إطلاق مبادرة "ازرع" في موسمها الرابع لدعم 250 ألف فدان من القمح    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    أسعار اللحوم اليوم الخميس 23 أكتوبر في الأسواق    مصر والاتحاد الأوروبي يُوقّعان اتفاق المرحلة الثانية لآلية مساندة الاقتصاد بقيمة 4 مليارات يورو    محافظ الجيزة يبحث موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    أسعار النفط تقفز 3% صباح اليوم لذلك السبب    رضوى هاشم: دعم حكومي واسع لوزارة الثقافة وإطلاق تطبيقات رقمية للتراث    مصر والاتحاد الأوروبي يؤكدان أهمية حماية الأمن البحري وحرية الملاحة بالبحر الأحمر    هل ينتقل محمد صلاح إلى الدوري السعودي بعد فترة من التوتر داخل ليفربول؟    ب 5 أهداف.. صلاح محسن يتصدر قائمة الهدافين بعد انتهاء الجولة ال11 في الدوري    سيناريوهات تأهل منتخب مصر للسيدات إلى كأس الأمم الإفريقية    غلق مؤقت لبوابات الإسكندرية بسبب شبورة مائية كثيفة    حبس زوج ألقى زوجته من "الشباك" ببورسعيد 4 أيام على ذمة التحقيقات    اليوم.. نظر أولى جلسات محاكمة المتهمين بالاعتداء على محامية في المقطم    المخرج هشام الرشيدي: فيلم أوسكار نقلة في السينما المصرية نحو الخيال العلمي    «الإفتاء» توضح حكم بيع وشراء الحسابات داخل الألعاء الإلكترونية    وزيرا الصحة والتعليم العالي يفتتحان المؤتمر العلمي للجمعية المصرية للأمراض الصدرية والدرن    ما هي الشهادات المتوفرة الآن في بنك مصر؟ قائمة بأعلى العوائد    بهذة الطريقة.. طة دسوقي يحتفل بميلاد زوجته    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    طقس مصر اليوم: خريف معتدل على معظم الأنحاء مع تحذير من الشبورة المائية    فلسطين.. افتتاح قسم الجراحة العامة بعد الترميم في مستشفى الخليل الحكومي    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    الأصول أهم    رسميًا إعارات المعلمين 2025.. خطوات التقديم والمستندات المطلوبة من وزارة التعليم    علي الحجار يطرب جمهور الموسيقى العربية ويحيي تراث أم كلثوم بصوته    زوج رانيا يوسف: بناتها صحابي.. وكل حاجة فيها حلوة    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    وكالة: كوريا الشمالية تعلن تنفيذ تجارب ناجحة لصواريخ فرط صوتية    ليفربول يفك عقدته بخماسية في شباك آينتراخت فرانكفورت بدوري الأبطال    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    بدء غلق كوبري الأزهر السفلي أحمد ماهر 3 أيام لاستكمال تغيير الأرضية    والد المتهم تستر على الجريمة.. مفاجآت في قضية طفل الإسماعيلية يكشفها المحامي    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية في غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    مع اقتراب الشتاء.. خطوات تنظيف اللحاف بسهولة    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريم قارئ فوق العادة
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 05 - 2011

طبيعىٌّ أن يتحلَّقَ خمسون قارئًا حول كاتبٍ يحبونه فى ندوة أو حفل توقيع، يُعربون فيه عن حبّهم له، وامتنانهم لقلمه. لكن غير الطبيعىّ، أن يتحلّق خمسون كاتبًا من نخبة الكتّاب والمبدعين والشعراء حول قارئ، لأنه قارئٌ فوق العادة. لا يحدث هذا إلا فى بلد عريق وراقٍ ومتحضّر، رغم الكبوة الراهنة. يحدثُ هذا فى مصر.
علّك عزيزى القارئ تذكر مقالى هنا بتاريخ 29/6/2009، تحت عنوان «أجملُ قارئ فى العالم»، الذى كان بطله العمّ «محمد كامل»، والذى أنفق عمرَه وينفق كلَّ ما يملك من زهيد المال على القراءة. هذا الرجل لا يحارُ هل يشترى بقروشه لقمةً تقيمُ أودَه، أم كتابًا يقيمُ عقله، بل ينتصر فورًا ودون تردد للخيار الأخير. فيسهر على كتاب يلتهمه، ويصلُ الليلَ بالنهار حتى يُتمَّه، ثم ينامُ ملءَ جفونه عن شواردها، فيما يسهرُ القومُ جراء اللهو والصغارات والمتع الخائبة، التى تُفرِّغُ الروحَ وتُسطِّحُ العقل.
كانت مبادرةً نبيلة من أتيلييه القاهرة العريق، بالتعاون مع دار «إيزيس» وصاحبتها سوزان التميمى، ودار «صبح» وصاحبها زكريا صبح، لإقامة حفل تكريم للرجل المثقف محمد كامل. حضره جمعٌ غفير من الكتّاب والمثقفين، ليقدموا شهاداتهم حول الرجل الذى جعل القراءةَ حبيبته الأثيرة، والكتابَ رفيقه الذى لا يفارقه، فصار مرجِعًا نعود إليه لنسأله عن عنوان قصيدة أو رواية أو كتاب فكرىّ. حينما أخبرنى الشاعر سعدنى السلامونى بالفكرة، قلتُ له إن هذه الفكرة هى القصيدةُ الأجمل. كانت تظاهرة محبة تحدّث فيها الرجلُ عن أولئك الذين جذبوه إلى عالم الكتاب الشاسع بالثراء.
الكاتبة الجميلة فتحية العسال أنقذته من الموت وهى فى شهور حملها الأخيرة، وهو شابٌّ يحاول توصيل بعض المال لأحد المسجونين اليساريين، إذ حالت بينه وبين حوافر حصان جامح يمتطيه سجّان جلف. وهو طفلٌ، كان ربيبَ كتّابٍ كبار مثل يوسف الشارونى وعبد الحميد جودة السحار وشقيقه سعيد، ونجيب محفوظ وسواهم، أغدقوا عليه من كتبهم وفكرهم وحُنوّهم، حينما تأكد لهم نهمُه للقراءة وتحصيل المعرفة، فأيقن عبر هذه المواقف أن امتهان الكتابة والفكر لابد يقترن بنبل الخلق وسمو الروح.
كان حفلا حاشدًا ومبهجًا لم نعتد أن نراه فى واقعنا الثقافى الإقصائىّ الراهن، أداره الناقد د. شريف الجيّار، وأشجاه صوتُ المطرب النوبىّ الآسر كرم مراد. وأهدى الشاعرُ سمير عبد الباقى قصيدةً لعم كامل يقول فيها: «سألت عنه أهل الدار/ قالوا لى دا جناينى وعطّار/ فى كل ندوة نوّارة/ ع القهوة فى البيت والحارة/ لا بيستخبى ورا ستارة/ ولا ورا برافان/ كم من كتاب عَصَره إمّا قراه/ م الجلدة للجلدة وطواه/ بالسطر والكلمة وفلاّه/ بالحرف كمان».
طقسٌ أوروبىٌّ شهير أن يُهدى القراءُ أقلامَهم لمن يحبون من الكتّاب والعلماء والأدباء، لكى تنال أقلامُهم متعةَ الاقتران بالقامات العالية، فكانت لفتة «معاكسة» وراقية من الشاعر سعدنى السلامونى أن أهدى قلمَه الخاص لعم محمد كامل. وقبل أن يُسَّلم درعُ التكريم الفريد، الذى «صُنع فقط فى مصر»، إذْ يحمل عبارة «أجمل قارئ فى العالم»، إلى ذلك الرجل النبيل الذى حصد قلوبَ أدباء مصر، ألقى كلٌّ منّا شهادته حول ذلك القارئ الموسوعىّ.
نحتاج مجلّدًا ضخمًا يضمّ تلك الكلمات النبيلة التى قالها د.مدحت الجيار، د.سهير المصادفة، د.عوض الغبارى، كمال العيادى، محمد يونس، إبراهيم عبدالمجيد، ابتهال سالم، أمينة زيدان، غادة فاروق، سهام بيومى، حياة الحضرى، حسن نور، حسن الجوخ، وليت المقام يسمح بذكر الجميع. مثلما نحتاج لدار نشر واعية تجمع الكنوزَ الخبيئة فى رأس ذلك الرجل من ذكرياته حول كتّاب مصر القدامى ومثقفيها، وكذا تاريخ مصر فى زمنها الجميل منذ الخمسينيات الماضية.
مثلما ثورتُنا العظيمة لا تشبه أى ثورة فى تاريخ البشرية، كان حفلاً فريدًا لا يشبه الاحتفالات. أكّد، بحقٍّ، أننا ننتمى لبلد فاتن ساحر، اسمه: مصر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.