استعصت مشكلة كلية الإعلام جامعة القاهرة علي الحل وباتت أعقد من مشكلة إسقاط النظام الفاسد بكل رموزه، وغداً الدكتور عمرو عزت سلامة، وزير التعليم العالي، غير قادر علي إيجاد الحل الملائم لها إلا بإطلاق تصريحات إعلامية تفيد بأن د. سامي عبدالعزيز حصل علي إجازة مرضية ثم يخرج الطرف الآخر للتكذيب! ثم يخرج علينا السيد الوزير عبر استضافة علي قناة الحياة ليؤكد قبل أكثر من عشرة أيام أن مشكلة كلية الإعلام ستحل قريباً، وأستأذن السيد الوزير في أن أضع بين يدي سيادته عدة نقاط جديرة بالملاحظة: أولاً: سيدي الوزير إنك وزير الثورة ومبعوثها لإصلاح منظومة التعليم العالي وتهيئتها لعصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011، لكني أري أن سيادتكم تسيرون علي النهج ذاته الذي سارت عليه حكومات الحزب الوطني من إطلاق التصريحات التي تفتقد المصداقية، وإذا كنتم غير متأكدين من دقة ما تقدمونه لوسائل الإعلام! فلماذا تطلقون هذه التصريحات؟ وأين مصداقيتكم لدي المجتمع العلمي؟ ثانياً: سيدي الوزير: ماذا عساكم أن تقولوا لمسئولين عاجزين عن مباشرة أعمالهم، وعن أساتذة ليسوا قادرين علي الالتقاء بطلابهم؟ وما رأيكم في رؤساء جامعات وعمداء كليات يدخلون ويخرجون خلسة حتي لا يراهم أحد؟ وإلي من يوجه اللوم.. إلي من ثاروا ضدهم وأرادوا أن يطهروا الجامعات من فسادهم؟ أم يوجه اللوم إلي من يمارسون سياسة الأرض المحروقة ويعلنون علي الملأ: أنا ومن بعدي الطوفان، إما أنا أو الفوضي. ثالثاً: سيادة الوزير: عن أي استقلالية تتحدثون؟ وقد اتخذ الفساد مرتعاً خصباً في الجامعات لعقود: تارة تحت راية جيل المستقبل، وتارة أخري تحت مظلة أمن الدولة، وتارة ثالثة في ظل إقامة دولة اللاقانون، التي غابت عنها معايير الجودة والكفاءة والأقدمية وراجت فيها المحسوبية والمجاملة والقرابة من صناع القرار، ولا تنس منح الدكتوراه الفخرية لسيدة مصر الأولي.. ومن جامعة القاهرة!! وأفراد عائلاتها جميعاً الآن وراء القضبان!! سيادة الوزير: عن أي قانون تتحدثون؟ إن كل الجرائم ارتكبت تحت سمع القانون وبصره! سرقت المليارات والقائم قائم يجرّم السرقة، ومواد الدستور طالها العبث في ظل وجود القانون! وقتل المتظاهرون والقانون يبيح التظاهر، حتي داخل الجامعات التي تعد مسئولاً عنها سرقت المناصب وصودرت الأقدميات، أخبرني يا سيدي عن القانون الذي يعين مسئولاً عنها سرقت المناصب وصدرت الأقدميات، أخبرني يا سيدي عن القانون الذي يعين مسئولاً في منصب جامعي رفيع المستوي، ثم لا ينسي القانون ذاته أن يعين أخاه وزيراً، وحتي لا يغضب الثالث تم تعيينه، مستشاراً ثقافياً يا سيادة الوزير. سيدي: ما تقولون في مسئول يشغل ست وظائف في آن واحد؟! أي قانون أتي به إلا أن يكون قانون فاسداً. إنه قانون فاسد وضع جينات التفوق في أعضاء الحزب الوطني وهو تعبير عن عنصرية بغيضة أسقتها ثورة 25 يناير 2011. رابعاً: إن الأولي بأقطاب الحزب الوطني ورموزه وقياداته أن يتواروا خجلاً، ولعل متابعة أحداث محاكماتهم تدل علي أنه ما كان بينهم رجل رشيد؟ إلا هذا الرشيد الهارب من العدالة.. فعن ماذا يتحدثون وبأي قانون يتمسكون. سيدي الوزير: إن زملاء د. سامي عبدالعزيز في حزبهم الفاسد كلهم وراء القضبان.. ماذا فعل سيادته وقد رآهم رأي العين يزورون وللأراضي ينهبون وللأموال يهربون! وللخداع يمارسون، ومع ذلك لم ينكر عليهم؟ خامساً: سيدي الوزير: ذهب د. سامي في دفاعه عن ذاته إلي أنه لم يضبط داخل الجامعة مسوقاً لفكر الحزب الوطني ونسي سيادته أنه نفي عن الطلاب صفة كونهم مواطنين يستهلكون رسائله الإعلامية عبر وسائل الإعلام ثم يتفاعلون معها علي قنوات الاتصال المباشر، ولأدل علي ذلك أن طلاب كلية الإعلام أقاموا معرضاً في مدخل الكلية يحوي المنتج الإعلامي للدكتور سامي عبدالعزيز. ألا يعد استدعاء د. أحمد فتحي سرور، لكلية الإعلام، لإلقاء محاضرة عامة ترويجاً لشخصية حزبية كان لها دورها الواضح في قمع المعارضة وكبت الحريات وتزوير الانتخابات وتعطيل أحكام القضاء وتجسيد فساد الحزب الوطني. كيف نفهم استقبال كلية الإعلام للدكتور علي الدين هلال المبشر بالديكتاتورية والمعتدي علي أدبيات العلوم السياسية التي ظل يدرسها عقوداً والذي رأي سعي الحزب الوطني لضرب الأحزاب وإعاقتها، بل وتفجيرها من الداخل ومع ذلك بارك هذا التوجه؟ ماذا نقول في استقبال كلية الإعلام للدكتور علي الدين هلال الذي صادر تداول السلطة كأحد علامات المجتمع الديمقراطي؟ أين هو الآن لكي يفسر لنا نظريته القائلة بديمقراطية تخلو من تبادل السلطة؟ سادساً: سيدي الوزير: إذا كانت وزارة التعليم العالي عاجزة عن حل مشكلة كلية الإعلام: فأين نذهب؟ هل هناك وزارة أخري مسئولة عنا؟ وماذا عسي الوزارة أن تفعل في بقية مشكلات التعليم العالي التي تنتظر إصلاحاً؟ سيدي الوزير: إن حل مشكلة كلية الإعلام ليس في ترقيع مجلس الكلية وتطعيمه بأعضاء جدد علي غرار طريقة التجديد النصفي لمجلس الشوري المنحل. ولماذا لم توضع هذه الأسماء الجديدة إذا كانت تستحق منذ بداية العام في هذه القائمة؟ أم أنه بحث عن مؤيدين جدد!! إن الحل لا يكمن في إسناد إدارة قسم العلاقات العامة والإعلان إلي وكيل الكلية أو سواه، ولكن الحل الذي أطرحه علي سيادتكم حتي تستريح إدارة الجامعة أن تصدروا قراراً بإقالتنا جميعاً من مناصبنا وتسليم كلية الإعلام إلي د. سامي ليتولاها من بابه ويوجه محاضراته لطلابه الذين لا يستطيع أن يواجههم عبر الدائرة التليفزيونية استفادة من تكنولوجيا الإعلام. وأختم كلمتي بجزء من الآية القرآنية »يوم ندعو كل أناس بإمامهم« (الإسراء 71). لأقول لكم إنكم إمامنا ورائدنا في مسيرة التعليم العالي في مصر الثورة، وسينادينا رب العزة يوم القيامة منتسبين.. لك فماذا أنتم فاعلون؟ *أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة القاهرة