• إنتفاضة الأمن المركزي في 1986 • مذبحة قرية المنشية عام 1992 ( راح ضحيتها 13 قبطياً ) • حادثة إغتصاب فتاة العتبة وسط الشارع في رمضان 1993، • أحداث قرية الكشح ( راح ضحيتها 19 قبطياً ليلة رأس سنة 2000) • حادثة إحتلال جزيرة النخيلة بواسطة تاجر المخدرات عزت حنفي عام 2004 • حادثة السعار الجنسي في وسط البلد قبل 4 أعوام و القائمة تطول لأحداث و تواريخ شهدت فيها مصر هزات أمنية كبيرة و أعمال بلطجة و ترويع طائفي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. ليس القصد هنا من خلال إستعراض هذه القائمة من الأحداث التقليل من خطورة الوضع الأمني الحالي و الذي تشهده مصر من بعد الثورة و ليس القصد أيضاً تبرير هذا الخلل الأمني بمحاولات فلول النظام السابق إجهاض الثورة و إنما القصد هو توضيح الرؤية لمن يعتقد واهماً أن هذا الخلل هو ضريبة ثورة 25 يناير. لقد ضخم الإعلام الباحث عن الإثارة صورة ما يحصل حتى بدا الوضع و كأنه شيء جديد على المشهد المصري فيما هو في الواقع تكرار لصور البلطجة و الطائفية التي إزدهرت خلال عهد النظام البائد.و ليس ذنب الثورة أنها ترث إرثاً ضخماً من البلطجة بكافة صنوفها الجسدية و الفكرية و الإجتماعية و التجارية و التي أخفق النظام السابق في علاجها. أخطر ما تواجهه مصر اليوم ليس الفلتان الأمني و لا مخاوف الفتنة الطائفية بل هو الإحباط الذي بدأ ينتاب المواطنين بسبب الإحساس ببطء عملية التحول الديمقراطي و الإصلاح و بسبب الشعور بأن الفرق ما بين مصر ما قبل الثورة و ما بعدها ليس بذلك الفرق الكبير بعد مرور أكثر من مائة يوم على الإطاحة برأس النظام السابق. هذا الإحباط إن إستمر فإنه سيقتل روح الثورة بل و ربما يؤدي إلى ثورة شعبية مضادة قد تعيد النظام السابق بأسماء و أشكال جديدة. لابد من وقفة صريحة و جرد لحسابات الثورة؛ ماهي المكاسب التي تحققت حتى الآن و ما هي الإستحقاقات القادمة. اليوم، تابعت نقاشاً مثير للإهتمام في التويتر بين مجموعة من الشباب المصري حول الفروقات ما بين مصر ما قبل الثورة و ما بعدها. جاءت معظم المشاركات مثقلة بالإحباط بل و ذهب البعض إلى القول بأن هناك ممارسات قمعية تحدث اليوم لم تكن موجودة في عهد النظام البائد. هذا الشعور بالإحباط كان متوقعاً خصوصاً بعد التضحيات التي قدمها المصريون خلال ملحمة ميدان التحرير و التي رفعت سقف التوقعات و التفاؤل بمصر أفضل و أجمل. هذا الإحباط و إن كان مشروعاً بسبب الكم الهائل من الأحداث المؤسفة التي وقعت مؤخراً يجب أن لا يعمينا عن حقيقة أن الثورة حققت حتى الآن إنجازات كبيرة لا يمكن تجاهلها لعل أبرزها هو إنهاء مشروع توريث الحكم في عائلة مبارك و حل الحزب الوطني و سجن رموزه و قادته. حال مصر اليوم يمكن تلخيصه في صورة المريض الذي تعرض لجلطة. زالت الجلطة بخروج مبارك من الحكم و بقيت مضاعفات هذه الجلطة و التي تستلزم علاجاً طويل الأمد. هذا العلاج يحتاج إلى تقييم مستمر لمعرفة مدى تحسن الحالة. و تقييم عملية التحول الديمقراطي و الإصلاح السياسي و الإجتماعي يتم عبر مؤشرات و محطات للمقارنة و القياس. المجلس العسكري أكد في أكثر من مرة بأن الإنتخابات البرلمانية ستتم في شهر سبتمبر القادم و الإنتخابات الرئاسية ستتم في شهر ديسمبر. كثير من الناس يعتبرون أن هذين الإستحقاقين يشكلان خط النهاية لرحلة التحول الديمقراطي. و هذا خطأ كبير و تفريط فادح في قيم ثورة يناير. الإنتخابات هي مجرد ماركة مسجلة لأي ديمقراطية و لكنها ليست علامة جودة لهذه الديمقراطية. في كل عام تصدر وحدة الإيكونومست للمعلومات (Economist Intelligence Unit ) و هي مجموعة بحثية تابعة لمجلة الإيكونومست تقريراً عن أحوال الديمقراطية في العالم. و يشمل هذا التقرير مؤشراً لحال الديمقراطية في كل دولة حيث يتم تصنيف و ترتيب الدول حسب درجة ديمقراطيتها. و يعتمد الحساب على إحصائيات و إجابات لخبراء حول 60 سؤال تتعلق بالممارسات و الفعاليات الديمقراطية. في مؤشر العام الماضي إحتلت مصر المركز 132 على العالم و في نفس العام، صُنفت 27 دولة فقط على أنها دول تمارس ديمقراطية كاملة و صنفت 52 دولة كدول ذات أنظمة ديمقراطية تشوبها بعض المشاكل. فيما صنفت 31 دولة من بينها سنغافورة و تركيا كدول ذات أنظمة هجينة ما بين الديمقراطية و الإستبداد. و صنفت 52 دولة بما فيها مصر و الدول العربية كدول ذات أنظمة إستبدادية. إن الإطلاع على بعض المعايير التي يتم من خلالها إصدار هذا المؤشر سيوصلنا إلى قناعة بأن رحلة التحول الديمقراطي هي رحلة طويلة جداً تحتاج إلى صبر و إلى إيمان. المشاركة السياسية، التعددية، تأثير الكتل الدينية و الإقتصادية على الممارسة الديمقراطية، درجة تفشي الفساد، إدراك المواطنين لحقوقهم، نسبة المواطنين الذين يقبلون بالحكم العسكري، نسبة المواطنين الذين يفضلون وجود حاكم قوي يتجاوز السلطات البرلمانية و التشريعية، حرية الإعلام. هذه مجرد أمثلة للمعايير التي يستخدمها المؤشر. و للقارىء أن يحكم على حال هذه المعايير و درجة تطبيقها في المجتمع المصري اليوم. لقد شهدت الحياة السياسية في مصر شللاً رباعياً خلال سنوات حكم مبارك بسبب إنفراد الحزب الحاكم و الإستبداد الذي حول أحزاب المعارضة إلى أحزاب ضعيفة و مهمشة و هو الأمر الذي أدى إلى نفور و عزوف عامة الشعب عن السياسة. و عندما إنطلقت ثورة 25 يناير نزل الملايين إلى الشارع حباً في مصر و ليس لأنهم خبراء في السياسة و دهاليزها. الوصول إلى ديمقراطية كاملة و حقيقية يتطلب تجاوز الكثير من العقبات الثقافية و الإقتصادية و الامنية. إنتخاب فلان أو علان و التصويت بنعم أو لا هي مجرد عمليات بدائية لا تتطلب نباهة و لكن التصويت للشخص المناسب الذي سيقود مصر نحو المستقبل يتطلب أكثر من ذلك. يتطلب درجة من الثقافة و الوعي و الأمان الإقتصادي. هذا الوعي موجود بشكل ملموس اليوم بين أوساط المصريين الذين يستخدمون شبكات التواصل الإجتماعي في الإنترنت و الذين كان لهم الدور الأبرز في الدعوة إلى ثورة يناير. لكن إذا كان القيام بثورة يتطلب مشاركة مليون أو إثنين أو عشرة فإن تحقيق ديمقراطية مثالية يتطلب مشاركة 80 مليون مصري و نحن نعلم بأن عدد المصريين الذين يستخدمون الإنترنت لا يتجاوز العشرة مليون. الوصول إلى السبعين مليون الأخرين يحتاج إلى عمل دعائي و تثقيفي في الشوارع و الحواري و الزوايا و إلى تبسيط لغة المثقفين و السياسيين الوطنيين لتكون مفهومة للجميع. ستتأخر عملية التحول الديمقراطي و ستأخذ وقتاً و لكنها ستتم بمشيئة الله طالما أستمرت روح ثورة ميدان التحرير قائمة و أستمر إيمان المصريين بها.