تعرف على برنامج احتفالية عيد العمال بحضور السيسي    «بحر البقر».. أكبر محطة بالعالم لمعالجة الصرف الزراعى بسيناء    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    شعبة الفاكهة: ارتفاع سعر العنب المطروح بالأسواق لاستيراده بالعملة الأجنبية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    «الإسكان»: بدأنا تنفيذ 64 برجا سكنيا و310 فيلات في «صواري» الإسكندرية    مدبولي: الحكومة مهتمة بتوسيع نطاق الاستثمارات الكورية في محتلف المجالات    تراجع معدل التضخم في كوريا الجنوبية لأقل من 3% لأول مرة منذ 3 أشهر خلال أبريل الماضي    57 نائبا ديمقراطيا ينتفضون ضد بايدن لمنع الهجوم على رفح الفلسطينية    جيش الاحتلال يقصف مسجد القسام في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    سفير روسي: اتهامات أمريكا لنا باستخدام أسلحة كيميائية «بغيضة»    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    مودرن فيوتشر في اختبار صعب أمام طلائع الجيش بالدوري    ميدو يصدم قائد الأهلي ويطالب بتسويقه    حالة الطقس اليوم الخميس.. أجواء معتدلة على أغلب الأنحاء    فلاي دبي تعلن تأخير بعض رحلاتها بسبب الحالة الجوية اليوم الخميس    مصرع طالب صدمته سيارة مسرعه أثناء عودته من الامتحان ببورسعيد    تحرير 11 محضرًا تموينيًا لأصحاب المحال التجارية والمخابز المخالفة ببلطيم    أصعب مشهد أثناء تصوير فيلم السرب.. أحمد السقا يروي التفاصيل    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال أبريل 2024    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع ب«الأوبرا»    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    النصر يطيح بالخليج من نصف نهائي كأس الملك بالسعودية    الخطيب يطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة افشة .. فماذا حدث ؟    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعض يشكك في وجوده، والبعض يراه في مكانين معاً:رحلة البحث عن القارئ العادي
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 04 - 2010

بضغطة علي شاشة جوجل، مصحوبة بعبارة "القارئ العادي" يمكنك الحصول علي مئات النتائج من مواقع مختلفة. المصطلح لم يعد تركيبا غريبا. إنه مصطلح راسخ وموجود ومكرر. "الجميع يستغلون القارئ العادي في حديثهم"، قالها لي الروائي صبحي شحاتة في جلسة كانت دافعي للتفكير في التحقيق. والاستخدامات المعتادة تأتي من جانبين. هناك أديب يقول: "هناك قارئ عادي وأنا نجحت في الوصول إليه". وهناك أديب علي الطرف الآخر يقول: "هناك قارئ عادي وأنا أربأ بنفسي عن الوقوف عنده." الفريقان يتفقان علي وجوده، ولكن، كعادة الأشياء التي يتفق الجميع علي وجودها، فلا ملامح محددة له.
من هو القارئ العادي، كيف يقرأ؟ ماذا يقرأ؟ لماذا هو عادي؟ لماذا لم يصبح حتي الآن "فوق العادي". عن وجوده من عدمه، عن ملامحه، عن أثر وجوده (أو عدم وجوده) علي السوق سألنا الأدباء والنقاد.
الروائي منتصر القفاش يبدأ كلامه بأن معظم الأدباء الذين يتحدثون عن القارئ العادي يعطون انطباعا أنهم يريدون إبعاد النقاش عن قيمة أعمالهم، ويقومون بإلقاء الكرة في ملعب غامض وهو "إعادة القارئ العادي للروايات". فالموضوع هنا هو الاستخدام البحت لما يسمي "القارئ العادي."
يري القفاش في هذه الثنائية الفاصلة بين القارئ العادي وغير العادي ثنائية سخيفة، مثل جميع الثنائيات التي تحكم حياتنا الثقافية، لأن شخصية القارئ العادي في النهاية هي شخصية غامضة جدا، بالإضافة إلي أن الأديب لا يهتم بقارئ عادي أو غيره، هو يهتم بتقديم خطاب حول عمله لكي يدافع عنه."

هناك بالطبع طفرة في القراءة، يراها منتصر بالفعل، وبالتحديد فيما يتعلق بجنس الرواية، وساعد علي هذا عناصر مثل كثرة المكتبات، ولكن المشكلة هي الخلط بين القيمة ومعدلات التوزيع، والأخطر من هذا أن الخطاب الذي يخلط بين قيمة الأعمال ومعدلات توزيعها لم يعد مقصوراً علي الناشرين والأدباء وإنما تعداهم ليصبح خطاب النقاد أنفسهم، فلقد أصبح شيئا متواترا جدا هو أن يبدأ الناقد مقاله بأن هذا العمل أو ذاك قد حقق أكثر من طبعة. وهذا فارق مهم عما كان يحدث: "القارئ العادي كان موجودا طول الوقت، يقرأ سلاسل مثل "عبير" أو "رجل المستحيل" أو غيرها، ولكن لم يكن أحد يقول بأن هذه الأعمال هي نموذج الكتابة الذي يجب أن يحتذي". كثير من الأطراف متورطة في هذا الخلط بين القيمة والتوزيع. يستعيد القفاش معركة البوكر الأخيرة حين أخذ البعض يدافعون عن أعمالهم التي لم تدخل القائمة الطويلة، باستخدام حجة أنها حققت أكثر من طبعة.
استخدام القارئ العادي في الأدب يذكر منتصر بالفترة التي راجت فيها السينما الكوميدية وأعلن فيها المنتجون والفنانون أنهم استطاعوا إعادة الجمهور إلي السينما: "يجب علينا أن نلاحظ الأعمال الأدبية التي نجحت من الناحية التجارية، كل هذه الأعمال خفيفة وتحقق متطلبات آنية جدا لدي الجمهور، ولكن من
الصعب جدا أن يعيد القارئ قراءة عمل منها مرة ثانية. وهو في النهاية قارئ لحظي ولا يريد شيئا يزعجه أو يرغمه علي التفكير."
علي النقيض من هذا، وفي مديح "القارئ العادي" يبدأ الروائي حمدي أبو جليل القول بأنه منذ أن بدأ في الكتابة كان "القارئ العادي" بالنسبة له بمثابة الأسطورة. القراء كانوا من زملاء المهنة، والأدباء وصلوا لحالة من الرضا بهذا: "عندما كان يأتيني قارئ ليحدثني عن رواية "لصوص متقاعدون" كنت أريد أن يتم التقاط صورة لي معه. ولكن بعدها بدأت أشعر أن هناك قارئا منزها عن الغرض، يقرأ بهدف المتعة فحسب لا بهدف الكتابة ولا إعداد موضوع صحفي". كما هو واضح من كلام أبو جليل، لا يسميه حمدي "قارئا عاديا"، وإنما "قارئا منزها". يرفض مصطلح "القارئ العادي" لأنه يعطيه انطباعا طبقيا، كأن هناك قارئا عاديا وغير عادي، أو قارئا بسيطا وقارئا معقدا.
يصف حمدي ملامح هذا القارئ المنزه: هو قارئ متسامح، سمح اذا اشتري وسمح إذا اقتضي، مثل المسلم الصالح، لا يبحث عن عمل كامل متكامل، وانما عن شيء قد يكون فيه نقص، وهذا في صالح تطور الكتابة. لأن التطور يأتي عن النقص والإخلال بالقاعدة. والأمر المهم هنا في هذا القارئ الجديد أنه شاب. بعد أن كان القراء جميعهم من المسنين وكبار السن."
في رأي حمدي، أن الجديد ليس في ظهور القارئ العادي بالمطلق، فقد كانت هناك أعمال روائية كان لها قراؤها دائما، وهي هنا الأعمال
المشغولة بقضايا البلد، ومن هنا فليس جديدا أن يكون لعمل مثل "عمارة يعقوبيان" أو "ربع جرام" "أو تاكسي" قراء، إنما الجديد هو أن يظهر قراء للأعمال الأخري.
حمدي يري أن الحداثيين اهتموا بقراء الأجيال القادمة، ولم يهتموا بقراء الأجيال الحالية، والمفارقة كما يشير هي أن أعمالهم ماتت وهم أحياء. يقارن أبو جليل مثلا بين طموح الكاتب الطليعي في الستينيات وطموحه الآن. إبراهيم أصلان كان مرضيا له تماما أن يطبع عمله علي مجلة ماستر ويقرأه أصدقاؤه فحسب، أي أنه يظهر بشكل هامشي جدا ثم يصنع متنه الخاص، وقراؤه لا يتعدون أبناء مهنته مخصوما منهم الأدباء التقليديون، الآن الأدباء الشباب يبدأون بصنع المتن، وتحقق أعمالهم طبعات متتالية."
الناقد والروائي سيد الوكيل يبدأ كلامه بأنه عملياً، لا يوجد شئ اسمه قارئ عادي، فالعادي هو مجرد متلق سلبي وموجه، لأن القراءة عملية تفاعلية بين النص والقارئ ، تهدف إلي إنتاج الدلالة، ولاوجود للنص بدونها، وتحتاج إلي خبرة قرائية ودرجة من درجات الوعي الجمالي لا يتوافران للمتلقي العادي."
إذن، يؤمن الوكيل بوجود "المتلقي العادي" وليس "القارئ العادي"، ومن سماته أنه ليست لديه خبرة الإنتقاء، وهو يميل إلي الأحكام العامة والرائجة، فلا يكون وجهة نظر خاصة، لهذا فهو ليس معياراً للجودة والرداءة، فهو سلبي، ولكن أهم ميزة أنه غير مؤثر في الحراك الثقافي، أي أنه غير مرئي إلا بوصفه قوة شرائية، ولهذا
فوجوده افتراضي لا يدل عليه سوي قوائم الأعلي مبيعاً."
هذه الشريحة من "المتلقين العاديين" كانت موجودة طوال الوقت، كما يضيف، وهي القاعدة، ووجودها ضروري في مراحل التكوين الأولي للقارئ الخبير، الذي يمر وجدانياً بمراحل من التصعيد والترقي، وعندها يصبح أكثر انتقائية، لكن أحياناً ما يتوقف القارئ عند مرحلة التلقي، نتيجة لشيوع أمية الوعي الجمالي في مجتمعنا ولأسباب أخري يسهم فيها التعليم والإعلام.
صحيح أن هذه الشريحة كانت موجودة طوال الوقت في رأيه، ولكنها الآن أصبحت أكثر وضوحاً، نتيجة لتحول الثقافة إلي التسليع ونمط الإستهلاك ، فظهرت قيمة المتلقي العادي بوصفه قوة شرائية، وأصبح مؤثراً وموجهاً للكاتب وربما الناقد أيضاً، ولهذا، فلدينا الآن كتاب ونقاد يملكون شهرة واسعة، ومكانة مرموقة، وذائقة قرائية رديئة .
أسأل الناقد الشاب حاتم حافظ إن كان هناك تعاليا من قبل الأدباء في استخدام مصطلح "القارئ العادي" فيجيبني بالسلب: "هناك قارئ غير مدرب علي فعل القراءة، وهناك قارئ مدرب، وكلنا بدأنا "قراء عاديين"، ثم أصبحنا مدربين علي فعل القراءة. منذ أيام حدث استفتاء في إحدي القنوات التليفزيونية عن شخصية العام الأدبية فأجاب المشاهدون أنه أنيس منصور. المعرفة بأنيس منصور جاءت من الميديا، وليس من الأدب، وإذا ظهر برنامج تليفزيوني يتحدث فيه أنيس منصور بصيغة الفيلسوف فسوف يعتقد الجميع أنه فيلسوف. وهناك في المقابل، أدباء يستخدمون هذا التمييز بين القارئ العادي وغير العادي لكي يبرروا فشلهم في التواصل مع الجمهور."

"منذ عدة سنوات لم يكن هناك رواج للأدب، كان هذا قبل علاء الأسواني، والذي سيظل ظاهرة مهمة في الأدب لأنه استطاع تحقيق نقلة كمية في مستوي القراءة، بالضبط مثل فيلم "إسماعيلية رايح جاي" الذي، برغم كونه فيلما عاديا، فقد فتح طرقا مغلقة كثيرة في السينما."
ولكن ظهور هذا "القارئ العادي" قد يكون له أثر سلبي، بجانب ذلك الأثر الإيجابي، فنجاح بعض الأعمال أغري الكثيرين بكتابة أعمال مشابهة: "كثيرون منهم استسهلوا طريقة علاء الأسواني، وكثيرون كان علاء الأسواني سببا في رواجهم، هناك مثلا ظاهرة الكتابة الساخرة التي لا تمت بصلة للأدب الساخر. وهناك الأثر الإيجابي: "مجرد أن يعرف القارئ طريق الرواية لن يتوقف عن القراءة، وسينتقل من مستوي إلي مستوي أكثر رقيا."
كرم يوسف، صاحبة مكتبة كتب خان، والتي بدأت في إطلاق دار النشر التي تحمل نفس الاسم، تواصل كلام حافظ عن الأثر الضار لهذا القارئ علي الأدب كما تراه. طبعا الأثر الضار ليس للقارئ في حد ذاته، وإنما في الاستجابة له: "أصبحنا نري كاتبا يكتب رواية كل سنة أو كل عدة أشهر، وهذا مستحيل بالنسبة للكاتب الحقيقي، هذا يعود للكاتب نفسه ولأمانته ولاحترامه لنفسه."
هناك موجة ظهرت من الكتب عناوينها غريبة،وهي تحقق معدلات مبيعات عالية، لأنه ليس معقولا أن يسخر الناشر الميديا للإعلان عن كتابه، ولا يبيع الكتاب. الناس لديها حب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.