أكاديمية الأزهر تختتم برنامج "إعداد الداعية المعاصر"    «أفريكسيم بنك»: إطلاق مركز التجارة الإفريقي بحضور مدبولي يعكس دور مصر المحوري في دعم الاقتصاد القاري    «التجلى الأعظم» بسانت كاترين |أفضل «لاند سكيب» فى الشرق الأوسط    أخر تحديث بالتعاملات المسائية| ارتفاع طفيف في أسعار الذهب اليوم السبت    جهاز تنمية المشروعات: 823 جمعية و20 بنكًا و22 جهة دولية ضمن منظومة دعم الأعمال    البنتاجون: مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني إثر تعرضهم لهجوم في سوريا    عمر الغنيمي: غزة تعيش كارثة إنسانية متعمدة.. والمجتمع الدولي يتحمل المسؤولية بالصمت    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العرب 2025.. والقنوات الناقلة    إطلاق نصف ماراثون الأهرامات 2025 بمشاركة أكثر من 10 آلاف متسابق من 120 دولة    بالأسماء.. إصابة 14 شخصاً في حادث تصادم سيارة ملاكي وميكروباص بالبحيرة    25 ألف جنيه غرامات فورية خلال حملات مواعيد الغلق بالإسكندرية    مكتبة الإسكندرية تستضيف ندوة "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"| صور    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مستشار رئيس الجمهورية يوجه نداءً للمواطنين بعد انتشار متحور «H1N1»    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    توقف قلبه فجأة، نقابة أطباء الأسنان بالشرقية تنعى طبيبًا شابًا    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    فرحة «هنيدى»    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    ضبط 23 شركة سياحية للنصب على راغبى الحج والعمرة    وفاة طبيب أسنان بالشرقية إثر توقف مفاجئ بعضلة القلب    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين وحرية الفكر.. والتعبير
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 12 - 2019

نشر الكاتب «إسماعيل مظهر» فى مجلته «العصور» (1929) ترجمة لمقال رئيس «جمعية نشر الإلحاد فى أمريكا»، شارل سميث، ينتقد فيه «الكتاب المقدس» بعهديه القديم والجديد وعارضا بعضاً مما عده تناقضات فى نصوصه، فضلاً عما ورد فيه وعده مما يتنافى مع إدراك العقل والمنطق السليم. وفى عدد تال نشرت «العصور» رسالة من قس يدعى «إسكندر حداد»، ينتقد فيه المجلة لنشرها المقال، ويتهم محررها «مظهر» بالإلحاد لكونه قد نشر المقال، ولم يصحبه بتعليق يبين عن رأى المجلة، مما يعنى اتفاقها على ما جاء فيه من «إلحاد».
كتب «إسماعيل مظهر»، رداً على القس، مقالاً مطولاً، مستنكراً أسلوبه التحريضى الذى هو «أشبه بمحاكم التفتيش» فى العصور الغابرة. ونعرض لبعض مما ورد فى هذا الرد، مما يعكس صورة من صور حرية التعبير والاعتقاد فى مصر منذ قرابة القرن من الزمان.
يقول «مظهر» فى رده على أسئلة القس ومسألة «الإلحاد»: «… فلنفرض جدلاً أن هذا هو الواقع (يعنى إلحاده) فماذا يعنيك أو يعنى النظام الاجتماعى أو يعنى النظام الكونى أن يكون محرر مجلة (العصور) ملحداً أو مؤمناً؟ هل وكلت بالجنة منذ اليوم فتريد أن تحصى الملحدين لتحول بينهم وبينها يوم الميزان؟ أم أنك احتللت مركز الديان يوم القيامة».… ويواصل:
«حقيقة أن حرية الفكر والبحث لا تتفق مع روح الدين. ولكن إذا كانت حرية الفكر وحرية البحث ضرورة من الضرورات التى لا يمكن أن تقوم المدنية الإنسانية إلا عليها، وأن لا حضارة بدونها، وأنها دعامة أولى من الدعامات، التى تستند إليها العلوم وضروب المعرفة، فأيهما يجب أن يخضع للآخر؟ أن نخضع حرية الفكر للدين أم نخضع الدين لحرية الفكر؟. أما أنا فلا أتردد مطلقاً أن أعلن وأعتقد بعد إعلانى هذا أنى مسلم رغم مماحكة القس حداد أنى أخضع الدين لحرية الفكر، فالحرية أولاً والدين ثانياً». «..... الدين وسيلة توصلنا إلى غايات أهمها معرفة الله. إذن فكل وسيلة توصلنا إلى معرفة الله وتخلص أرواحنا من جحيم الشك والريبة، يمكن أن تعتبر ديناً. فإذا كانت حرية الفكر توصلنا إلى هذه الغاية فهى ولا شك دين جديد يمكن أن يكون لدى الآخذين به أهدى سبيلا وأقوم قيلا»….. «ونحن نوافق على أن حرية الفكر كما تسوق إلى الإيمان فقد تسوق إلى الإلحاد والإنكار. ولكن هل حمى الدين الناس من الإلحاد؟ لم يحمهم من الإلحاد مطلقاً. بل إنك لتقع على حقائق تاريخية كثيرة تثبت لدينا أن ملحدين ظهروا فى أخص عصور الإيمان فكانوا لجهلهم وعدم تبصرهم أشد ريبة من أحرار الفكر، والملاحدة منهم على الأخص…».
«... وإذا كانت مهمة الدين الحقيقية عند أهل اللاهوت تنحصر فى معرفة الله معرفة تطمئن إليها النفس الإنسانية لتعيش هادئة وادعة منصرفة إلى الخير العام، فما قول القس حداد فى أن الملحد الذى يلحد عن إيمان وعقيدة ينال من هدوء النفس ما ينال المؤمن المسلم بكل شىء تسليم إيمان؟ وإذا كان هذا هو الواقع، وإذا كانت الأديان قد أنزلت لخير الإنسان وحده ليصل إلى هذه الغاية التى يسميها جوته (السلام مع النفس) وأنها لا تنزل لاحتياج الله إليها فى شأن من الشؤون سوى اطمئنان النفس الإنسانية، على ما أعتقد، فلماذا لا يكون الإلحاد بدوره ديناً ككل الأديان، ولماذا يستحق الملحدون احتقار القس حداد وأمثاله، وقد يكونون أكثر اطمئناناً وسعادة بإلحادهم من القس حداد بإيمانه؟ على أنى أعتقد اعتقاداً جازماً بأن الملحد المطمئن إلى إلحاده أعود بالنفع على الإنسانية من المؤمن الذى لم يعرف من الإيمان إلا التعصب لمذهب أو صورة من صور الاعتقاد. والسبب فى ذلك ظاهر، فالملحد يعرف أن الناس أحرار فى أن يعتقدوا ما شاءوا ما دام اعتقادهم يؤدى بهم إلى الغاية التى ينشدها المؤمنون من أديانهم. أما المؤمنون من أمثال القس حداد فلا يؤمنون إلا بطريق واحد يؤدى إلى الخلاص. فإذا كان كاثوليكياً اعتقد أن الكثلكة هى الطريق الأوحد إلى الله. وإذا كان بروتستانتياً اعتقد أن البروتستانتية هى الطريق،…. وإذا كان مسلماً (مثلى) اعتقد بأن الإسلام أحق بالوجود من النصرانية واليهودية، بل أحق بالوجود من كل الأديان.. بل قد يجوز أن أعتقد أن الاعتزال (فكر المعتزلة) أقرب إلى الله من السنية، إذا كنت معتزلاً. وهكذا يصبح الإنسان عبداً للمذاهب. فيتركز الفكر حول صورة بعينها، فينشأ اعتقاد ثابت، هو بمثابة الفكرة الثابتة عند بعض المجانين، تدور من حولها كل الفكرات، وهى مركز وقطب الرحى».
«هذا المظهر الغريب هو الذى يجعلنى أؤمن بصلاحية الملحد حر الفكر اجتماعياً إيماناً لا يوازيه إلا شكى فى صلاحية المؤمن المتعصب ليكون عضواً فيه خير للمجتمع البشرى.… وإنى لأعتقد أن من الملحدين من هم أكثر أمانة وأصح قولاً من كثير من المتدينين.... ونحن نعلم أن هناك من أهل الوثنية من هم أرقى خلقاً من كثير من أهل التوحيد. فهل معنى هذا أن الوثنية وأهلها أقرب إلى الله من غيرها من الأديان؟».
■ كلام «مظهر» يرفض المزايدة على العقائد. وهو ليس بدعوة إلى «الإلحاد»، ولا إلى «الإيمان»، بل هو دفاع عن حرية الفكر والاعتقاد، تلك التى كفلتها كافة دساتيرنا المصرية، وحتى يومنا هذا. والتاريخ يبين إن التعصب الدينى المقيت هو وراء سفك دماء البشر، وليس الإلحاد والملحدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.