د.محمود يوسف استعصت مشكلة كلية الإعلام - جامعة القاهرة - على الحل، وباتت أعقد من مشكلة إسقاط النظام الفاسد بكل رموزه، وغدا الدكتور عمرو عزت، وزير التعليم العالى، غير قادر على إيجاد الحل الملائم لها إلا بإطلاق تصريحات إعلامية تفيد بأن د. سامى عبدالعزيز حصل على إجازة مرضية ثم يخرج الطرف الآخر للتكذيب! ثم يخرج علينا السيد الوزير عبر استضافة على قناة «الحياة» ليؤكد قبل أكثر من عشرة أيام أن مشكلة كلية الإعلام ستحل قريباً، وأستأذن السيد الوزير فى أن أضع بين يدى سيادته عدة نقاط جديرة بالملاحظة: أولاً: سيدى الوزير، إنك وزير الثورة ومبعوثها لإصلاح منظومة التعليم العالى وتهيئتها لعصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011، لكنى أرى أن سيادتكم تسيرون على ذات النهج الذى سارت عليه حكومات الحزب الوطنى من إطلاق التصريحات التى تفتقد المصداقية، وإذا كنتم غير متأكدين من دقة ما تقدمونه لوسائل الإعلام! فلماذا تطلقون هذه التصريحات؟ وأين مصداقيتكم لدى المجتمع العلمى؟ ثانياً: سيدى الوزير، ماذا عساكم أن تقولوا لمسؤولين عاجزين عن مباشرة أعمالهم، وعن أساتذة ليسوا قادرين على الالتقاء بطلابهم؟ وما رأيكم فى رؤساء جامعات وعمداء كليات يدخلون ويخرجون خلسة حتى لا يراهم أحد؟ وإلى من يوجه اللوم.. إلى من ثاروا ضدهم وأرادوا أن يطهروا الجامعات من فسادهم، أم يوجه اللوم إلى من يمارسون سياسة الأرض المحروقة ويعلنون على الملأ: أنا ومن بعدى الطوفان، إما أنا أو الفوضى؟ ثالثاً: سيادة الوزير، عن أى استقلالية تتحدثون؟ وقد اتخذ الفساد مرتعاً خصباً فى الجامعات لعقود: تارة تحت راية جيل المستقبل، وتارة ثانية تحت مظلة أمن الدولة، وتارة ثالثة فى ظل إقامة دولة اللاقانون التى غابت عنها معايير الجودة والكفاءة والأقدمية. سيدى الوزير، عن أى قانون تتحدثون؟ إن كل الجرائم ارتكبت تحت سمع القانون وبصره! أخبرنى يا سيدى عن القانون الذى يعين مسؤولاً فى منصب جامعى رفيع المستوى، ثم لا ينسى ذات القانون أن يعين أخاه وزيراً، وحتى لا يغضب الثالث ثم تعيينه مستشاراً ثقافياً يا سيادة الوزير؟ سيدى، ما تقولون فى مسؤول يشغل ست وظائف فى آن واحد؟ أى قانون أتى به إلا أن يكون قانوناً فاسداً؟ إنه قانون فاسد وضع جينات التفوق فى أعضاء الحزب الوطنى وهو تعبير عن عنصرية بغيضة أسقطتها ثورة 25 يناير 2011. رابعاً: إن الأولى بأقطاب الحزب الوطنى ورموزه وقياداته أن يتواروا خجلاً، ولعل متابعة أحداث محاكمتهم تدل على أنه ما كان بينهم رجل رشيد، إلا هذا الرشيد الهارب من العدالة.. فعن ماذا يتحدثون وبأى قانون يتمسكون؟ سيدى الوزير، إن زملاء د. سامى عبدالعزيز فى حزبهم الفاسد كلهم وراء القضبان.. ماذا فعل سيادته وقد رآهم رأى العين يزوّرون؟ وللأراضى ينهبون، وللأموال يهربون، وللخداع يمارسون، ومع ذلك لم ينكر عليهم؟ خامساً: سيدى الوزير، ذهب د. سامى فى دفاعه عن ذاته إلى أنه لم يُضبط داخل الجامعة مسوقاً لفكر الحزب الوطنى، ونسى سيادته أنه نفى عن الطلاب صفة كونهم مواطنين يستهلكون رسائله الإعلامية عبر وسائل الإعلام ثم يتفاعلون معها على قنوات الاتصال المباشر، والأدل على ذلك أن طلاب كلية الإعلام أقاموا معرضاً فى مدخل الكلية يحوى المنتج الإعلامى للدكتور سامى عبدالعزيز. كيف نفهم استقبال كلية الإعلام الدكتور على الدين هلال، المبشر بالديكتاتورية والمعتدى على أدبيات العلوم السياسية التى ظل يدرسها عقوداً، والذى رأى سعى الحزب الوطنى لضرب الأحزاب وإعاقتها بل وتفجيرها من الداخل، ومع ذلك بارك هذا التوجه؟ ماذا نقول فى استقبال كلية الإعلام الدكتور على الدين هلال الذى صادر تداول السلطة كإحدى علامات المجتمع الديمقراطى؟ أين هو الآن لكى يفسر لنا نظريته القائلة بديمقراطية تخلو من تبادل السلطة؟ سادساً: سيدى الوزير، إذا كانت وزارة التعليم العالى عاجزة عن حل مشكلة كلية الإعلام.. فأين نذهب؟ هل هناك وزارة أخرى مسؤولة عنا؟ وماذا عسى الوزارة أن تفعل فى بقية مشكلات التعليم العالى التى تنتظر إصلاحاً؟ سيدى الوزير، إن حل مشكلة كلية الإعلام ليس فى ترقيع مجلس الكلية وتطعيمه بأعضاء جدد على غرار طريقة التجديد النصفى لمجلس الشورى المنحل. ولماذا لم توضع هذه الأسماء الجديدة، إذا كانت تستحق، منذ بداية العام فى هذه القائمة، أم أنه بحث عن مؤيدين جدد؟! إن الحل لا يكمن فى إسناد إدارة قسم العلاقات العامة والإعلان إلى وكيل الكلية أو سواه، ولكن الحل الذى أطرحه على سيادتكم حتى تستريح إدارة الجامعة أن تصدروا قراراً بإقالتنا جميعاً من مناصبنا وتسليم كلية الإعلام إلى د. سامى ليتولاها من بابه ويوجه محاضراته لطلابه عبر الدائرة التليفزيونية استفادة من تكنولوجيا الإعلام. وأختم كلمتى بجزء من الآية القرآنية «يوم ندعو كل أناس بإمامهم» (الإسراء: 71). لأقول لكم إنكم إمامنا ورائدنا فى مسيرة التعليم العالى فى مصر الثورة، وسينادينا رب العزة يوم القيامة منتسبين لك، فماذا أنتم فاعلون؟ *أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة القاهرة