين -سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو غير ذلك- في الحقوق والواجبات، الاسلام يعني لا إكراه في الدين، الاسلام نادى بقيم مجتمعية هي بالظبط اللي بتنادي بيها الليبرالية كمشروع سياسي اجتماعي؛ مش اعتقاد ديني أو وسيلة لاستبدال ماهو الهي بما هو وضعي. عزيزي المحافظ، كلنا اسلاميين مافيش مشكلة خالص، في الحقيقة كلمة اسلاميين بتتقال مجازاً بس، وفي الحقيقة برضو أتباع الفكر "الاسلامي" في مصر بيمثلوا التيار "المحافظ" اللي موجود في أي حتة في الدنيا، والإشكالية دي مستفيد منها التيار المحافظ عشان بتخليه يحتكر الحديث باسم الاسلام وأحيانا اتهام من يختلف معه بالكفر بإعتباره اسلامي وغيره مش اسلامي. التيار المحافظ دة موجود في أي ديموقراطية في الدنيا، بيبقى تيار بيعتمد في فلسفته السياسية والاجتماعية على التقليد وبقاء الوضع الراهن كما هو عليه من حيث التطور العلمي والانجاز البشري، ودة فكر أو أيديولوجية ليها احترامها طالما بتحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وطالما عندها استعداد للتعايش مع الأفكار المختلفة معاها -زي الليبرالية مثلاً- اللي هي كمان ممكن يتقال عليها فكرة اسلامية ويبقى أتباعها اسلاميين، بس هيحصل ساعتها حرب تكفيرية واحتكار من كل طرف للحديث باسم الدين واقصاء للطرف الآخر، ودة في الحقيقة ليس من الاسلام في شيء. النقطة المهمة أوي اللي عايز أوصلهالك عزيزي المحافظ، ان أنت لو فاكر ان إحنا بنتكلم عشان أنا أسحق أفكارك وأهزم كل مزاعمك، أو أنت تفحمني بالرد وتسكتني الى الأبد، تبقى غلطان... الصراع الفكري بين الليبرالية والمحافظة موجود منذ الأزل، وهو مالوش حل في الحقيقة، الليبرالي توليفة مخه وقالب تفكيره وبحكم مرجعيته الثقافية دايماً بيسعى للتجديد والتحرر من القيود والتقدم للأمام -في حدود العُرف العام للدولة أياً كانت مرجعيتها الثقافية- ، والمحافظ دايماً بيحب التمسك بتقاليد المجتمع ويشوف الناس زمان كانوا بيعملوا ايه ويعمل زيهم وخلاص. المشكلة الجوهرية لما حد منهم يشهر سلاح الدين في وجه الآخر باعتبار الآخر دة ضد الدين؛ أياً كان مين الطرف اللي بيعمل كدة وايه رد الفعل من الطرف التاني دة... الليبرالية مش ضد الدين والمحافظة مش ضد الدين، ومن ثم بقى لازم نتكلم على مستوى تاني ونرمي بقى اللي فات ورا ضهرنا ونتجاوزه، ونبتدي نتعامل مع بعض على أساس من السماحة والتقبل والتفهم لأفكار بعضنا البعض، ونبتدي نحاول نوصل لتوافق حول رؤيتنا لمستقبل مصر. التيار المحافظ بيتكلم دلوقتي عن تطبيق الشريعة، بس مش بيطرح أي رؤية أو تصور للشريعة دي. عشان نتناقش بصددها وناخد وندي فيها يعني. والتيار الليبرالي مشروعه بسيط وجاهز وتقليدي ومافيش فيه فن أو اعجاز وقدام الناس كلها للبحث والتفنيد، وهو دستور ديمقراطي يحمي حقوق المصريين ويحترم حقوق الأنسان ولا يقبل بالتمييز على أي أساس، ويتخذ مبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشريع. عزيزي المحافظ، النقاش في هذا الاطار نقاش محترم ومثري وبناء جداً، أما خارجه فأنا عن نفسي تعبت منه وشايفه غير مجدي وغير بناء على الاطلاق، والاستمرار فيه هو جري في الفراغ واهدار للوقت والجهد.. واهدار للثورة كمان. [email protected]