«على».. حكاية من داخل مملكة «تجار الموت» بفيصل

قطع صراخه سكون الليل بشارع مسجد المغفرة ب«فيصل»، هرول عصام فؤاد، صاحب محل الأدوات الكهربائية، ناحية مصدر الصوت، وانتبه لأول وهلة إلى شاب يقفز من الطابق الثالث لعقار ملاصق لمحله، وتبعت ذلك أصوات متداخلة لثلاثة أشخاص يقنطون الشقة: «امسك حرامى».
للوهلة الأولى تصور «عصام» أن الشاب «على.إ»، أحد اللصوص الذين تسلقوا العقار للهروب من الشقة، لكنه فوجئ بعد ذلك بأن قاطنى الشقة التى قفز منها «تجار موت»، سماسرة أعضاء بشرية.
يحكى «عصام» أن الشاب «على» بكى له بحرقة، وأكد أنه تم احتجازه داخل الشقة السكنية التى قفز منها طيلة 8 أيام، مكتوف اليدين والقدمين.
ويضيف ل«المصرى اليوم»: «(على) من مركز منفلوط بمحافظة أسيوط، وفور نزوله من محطة القطار بميدان رمسيس التقاه كل من: (رضا على، ومحمد عصام، وأحمد شوقى)، عندما كان بائسًا ويجلس على أحد الأرصفة، فسألوه عن وجهته فأكد لهم أن يسعى إلى فرصة عمل بالقاهرة، فأشاروا له إلى وجود فرصته لديهم، فهرول معهم إلى شقتهم بمنطقة فيصل».
ويتابع: «بعد كشف الأمر، تمكنت والجيران من ضبطهم، ووجود (محمد)، ولاذا شخصان بالفرار، وأبلغنا قوات مباحث قسم شرطة الهرم بالواقعة فى غضون الساعة 1.5 صباحًا، فحضرت قوة من القسم الساعة 5 فجرًا».
العقار الذى يقطنه سماسرة الأعضاء البشرية مكون من 11 طابقًا، جميعها دون سكان، فيما عدا شقة المتهمين «رضا، محمد، وأحمد»، والعقار يمتلكه شقيقان، والشقة اشتروها بموجب عقد تمليك، وأجروها للمتهمين منذ نحو شهرين، حسبما أكد الأهالى.
ويحكى محمد اللمبى، عامل، وأحد الذين شاركوا فى ضبط سماسرة الأعضاء البشرية، أن «رضا» اعترف لهم بقيامهم باحتجاز الضحية «على»، وكانوا ينوون تخديره واصطحابه إلى شقة أخرى تعد كمستشفى لإجراء عملية استئصال لكلى الضحية، وإعطاءه مبلغ 15 ألف جنيه، مشيرًا إلى أنه بتفتيش المتهمين عثر معهم على مبلغ 600 جنيه فقط.
«قاطنو هذه الشقة كانوا يقفون هنا على النواصى وتحديدًا أمام شارع مصنع المكرونة، لجذب الضحايا، ونشتبه بهم فى اختطاف الأطفال».. هذا ما أكده محيى الشافعى، صاحب محل حلاقة بالمنطقة، مضيفاً: «منهم لله أصحاب العقارات حولوا المنطقة لوكر للخارجين على القانون، حتى إن استئجار الشقق أصبح دون أخذ صور من بطاقات الهوية».
مفاجأة أخرى كشفتها تحقيقات نيابة الهرم، بإشراف المستشار ياسر التلاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، تفيد بأن المتهم «رضا» كان أحد ضحايا شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية، حيث استأصل إحدى كليته وحصل على مبلغ 50 ألف جنيه، وأرسل جزءا منها إلى والدته بمحافظة الشرقية، لإجرائها عملية جراحية. وتبينّ من خلال تحقيقات شريف رشاد، وكيل النائب العام، أن المتهمين ال3 كونوا وآخرين «مجهولين» شبكة للاتجار فى الأعضاء البشرية بعد جذبهم ضحاياهم، خاصة ذوى الاحتياجات المالية، وطلبت النيابة تحريات أجهزة الأمن للكشف عن هوية باقى عناصر الشبكة، تمهيدًا لضبطهم وإحضارهم.
وواجهت النيابة «على» المجنى عليه بالمتهمين ال3، والذى تعرف عليهم، وقال: «إنه ليست هناك صلة قرابة أو سابق معرفة بينه وبين المتهمين الذين احتجزوه بالشقة بمنطقة فيصل، وهدّدوه بالقتل، بعدما رفض عرضهم بإعطائه 15 ألف جنيه فى مقابل إجرائه عملية جراحية لاستئصال إحدى كليته»، مضيفًا: «بعدما رفضت هذا العرض، قالوا لى إنت مش هتمشى من هنا، لأنك عرفت سرنا، ولازم نأخد كليتك يا إما هنقتلك».
أمرت النيابة بحبس المتهمين ال3 وهم من محافظات «الشرقية، والدقهلية، والقاهرة»، لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق، ووجهت لهم ارتكاب جرائم «التعامل فى أعضاء بشرية بالبيع والشراء، ونقل أعضاء فى غير الأماكن المخصص لها، فضلاً عن تهمة تعريض حياة المجنى عليه للخطر، بينما أمرت بصرف المجنى عليه من سراياها».
وقررت عرض المتهم «رضا» على خبراء مصلحة الطب الشرعى، لبيان إجرائه عملية استئصال لكليته من عدمه.