أعلنت عميلة «الموساد»، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبى ليفنى، أنها ستعتزل السياسة، بعد تراجع حزبها فى استطلاعات الرأى قبل موعد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة فى البلاد يوم 9 أبريل المقبل، والتى لا يزال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحزبه «الليكود» اليمينى المتطرف، يتصدر استطلاعات الرأى إزاءها، رغم العديد من قضايا الفساد التى تحاصره، فى حين أن المعارضة الإسرائيلية منقسمة على نفسها. وقالت «ليفنى»، 60 عاماً، التى عُرفت على الساحة الدولية بفضل دورها السابق فى التفاوض مع الفلسطينيين، إن حزب هاتنوعا «الحركة» الذى تتزعمه لن يخوض الانتخابات، وذكرت أنها ستحل حزبها، بعد تأكيد استطلاعات الرأى أنه لن يحصد أى مقعد فى الانتخابات المقبلة. وأضافت وهى تبكى: «أنا أعرف أننى فعلت كل ما بوسعى لدولتى الحبيبة ولتوحيد القوى التى ستقاتل من أجلها. الأمر لم يعد بيدى». وكادت «ليفنى»، التى عملت جاسوسة فى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية «الموساد»، أن تصبح رئيسة للوزراء بعد انتخابات 2009 حين كانت تتزعم حزب «كاديما» الوسطى الذى أسسه رئيس الوزراء السابق، أرييل شارون. وتُعتبر «ليفنى»، المحامية المولودة فى تل أبيب، شخصية بارزة على السياسة الإسرائيلية ومن بين أكثر السياسيين نفوذاً، وانتُخبت «ليفنى» فى البرلمان «الكنيست» لأول مرة فى 1999 عن حزب الليكود، إلا أنها انتقلت بعد ذلك إلى تيار الوسط، بناء على اعتقادها بأن إسرائيل يجب أن تفصل نفسها عن الفلسطينيين للاحتفاظ بالغالبية اليهودية فى البلاد، ثم تولت لاحقاً العديد من الحقائب الوزارية، بينها وزارتا الخارجية والعدل، وقادت الجولة الأخيرة من مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتى جرت برعاية الولاياتالمتحدة وفشلت فى 2014. ولم يكن دور «ليفنى» فى جهاز الموساد هامشياً، حيث وصفتها تقارير إعلامية بأنها من أشهر عملاء هذا الجهاز الشهير، وكانت ضمن وحدة للنخبة، فبعدما أنهت خدمتها العسكرية فى جيش الاحتلال برتبة ملازم أول، انخرطت فى الموساد وعملت لصالحه فى أوروبا، وشاركت بين عامى 1980 و1984 فى نشاطات الموساد بملاحقة قادة منظمة التحرير الفلسطينية فى القارة الأوروبية، وتشير تقارير إلى أن «ليفنى»، التى تتقن اللغة الفرنسية، عملت فى مجال جمع المعلومات عن المسؤولين العرب فى أوروبا، وأنها خلال عملها فى باريس مطلع الثمانينيات كانت تمارس نشاطها تحت غطاء خادمة أو مدبرة منزلية فى منازل شخصيات مستهدفة. وتقول مصادر فى الاستخبارات الإسرائيلية إن «ليفنى» انضمت إلى «الموساد» عن طريق صديقة قديمة لها، تُدعى ميرا جال، خدمت فى هذا الجهاز 20 عاماً، ودأبت صحف ووسائل إعلام عربية منذ عام 2012 على نشر معلومات عن «ممارستها الجنس» خلال عملها فى «الموساد» مع مسؤولين وشخصيات عربية بهدف ابتزازهم للحصول على معلومات سرية وتنازلات، وكررت عدة وسائل إعلام عربية نشر اعترافات صدرت عن «ليفنى»، فى حوار مع صحيفة «تايمز» البريطانية، جاء فيها «أنها لا تمانع ممارسة القتل أو الجنس إذا كان ذلك مفيداً لإسرائيل». ويتوافق ما قامت به «ليفنى» خلال دورها فى الموساد مع مصطلح «مصيدة العسل»، الذى يطلق على المهام الخاصة التى تنفذها نساء «الموساد»، ويتمثل فى التقرب من الشخص المستهدف وتصفيته أحياناً. وحول توصيف عملها، قالت «ليفنى» إنها كانت تضع ثقتها الكاملة فى «الموساد» بتوزيع المهام على العملاء وفق الأهداف المرجوة. وأضافت: «إذا سألتمونى ما إذا طُلب منى أم لا، وفى وقت ما أن أنام مع أحد من أجل بلدى، فالإجابة لا، لكن لو أنهم طلبوا منى فعل ذلك فإنى لا أعرف ماذا كان يمكن أن أقول». وساعدت «ليفنى» فى قيادة تحالف الاتحاد الصهيونى، المحسوب على يسار الوسط، المعارض الرئيسى مع حزب العمل، إلا أن التحالف شهد انقساماً فى يناير الماضى، ما أدى إلى تفككه، إذ أعلن زعيم حزب العمل، آفى جاباى، أنه لم يعد شريكاً ل«ليفنى»، وفاز الاتحاد الصهيونى ب24 مقعداً فى انتخابات 2015، وحل ثانياً بعد الليكود، إلا أنه تراجع فى استطلاعات الرأى الأخيرة، وسعت «ليفنى» إلى القيام بحملة للانتخابات خارج الاتحاد الصهيونى، إلا أنها واجهت صعوبة فى تشكيل تحالف قوى، وتراجعت شعبية «جاباى» فى استطلاعات الرأى، كما سجل «الاتحاد الصهيونى» تراجعاً كبيراً، حيث تعطيه الاستطلاعات أقل من 10 نواب فى الانتخابات المقبلة. وأمام سياسة اليمين المتطرف فى إسرائيل، بقيادة نتنياهو، قالت «ليفنى» إن الديمقراطية الإسرائيلية «تتعرض لهجوم»، وإن «السلام أصبح كلمة قذرة». فيما يُعتبر رئيس هيئة أركان الجيش السابق، بينى جانتز، وحزبه الوسطى «مناعة إسرائيل»، أبرز منافسى نتنياهو. وكان وزير التعليم الإسرائيلى، نفتالى بينيت، ووزيرة العدل، آيليت شاكيد، قد غادرا حزب «البيت اليهودى» اليمينى المتطرف، وأطلقا حزبهما الجديد، الذى يحمل اسم «اليمين الجديد»، لكنه قد يحل ثالثاً فى الانتخابات، ما يتيح لنتنياهو إمكانية تحقيق الفوز والبقاء على رأس الحكومة المقبلة.