حول «عقل الدولة» مرة أخرى

تعليق أخير على عقل الدولة والاحتباس الإعلامى.
(عزيزى نيوتن،
«عقل الدولة» هذا هو عنوان مقالكم بعمودكم المهم فى 2/8. مقال كامل شامل أظهر الحقائق واضحة جلية ورصد النجاحات الفائقة التى يكاد الكفيف يراها.. نجاحات فى شتى المجالات اقتصادية وعمرانية يعجز الخيال عن تصورها ويلهث فى ملاحقتها ومتابعتها. كلٌ منا يرى بعين رأسه المدن والطرق والكبارى.
عزيزى نيوتن، أنا رجل تخطى السبعين وكنت دائمًا محبًا لمصر عاشقًا لها، فهى التى أنجبتنى وربتنى وعلمتنى وعالجتنى.. وبصراحة مصر أم عظيمة رؤوم تفيض رحمة وشفقة وإحسانًا ولا تغضب على أولادها أبدًا مهما فعلوا بها الأفاعيل، ولها علينا حق الرعاية والحماية والصدق والعمل الجاد المثمر!،
ولكن ماذا نفعل؟!، منذ آلاف السنين بداية من مينا موحد القطرين وحتى الآن حكم مصر مئات الحكام، لم يكونوا جميعًا بطبيعة الأمور أقوياء صالحين، ولذلك فقد تعرضت مصر دائمًا لدورات متتالية من البزوغ والرقى والثراء والاستقرار، تتبعها دورات من الجمود والانكماش والعزلة والفقر!. حقًا مصر الآن دولة قوية تملك جيشًا من أقوى جيوش العالم وتشيد بناءً وطريقًا وعمرانًا.. ولكن دعنى أسألك: هل مصر دولة صناعية متميزة أو زراعية ناهضة أو سياحية بارزة؟!. نحن نملك قدرًا من كل هذه الفروع ولكن لا نملك ميزة كبرى أو نسبية فى الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة عالميًا أو إقليميًا!. الصحافة والإعلام توافق دائمًا ولا تنتقد أبدًا، والحاكم يفعل ما يراه صالحا ومفيدا ويحتاج رأيًا وعلمًا وليس تمجيدًا وصمتًا!. إذا كان الأمر كله واضحًا أمام العين، فهل يحتاج ذلك إلى إعلام يصفق ويزغرد ليل نهار؟!. لننزل إلى الشارع ونركب التوك توك والميكروباص ونتجول فى الأسواق ونعاين الأسعار ونقف أمام بائعى الخضروات والفاكهة والجزارين وتجار الأسماك، هل تصدق أن قرص الطعمية العادى يساوى جنيهًا؟!. أنا لا أتكلم عن فروع الملابس والأجهزة ولا عن أسعار الأطباء والمدرسين ولا أسعار العمليات الجراحية وعلاج الأسنان!. هل تشاهد الإعلانات المستفزة عن أسعار الشقق وكأن الغنى يعاير الفقير؟!. نحن نترك الساحة كلها لإذاعات الأعداء المغرضين يمرحون فيها طولًا وعرضًا وعمقًا، ونكتفى بالجلوس فى المكاتب الوثيرة الفخمة، ونعتقد أن الناس تكنز المال.
عزيزى نيوتن، لقد هبطت علىّ فكرة: وحتى نستريح جميعًا من هذا الغلاء الفاحش المجنون فلنعتبر أنفسنا جميعًا من مواليد نوفمبر 2016، عام التعويم، وننسى كل ما قبله ونعيش جميعًا أطفالا أبرياء.
محمد السيد رجب).