المزارعون: التجار ساومونا على المحصول بأقل الأسعار

شهر واحد يفصل المزارعين عن غرس شتلات الأرز هذا العام، وهو القرار الذى بات محيراً لكثير منهم بعد توقف الدولة عن تسعيره، وترك الفلاح فريسة لمساومات التجار لشراء المحصول.
«المصرى اليوم» التقت عدداً من مزارعى هذا المحصول الاستراتيجى، الذين أكدوا أن الأرض أصبحت عبئا على المزارع للمرة الأولى، وهو ما يبرر زيادة نسبة التعدى على الأرض الزراعية، ولجوء الفلاح إلى بيع أرضه أو استغلالها فى غير النشاط الزراعى.
يقول محمد عبيدة، أحد المزارعين، إنه مع بداية حصاد الموسم الماضى ترددت أنباء عن أن الدولة ستقوم بشراء الطن وتقدر سعره ب2100 جنيه، وهو ما غمر الكثير من الفلاحين بسعادة كبيرة، رغم أنه زاد 50 جنيهاً فقط عن الموسم السابق، إلا أن فرحتهم لم تكتمل، حيث لم تصدر الدولة تسعيرة الأرز من الأساس، وظل كل فلاح إلى جوار محصوله ينتظر مشترياً، وقتها تهافت التجار على الشراء، لكن بثمن بخس لم يتجاوز 1700 جنيه للأرز العريض، ومن كان يعترض كان التاجر يساومه ويتركه ثم يعود له بعد شهر كوسيلة ضغط لعلم التاجر أنه لا يوجد لدى الفلاح أماكن للتخزين، وبالتالى فإنه مضطر للقبول بأى سعر حتى لا يخسر المحصول.
«خفنا الرز يقعد زى القطن اللى فضل فى البيوت لحد ما جمع علينا الحشرات وفى الآخر الدولة ما أخدتش منه شوال واحد، فاضطرينا نبيع»، هكذا حسم «عبيدة» قرار بيع محصوله من الأرز، لكنه قرر عدم زراعته مرة أخرى إذا لم تعلن الدولة تسعيرته وبسعر يعوض ما يتكبده الفلاح من جهد ونفقات، بما يحقق له هامش ربح مناسب.
ويقول جمال نجم، نقيب الفلاحين بمحافظة الغربية: «لأول مرة يفشل الفلاح فى تحقيق هامش ربح من محصول الأرز، حيث لم تسعره الدولة ولم تضع حداً أدنى لشرائه من الفلاح، ما اضطر المزارعين لبيعه هذا الموسم ب1700 جنيه للطن، وبمجرد استحواذ التجار عليه فكروا فى طريق لتصديره أو بمعنى أدق تهريبه خارج البلاد، وبالفعل عبرت شحنات كبيرة من الأرز، خاصة أجود أنواعه إلى حدود ليبيا والسودان بأسعار وصلت ل6 آلاف للمهرب».
وتطرق «نجم» لأوضاع الفلاح فى ظل تلك السياسة الزراعية غير واضحة الملامح، مؤكداً أنه شخصياً يعانى من تدهور أوضاعه المالية بصورة غير مسبوقة، وأنه لأول مرة فى حياته يفشل فى تحقيق أى هامش ربح من إنتاج محصول الأرز فى العام، بعد أن تركت الدولة سياسة التسعير لاعتبارات الأهواء الشخصية والمصالح، على حد قوله.
وكشف «نجم» عن أن محصول الأرز هذا العام كبد المزارع خسائر كبيرة لم يحقق معها أى هامش ربح، موضحًا أن سعر إيجار الفدان الواحد 7 آلاف جنيه فى العام وفترة زراعة الأرز 6 أشهر، ليصبح الإيجار فى فترة زراعة الأرز هو ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه، كما أن سعر تكلفة زراعة الفدان 3 آلاف جنيه من أسمدة وتقاوى ورى وعمال، لتصبح تكلفة الفدان الواحد سبعة آلاف وخمسمائة جنيه، ومتوسط إنتاج الفدان نحو3 أطنان، أى أن إنتاج الفدان يعادل 5 آلاف و100 جنيه، وهو مبلغ يقل عن تكلفة زراعته، ولهذا قرر عدد من المزارعين عدم زراعته مرة أخرى.
مسلك آخر تعامل به التجار مع الأرز هذا العام وهو تخزين المحصول داخل المضارب للسيطرة على السعر، وبيعه بأسعار مرتفعة فى المواسم المقبلة. وحاول عدد من التجار تبرئة أنفسهم مما تشهده سوق تداول الأرز من ارتفاع فى الأسعار، بدعوى أن كبار التجار فقط هم من قاموا باحتكاره وتهريبه بأسعار وصفوها ب«الخرافية»، بتخطيها 6 آلاف جنيه للطن فى السوق الليبية.
وحمّل مجدى إبراهيم، أحد التجار، الحكومة مسؤولية ما يحدث الآن كونها منعت تصدير الأرز، بما ساهم- على حد تعبيره- فى تدمير الفلاح، بعد أن كانت مصر من أكبر دول العالم فى تصدير الأرز.