العديد من المشاهد الإنسانية لمصابي الطرق تستدعيها ذاكرة الانسان منا عند مشاهدته لأي حادث بالطريق سواء لسيارة أو لمواطن أراد أن يعبر الطريق فلم يتمهل إشارة المرور أن تتحول إلي اللون الأخضر ولم يمهله القدر أن يصل لوجهته.. تلك المشاهد الدامية والمتكررة هناك طريق واحد للقضاء عليها وهو الالتزام، فعندما يلتزم كل إنسان بحركة بالسير في الأماكن المخصصة للمشاة ويسير مستخدما أنفاق العبور الآمنة للمشاة، ويلتزم السائق في نفس الوقت بالسرعات المقررة من قبل الإدارة العامة للمرور بدولته عندها ستنخفض معدلات حوادث الطرق إلي نسبة لا ينتج عنها كوارث إنسانية جديدة . أعلي نسبة وفيات للطرق بمصر يقول العقيد أيمن الضبع بالإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية أن حوالي 8 ألاف من المصريين يفقدون حياتهم نتيجة لحوادث الطرق كل عام، كما يعاني عدة آلاف آخرين من إصابات يؤدي بعضها إلي إعاقات دائمة كل سنة، وحسب التقرير العالمي للسلامة علي الطريق فيعد معدل وفيات حوادث الطرق 41,6 لكل 100 ألف نسمة في مصر، بينما يمثل المعدل علي سبيل المثال في هولندا، انجلترا، السويد 5 لكل 100 ألف نسمة . وقد أشارت الدراسات إلي أن حوالي نصف أعداد وفيات حوادث الطرق من مستخدمي أو راكبي السيارات ويمثل المشاة حوالي نصف هذه الوفيات ويقول المقدم مريد ألبرت بالإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية أن الطرق في مصر تعاني من نقص في تنظيم مرور السيارات والأتوبيسات وسيارات النقل والموتسكلات والدراجات والمشاة كما تعاني من بعض القصور في البنية الأساسية لبعض الطرق خاصة يما يتعلق بالمستخدمين الأكثر تعرضا للخطورة علي الطريق . وبالرغم من وجود قوانين وتشريعات للحد من السرعة وارتداء حزام الأمان والخوذة الواقية للرأس وأيضا القوانين التي تحدد مستويات الكحول في الدم أثناء القيادة فإن هناك قصورا في تطبيق القانون علي المخالفين، لذلك فمن الضروري وجود قوانين فاعلة لتنظيم المرور ووجود آليات فعالة للعمل علي تطبيق هذه القوانين مع رفع مستوي الأداء الأمني لرجال المرور ، وأيضا زيادة الوعي المجتمعي بقواعد وآداب المرور وإدراك أهمية الالتزام بالقوانين والحاجة الملحة إلي رفع مستوي البنية الأساسية للطرق وحشد جهود كافة قطاعات المجتمع من حكومة ومجتمع مدني وقطاع أهلي للعمل سويا وبشكل متكامل ومتناسق لرفع مستوي السلامة علي الطرق والعمل علي تقليل إصابات ووفيات حوادث الطرق في مصر . وتؤكد الدكتورة هاله صقر مسئول برنامج الوقاية من الإصابات بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن نصف من يلقون حتفهم من جراء تصادمات الطرق هم تقريبا 46% من المشاة أو راكبي الدراجات أو راكبي المركبات ذات المحركات والعجلتين ويعرفون جميعا بأنهم مستخدمو الطرق المعرضون للخطر وهذه النسبة أعلي في البلدان ذات الاقتصاد الأفقر، وفي بعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل يقع ما يصل إلي 80% من الوفيات الناجمة عن تصادمات الطرق بين مستخدمي الطرق المعرضين للمخاطر. ويشير التقرير العالمي الصادر عن منظمة الصحة العالمية عن حالة السلامة علي الطرق إلي أن ما يتم من عمل لا يكفي لتلبية احتياجات هذه الفئات المعرضة للمخاطر فعلي الرغم من أن السرعة من عوامل الأخطار الرئيسية المتعلقة بالإصابات بين المشاة وراكبي الدراجات إلا أن 29% فقط من البلدان الأساسية يلتزمون بالحد من السرعة في المناطق الحضرية ، ومما يدل علي انعدام تدابير السياسة العامة التي تتيح لمستخدمي الطرق المشي وركوب الدراجات في أمان أن التقرير رصد أن ثلث سكان العالم فقط يعيشون في بلدان تتبع سياسات وطنية تعزز المشي وركوب الدراجات كبديلين للتنقل بالمركبات ذات المحركات ، كما لا يوجد لدي 44% من البلدان سياسات تشجع استخدام وسائل النقل العام كبديل للتنقل بالسيارات. مزايا الالتزام بالأمان والسلامة علي الطريق كثير من التدابير التي يمكن أن تقلل من الإصابات الناجمة عن تصادمات الطرق بين مستخدمي الطرق المعرضين للمخاطر يمكن أن يفيد الصحة بطرق أخري كتحسين صحة الجهاز التنفسي نتيجة تقليل انبعاث العادم وكذلك الآثار الايجابية ذات الصلة بزيادة النشاط البدني . كما يعد اعتماد تطبيق قوانين المرور غير كافي في بلدان عديدة وسط كل هذه المشاهد المؤسفة يخشي أن يكون شخص من الذين تحبهم مصابا في حادثة طريق، لذلك لم يعد الوقت الآن مناسبا لتقف مكتوف الأيدي، المشاركة الايجابية لكل مواطن بالنصيحة والفعل وتغيير السلوكيات تزيد من السلامة علي الطرق وتقلل من حوادث الطرق. وتمثل الإدارة الجيدة للبيانات والمعلومات الخاصة بحوادث الطرق وما ينتج عنها من وفيات وإصابات وإعاقات وما يمثل ذلك من عبء إنساني ومادي ومعنوي يثقل كاهل الدولة حكومة وشعبا احدي الضروريات الهامة التي تحتاج إلي بذل الكثير من الجهد لرفع مستوي جمع وتسجيل وتداول وتحليل واستخدام هذه البيانات والمعلومات مما يلزم صانعي السيارات ومتخذي القرارات للقيام بتدخلات فاعلة قائمة علي الأدلة لرفع مستوي السلامة علي الطريق والحد من الإصابات والوفيات الناتجة عنها . وتعد مصر واحدة من عشر دول مشتركة في تطبيق مشروع السلامة علي الطريق والذى يتم تمويله بمنحة من بلومبرج فيلانثروبيز، ومصر هي الدولة الوحيدة من دول إقليم شرق المتوسط التي يتم التطبيق بها، ليس فقط لكونها الأعلى إقليميا وعالميا في حوادث وإصابات الطرق، بل أيضا لما لها من دور ريادي ولما تملك من موارد بشرية وتقنية عالية تجعل منها نموذجا يمكن من نشر تجربتها إلي باقي دول الإقليم . وقالت الدكتورة نعيمه القصير المدير الإقليمي المساعد وممثل منظمة الصحة العالمية بمصر إن مشروع السلامة علي الطرق يهدف إلي مساندة جهود الحكومة المصرية علي تطبيق بعض الممارسات الايجابية للإقلال من إصابات ووفيات حوادث الطرق وذلك في القاهرة الكبري ومدينة الإسكندرية . وعلي الجانب الآخر يقول الواقع علي أرض وطرق مصر غير ذلك؛ فمن من داخل مستشفي الهرم التقيت عمرو حسن 27 عامًا الذى جِيءَ به إلي قسم الطوارئ نتيجة حادث مروري وسألته عن السبب فقال: "أنا عامل بمطعم وجبات سريعة والمرور في شوارع مصر زحمة وزى الزفت، ومن المستحيل أن أصل بالوجبات إلي المنازل في وقت مناسب دون أن أكسر إشارة مرور أو أسير عكس الاتجاه ولكن الآن بعد الحادثة.. لا الوجبة وصلت في موعدها ولا أنا هرجع بيتي سليم بعد ما رجلي اتكسرت". ومن كوبري 6 أكتوبر شاهدت ثلاث فتيات يهرولن بسرعة علي الطريق السريع العلوي أمام السيارات ليصلن إلي وجهتهن الناحية الأخرى فسألت إحداهن: كيف تمرين بهذه السرعة؟، ولماذا لا تخافين من العواقب؟ فقالت" أنا كل يوم بعدي من هنا بنفس الطريقة مفيش طريق مشاة نمشي فيه طب نعمل إيه؟! والعربيات مش ممكن تقف علشان نعدي فلازم نجري بسرعة قوي علشان نوصل الناحية التانية ونركب ميكروباص يوصلنا البيت"..