وزير العمل يفتتح ندوة "قانون العمل الجديد ودوره في تحسين علاقات العمل" بمشاركة قيادات نقابية    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    وزيرا الزراعة والشؤون النيابية يواصلان الحوار المجتمعي حول التعديلات التشريعية    تفاصيل استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    ضبط 178 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي بأسيوط الجديدة    تليجراف: تقليص النفوذ الصيني بأمريكا اللاتينية أحد أهداف حملة واشنطن في الكاريبي    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 10 آلاف طن مساعدات إنسانية وبترولية عبر قافلة «زاد العزة» ال 59 إلى غزة    ترامب: سأمد رحلتي لآسيا إذا رغب رئيس كوريا الشمالية في لقائي    صراع متكافئ ببرج العرب.. سموحة يواجه الجونة لتحسين المراكز في الدوري    نجم الاتحاد يغيب عن مواجهة النصر في كأس خادم الحرمين الشريفين    ديل بييرو عن أزمة يوفنتوس: المدرب ليس المشكلة ولن يفوز الفريق بالدوري بإقالة تودور    ضبط عامل سمح لشقيقه «الطفل» بقيادة ميكروباص ببني سويف    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    بعد تداول فيديو صادم.. القبض على عاطل ارتكب فعلا خادشا للحياء بالإسكندرية    عالم آثار: افتتاح المتحف الكبير حدث القرن على المستويين الثقافي والحضاري    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يعلن قائمة «الاختيارات العالمية» بمشاركة مصرية في دورته الخامسة    كيف يمكن الحصول على لقاح الأنفلونزا؟ وزارة الصحة تجيب    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    حقيقة مفاوضات الأهلي لضم «دياباتي» نجم السويد    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    ترامب يصل طوكيو في مستهل زيارته لليابان    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3817 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    وزيرة التضامن تلتقي المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    محمد سلام يستعين بأسماء النجمين محمد رمضان ورجب فى كارثة طبيعية    السياحة الأردنية: المتحف المصرى الكبير صرح حضارى يعزز السياحة ويجذب العالم لمصر    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب العقوبات على لاعبي الزمالك في أزمة السوبر المصري    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العامرية العام بالإسكندرية    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة بمستشفى العامرية بالإسكندرية لمتابعة جودة الخدمات    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الرقى فى السلوك بعيد المنال؟
نشر في المصري اليوم يوم 10 - 08 - 2019

مشغول أنا بتدنى السلوك منذ 25 «تآمر»، فى الشارع والمؤسسة والتعاملات البشرية، كأن شيئًا كريهًا قد طفح!.
وأنا أحترم المدافعين عن 25 يناير احترامًا بطعم الحنظل، ولا أدخل فى مناقشات بيزنطية مثيرة للصداع حول مدى «ثورية» هذا اليوم. لكنى أستشعر أن أخلاقًا طارئة دخلت على سلوكياتنا، هى ليست من أخلاق هذا الشعب الطيب الواعى الصبور البطل.
إنها سلوكيات منحدرة من أصول لا أعرفها، وإن كانت «ملافظها» تشى بالسقوط ولا أدرى سر صمت أساتذة الإنسانيات.. علم النفس والفلسفة!.
■ ■ ■
مشغول أنا بتدنى سلوكياتنا التى صارت شكوى الكل، ربما أكثر من الضجر من الأسعار. وأعود لأسأل عالمنا النفسى أحمد عكاشة: هل هناك علاقة بين اقتصاد دولة وأخلاقها؟، وهل يؤثر «تغول» الأسواق على «تغول» الأخلاق؟، وكيف العودة إلى السلوك الراقى؟.. على أنه من المهم أن نضع تعريفًا علميًا لكلمة الرقى. أستعير عبارة نجيب محفوظ عن الرقى «إنه أصل أخلاق المصريين، حيث تتحلى الأخلاق بكلمات تعبر عن احترام الآخر». وأستعير عبارة أحمد زويل عبر حوار تليفزيونى «إنها الشهامة والرجولة التى يتسم بها المصرى». وأستعير عبارة د. حسين أمين من كتابه «ماذا جرى للمصريين؟»: «إذا اختفى الذوق من السلوك ظهر الوجه الهمجى». وأقف عند عبارة د. يوسف إدريس فى مقاله «تمجوشوا يا عرب»- نسبة إلى مجاويش- حين يقول: «أنتم تتعاملون مع شعب متربى بعصاية الكُتاب وأخلاق ريفنا البسيط». مما سردت، اكتشفت أن الرقى هو «أخلاق واحترام الآخر، وكلمات تستأذن، وشهامة ورجولة، وشعب متربى على أخلاق ريفية أصيلة»، وبما أننا جميعًا لنا أدمغة، فإن الفيلسوف الإنجليزى الراحل بن كروفورد يعتقد جازمًا أن كل السلوك الإنسانى صادر من «غرفة الدماغ والتفكير والرغبات». وبالتالى فإن العقل هو الذى يميز السلوك السليم من العيب، ولا يحتاج العيب إلى تعريف سوى أنه «ما يخالف العُرف والأخلاق وصحيح السلوك». ومظهر من مظاهر الهمجية هو اعتبار العيب قاعدة. ويرى المفكر الكبير رجائى عطية «أن اعتياد العيب مزدوج ومركب، واعتياد العيب فى الدين أى دين هو أعيب العيوب». المرجعية لكتاب رجائى عطية «هموم مصرى»، وكلام رجائى عطية يطرح سؤالًا: هل ابتعاد الناس عن صحيح الدين سبب جوهرى لغياب الرقى فى السلوك وتدنيه؟. من المؤكد مشروعية السؤال، فكل الأديان تحض على الفضيلة والرقى فى التعامل مع الآخر واحترامه وتوقيره إذا دعا الأمر. وحين تجىء سيرة العقاب لتدنى السلوك إلى حد الجريمة، يطلق رجائى عطية صيحته «إلغاء الإعدام كعقوبة ترف أحمق طائش».
■ ■ ■
أسوق مَثلين للتدليل على الهبوط الأخلاقى!
1- كان سائقى يقود سيارتى ببطء وهو يعبر بعد الإشارة الخضراء، وهو سائق ماهر يتوخى الحذر من طائش يقرر العبور فى لحظة اختارها، وفجأة صدمتنا سيارة نقل من الخلف بصوت عال كريه «ماشيين فى عزبة أبوكو». فوقفنا ونزل السائق بصمت ودهشة، فإذا بسائق السيارة النقل يقول مباغتًا: «إوعى تفتح بقك بكلمة لأنى قليل الأدب»!!، وكان العقل يقتضى الصمت المطبق، فالوقوف يعطل سرب السيارات خلفنا، والرشد يقتضى السكوت منعًا للاستماع إلى قلة أدب جارحة!. كان السائق فى نهاية العشرينيات وينقل «خضار» وآثرت الإفلات من سلوك متدنٍ!!.
أما المثل الثانى، فقد جاءنى برسالة على الموبايل: فلان تزوج من أخته!! ورفضت أن أقرأ التفاصيل المخزية الدالة على السقوط الأخلاقى. هناك عشرات بل مئات الأمثلة فى التحرش اللفظى والشتائم المقذعة والحركات الزاعقة يحفل بها الشارع. من المتسبب يا ترى؟ هل هو البيت الذى غابت فيه مهمة التربية لأنه فقد أهم وظائفه؟ هل هو المدرسة التى ما عادت تمارس دورها الأخلاقى فى زرع القيم بدءًا من الانتماء وانتهاءً بالرقى؟، هل هو الإعلام الغائب عن الوعى الغارق لشوشته فى مباريات كرة واستديوهات تحليل ودردشات مع الفنانين عن نفخ الخدود وتكبير الشفاه وكيفية تحويل السبانخ إلى سلطة.. ولم يكن الإعلام يومًا كرويًا إلى هذا الحد، فقد اختفت برامج السلوكيات الحميدة وتقديم نماذج الاحترام المتبادل وتفضيل الكلمة الحلوة تفض الغشاوة! ولن تتحرك شاشة لتعميق القضية!.
■ ■ ■
هناك عنصر لا بد من الإشارة إليه وهو «لم نعد شعبًا قارئًا». إن الثقافة سلوك، فأين ثقافة أغلب شبابنا الذين تحكمهم الهمجية والغرور وغليظ القول؟. أين برامج الإذاعة التى تحض على القراءة واقتناء الكتاب مثل «من مكتبة فلان»؟ أين برنامج مثل «كتاب عَلّم العالم»؟. أين 20 سؤالًا من ثقافة الكتب على الشاشة؟. الشاشة خالية، إلا من برنامج مسابقات على «القاهرة والناس» يفى بسمو الهدف. أين الخطط الثقافية لإعادة الكتاب إلى موقعه الذى يتحداه الموبايل، أحد أسباب الانقسام فى البيت المصرى؟. لقد صار الفيسبوك هو الصحافة الحديثة بلا قانون يحرم الانحطاط فى الشتائم!. لقد تربيت على حديث السهرة من «الراديو» لطه حسين والعقاد وزكى نجيب محمود. أين برامج تطوير العقل العربى ليكون المنتج رقيًا فى السلوك؟، ولدىَّ شعور أنى أهذى فوق الورقة!!.
■ ■ ■
أعلم أن الجميع سوف يقرأ كلماتى دون تصرف إيجابى واحد، فهذا «سلو بلدنا». أعلم أن الحكومة سوف تقرأ، إذا كانت لا تزال تقرأ، ثم تطوى الجريدة بطمأنينة. إن الثقافة تمنح الوعى ضد الإرهاب أو التعاطف معه، الثقافة تجعل من الشعب سدًا منيعًا ضد محاولات عرقلة الدولة، والجهل أفضل أرض خصبة لزرع بذور الإرهاب. لا بد من مساهمة المؤسسات الدينية فى إعادة الرقى للسلوك، وسيمضى المقال إلى الأرشيف بطمأنينة.. آه من الطمأنينة الكاذبة المستعارة فى حياة الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.