القوات المسلحة تنظم زيارة لشباب المصريين بالخارج وطلبة الجامعات لقيادتي الصاعقة والمظلات    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    زراعة الشيوخ: تبطين الترع من أهم المشروعات القومية    قبل عيد الأضحى.. تضامن البحر الأحمر تصرف مساعدات التوطين والتصحر    تقدم 19 مستثمراً لشراء أذون خزانة بقيمة 545.5 مليون دولار    وزارة النقل تطالب مستخدمي الدائري عدم استخدم طريق الأتوبيس الترددى    الرئيس السيسي يشيد بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني    البحوث الفلكية ل"الساعة 6": نشاط الزلازل داخل مصر ضعيف جدا    ارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن إلى 50%    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    إقالات واستقالات.. رفض مقترح الأهلي.. محمد صلاح الأفضل.. وحجز تذاكر النهائي| نشرة الرياضة ½ اليوم    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    الجونة يقترب من التعاقد مع بيبو مديرًا فنيًا للفريق لمدة موسم واحد    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة سحل طفلة بدمياط| فيديو    ايزيس الدولي لمسرح المرأة يفتح باب التقديم للعروض العربية والأجنبية    أشرف سنجر ل"الساعة 6": مصر تتحمل الكثير من أجل الأمن القومى العربى وفلسطين    أحمد سعد في المسجد النبوي استعداداً للحج: «الحبيب يجمع الأحباب»    هل يجوز للمرأة ذبح أضحيتها بنفسها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بين المناسك والمشاعر.. ماذا يحدث في مزدلفة | فيديو    ما فضل قيام الليل في العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. أمين الفتوى يجيب    مصر أول دولة ب «شرق المتوسط» تسيطر على مرض الالتهاب الكبدي B    وكيل صحة المنوفية تفتح تحقيقا فوريا بسبب الغياب بمستشفى الجراحات المتخصصة    موسم الحج.. متحدث وزارة الصحة: أهم النصائح للحجاج حفاظًا على سلامتهم    تقارير: باريس يفتح باب الرحيل أمام كانج لي وجونزالو راموس    تقارير: بي بي سي ألغت مقابلة بين صلاح ولينكر خوفًا من الحديث عن غزة    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة السر: الشيخ على يوسف وكيرلس أفندى
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 11 - 2019

الشيخ «على يوسف» أول مصرى امتلك جريدة كبرى وهى «المؤيد»، أطلّ على الساحة السياسية فى ذروة هوان المصريّين بانسحاقهم أمام الاحتلال الإنجليزى، ثائر أزهرى بليغ، قلمه كالسيف يَضرب به كل صباح أعناق الإنجليز.
عام 1896 نشر فى جريدته مقالًا أكدّ فيه أن وباء «الكوليرا» يَفتك بالجنود فى السودان، الأهم أن المقال جاء مدعومًا بترجمة نَصيّة لبَرقية سرية- بهذا المضمون- أرسلها اللورد كتشنر (القائد الأعلى للجيش المصرى) من السودان إلى وزير الحربية فى القاهرة.
انزعج الإنجليز بشأن البرقية المسرّبة، وتبين لهم من التحريات أن: موظف «قبطى» فى مكتب تليغراف الأزبكية يُدعى «توفيق أفندى كيرلس» هو مَنْ سلّم البرقية إلى الشيخ.
أُحيل المتهمان- الشيخ وتوفيق أفندى كيرلس- إلى التحقيق أمام وكيل نيابة اسمه محمد فريد (الزعيم محمد فريد فيما بعد) حفظ التهمة ضدهما لعَدم كفاية الأدلة.
لم يَرُق قراره للإنجليز، فأصدر النائب العام الإنجليزى «مستر كوريت بك» قرارًا بنقله- محمد فريد- إلى الصعيد، وأعاد فتح التحقيق، نسب فيه إلى «توفيق أفندى» تهمة إفشاء الأسرار، وإلى الشيخ الاشتراك معه بطريقِ التحريض، ثم قدّم القضية إلى محكمة عابدين التى قضت- فى درجة الاستئناف- ببراءة المتهمين.
أما الإنجليز فأصابتهم أحداث المحاكمة بالذهول، أن يقف فى قفص المحاكمة شيخ أزهرى ورع فى يده مصحف، وإلى جانبهِ قبطى يترنم بالإنجيل وهو قابضًا على الصليب، كلاهما يؤازر الآخر ويتآمران معًا على الوجود البريطانى فى مصر.
عَكِفَ الإنجليز فى السنوات التالية يحاولون الوقيعة بين المسلمين والأقباط وفشلوا، لتباغتهم ثورة 1919 وكانت كلمة السر فى نجاحها أنها سارت على طريقة تحالف الشيخ على يوسف وتوفيق أفندى كيرلس، فتأسّس حزب الوفد بشعارهِ الموجع للإنجليز «الهلال مع الصليب».
أدرك الإنجليز وقتها أن حيلتهم التقليدية لضمان استمرار وجودهم الهادئ فى مستعمراتهم لن تفلح مع مصر، بإحكام السيطرة على الشعوب بأقل قدر من العنف العسكرى عن طريق التقسيم الطائفى لكسر القومية الوطنية، وهو ما طبقوه بنجاح فى الهند بين الهندوس والمسلمين، وتقسّمت على إثرها- فيما بعد عام 1947- بشكل مأساوى بانفصال باكستان، فاتبعوا مع المصريين حيلة أكثر تعقيدًا، إذ كانت تقارير المخابرات الإنجليزية تؤكد أن: إحداث فتنة وتفرقة طائفية شاملة فى مصر أمر مستبعد، بينما محاربة القومية الوطنية بالإسلام فكرة واردة وقابلة للتنفيذ بقوة، ولا سيما أن التربة الاجتماعية مؤهلة لإنبات مثل تلك البذرة الخبيثة، فقبل أعوام جاهر الشيخ عبدالعزيز جاويش (صحفى داعم للدولة العثمانية) أنه «لا وطنية فى الإسلام»، ونزع يومًا من بذلة الزعيم محمد فريد دبوسا مكتوبا عليه «مصر للمصريين» بوصفهِ نداءً يُفسد الإيمان، وأنّ هناك العشرات من نمط الشيخ جاويش والآلاف من الأتباع يستحسنون معتقداته.
ولا تختلف آراء الشيخ جاويش عنما كتب حسن البنا (مؤسس جماعة الإخوان المسلمين) بعده بربع قرن «كل قطعة أرض ارتفعت فيها راية الإسلام هى وطن لكل مسلم». وهكذا وجد الإنجليز فى جماعة الإخوان المسلمين ضالتهم المنشودة، فضلًا عما لمسوه فى البنّا من طموح سياسى وقابليته للمساومة السياسية!
وفِى هذا الصدد، يقول الضابط جون كولمان (وكيل المخابرات البريطانية mi6) فى مذكراته: إن بريطانيا أخذت تنفذ أهدافها لمواجهة خطورة القومية المصريّة، فدعّمت جماعة الإخوان المُسلمين، باعتبارها نموذج الإسلام السياسى الذى ينادى بأن «لا وطنية فى الإسلام»، فهى بذلك الأقدر على مجابهة حزب الوفد، وأقنعت أيضًا الملك فؤاد الأول بدعم حسن البنا وجماعته المسيّسة، للاقتصاص من خصومهِ الوفديين، بهدم شعبيتهم فى الشارع بأن يُروِّج الإخوان ضدهم أنهم يعملون ضد الدين والإسلام وسيصدقهم جمهور البسطاء لتديُنهم الظاهر للأعيُن.
وبالفعل تحققت ظنون الإنجليز والملك المتآمرين على الاستقلال والدستور، فعندما كان يهتف الوطنيون «الشعب مع النحاس» يرُّد الإخوان عليهم بهتافات مضادة «الله مع الملك» ما كان يُحدث إرباكًا عقائديًا وانقسامًا متزايدًا بين الصفوف! وبرغم كل ذلك التربُّص والمكايدة والخيانة- من وقتها للآن- يبقى النموذج التاريخى لتكاتُف «الشيخ على يوسف وتوفيق أفندى كيرلس» راسخًا فى أعماق الضمير الوطنى ومستقرًا فى الوجدان الجمعى للمصريين، ويظل الظهير الأقوى فى صراعاته الخارجية والداخلية وهو كلمة السر فى تماسُك نسيج الأُمة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.