بقلم: ياسر الدرشابي يبدو إننا لم نستوعب بعد ماحدث و لا نعي ما حققناه من إنجازات لم يحققها شعبٌ أعزل في مثل هذه المدة علي مر التاريخ. يبدو أن العالم كله يعي و يفتخر بالثورة العظيمة التي قام بها المصريون إلا المصريين أنفسهم. ما أغربنا من شعب يستكثر علي نفسه الفخر و الفرحة و يبحث بكل جهد عن الهم و الغم و القلق. نترك كل ما حققته الثورة من إنجازات و نبحث عن أخبار المسئولين الفاسدين في محبسهم، نترك الدرس الذي علمناه للعالم و نتحدث عن المساجين ، ماذا يأكلون و ماذا يشربون ، نغلق السمع عن نداءات التوعية و العمل و نفتح آذاننا للأخبار التي تريدنا الثورة المضادة أن نرددها و ننشغل بها فتُنغص علينا حياتنا و تحبسنا في سجن أخر من القلق و الحزن. تناولت مثلاً إحدي المواقع الإلكترونية خبر إن مبارك وصله و هو في المستشفي 126 بوكيه ورد. و لا أعلم ما هو الهدف الحقيقي وراء نشر هذا الخبر. فهل رقم 126 هو رقم كبير فيشُد إنتباه القراء أم إنه رقم صغير و محدود فيُضيف للقارئ معلومة عدم تتعاطف الناس مع مبارك ؟ و في إعتقادي إن إستلام 126 بوكيه ورد هو خبر مُهين جداً للمخلوع فلو كان نصف خَدم مبارك فقط أرسلوا له الورود لكان تسلم ألاف البوكيهات. و علي كل حال فليس من الجديد أن نعرف أن لا يوجد أحداً من الناس الطبيعيين يتقبل أو يتعاطف مع المخلوع. فمثلاً لم نسمع بشخص واحد أرسل الورود لمبارك عندما أجري عملية جراحية في العام الماضي و لم نسمع إن أحداً من الشعب خرج لإستقباله في المطار عندما عاد للوطن. هل يمكن ل126 باقة ورد أن تُنسينا ما طالما شَعرنا به من إستياء و قَرف دام ثلاثون عاماً حتي خاطب أحد الكتاب مبارك قائلا ً "أشعر إني أريد أن أتقيأك" ؟ و هل مثل هذا العدد المحدود من البوكيهات يمكنه أن يمحي مشهد ملايين الأحذية التي رُفعت في ميدان التحرير كلما تحدث المخلوع إلي الشعب الذي إحتشد ليخلعه ؟ أيها الناس لقد فمنا بثورة أطاحت بنظام فاسد و زَجت برمته في ظلمات السجون، فيجب علينا ألا ننشغل عن هذا بأخبار و أحاديث تافهه تُلهينا عما يجب علينا من عمل لبناء الوطن و تَحول بيننا و بين ما يجب علي كل مصرى أن يشعر به من فخر و فرحة و كرامة.