وماذا عن المشاة؟

تمت عملية زرع الكبارى فى مصر الجديدة، بعد استئصال أغلب الأشجار التى زينت الحى وجعلته جميلاً راقيًا. وهو الأمر الذى تم بدعوى تحقيق السيولة المرورية المطلوبة، وعلى الأرجح، تحويل طرق هذا الحى إلى أخرى سريعة. وهنا يحق للمواطن أن يتساءل: وماذا عن المشاة؟ تم تخطيط هذا الحى من البداية كى يكون حيًا به مساحات للتنقل على الأرجل، وهكذا صممت شوارعه التى أعطت للمشاة قدرة على العبور من الشارع إلى الآخر فى أمان، بل والتنزه فى المناطق المشجرة فيه بسلام.
والحقيقة هى أن الأمر تبدل بشكل واضح بعد التغييرات العمرانية الجديدة التى تم إعمالها فى مصر الجديدة، بحيث أصبحت هناك صعوبة بالغة بالنسبة للمشاة لعبور هذه الشوارع الواسعة المؤهلة فقط لمرور السيارات، وهو الأمر الذى انعكس على حوادث السير مؤخرًا فى هذا الحى، تلك التى راح ضحيتها بعض ممن غامروا بحياتهم فقط لعبور الشارع! أما عن المسنين، فحدث ولا حرج، انحبس أغلبهم فى بيته، فلا قدرة لهم على عمل «الشقلباظات» المناسبة للمرور والعبور فى هذه الشوارع.
من المعروف أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تشهد 90% من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور فى العالم، وهو ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية، هذا على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45% من المركبات الموجودة فى العالم. ومع ذلك تظل مصر من أسوأ الدول عالميًا فيما يخص حوادث الطرق. فوفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وصلت حوادث الطرق عام 2018 إلى 8500 حادثة، ووصلت نسبة الوفيات إثر حوادث الطرق فى نفس العام إلى ما يعادل 9 أشخاص من بين كل 100 ألف نسمة، بينما فى دولة مثل ألمانيا (قريبة من مصر من حيث الحجم وإجمالى عدد السكان) وصلت نسبة الوفيات إثر حوادث الطرق بها إلى 4 أشخاص من بين كل 100 ألف نسمة. وأخيرًا، يبدو أن خطة الدولة الحالية هى تحميل عملية إنشاء كبارى المشاة إلى مجتمع مصر الجديدة. وهنا يثور تساؤل آخر: وماذا عن التخطيط ودوره؟ لماذا لم يتم وضع أهالى الحى من المشاة فى الحسبان قبل البدء فى بناء الكبارى واقتلاع الأشجار؟ وإذا كان هذا الخطأ يرجع لنقص التخطيط أو غيابه، فلماذا لا تتحمل الدولة مسؤولية إصلاحه؟