إيفرتون «0-»3 مانشستر يونايتد: إعادة اكتشاف «فان جال»

لماذا تضرب عصفور أو إثنين بحجر بينما يمكنك قصف الشجرة ب«البازوكا»؟ هذا ما فعله المدرب الهولندي لويس فان ال لمانشستر يونايتد، الذي بدا وكأنه اكتشف التشكيلة المثالية أخيرًا أثناء رحلته لسحق إيفرتون على ملعب «الجوديسون بارك» بثلاثية للا شيء، في إطار الجولة التاسعة من «البريمييرليج».
الثأر من «التوفيز»، بعد الهزيمة بنفس النتيجة على نفس الملعب الموسم الماضي، عودة «جونز»، «هيريرا»، «روخو» و«شنايدرلين»، تخلص «روني» من عقدة التسجيل في «الجوديسون بارك»، عناوين كبيرة لمباراة السبت، ولكنها ليست المكاسب الوحيدة، حيث استلزم فان جال تسع جولات وزلزال كاسح من أرسنال، في الجولة الماضية، ليدرك الهولندي أن الفلسفة مثلها كأي شيء، إن زادت عن حدها أتت بنتائج عكسية، وأنه لم يعد هناك داعي أو مبرر لإشراك أي لاعب في مركز غير مركزه مع توفر البديل، أو الإبقاء على آخر عاجز عن مساعدة الفريق.
هل يستحق «فان جال» الإشادة أم السخط؟ سؤال سيطرحه كل مشجعي «الشياطين» بعد متابعتهم لأداء فريقهم أمام إيفرتون، أداء شبه مثالي وغلق كامل للثغرات، التي كلفت الفريق تعادل وهزيمتين في الجولات السابقة، كل هذا أتى بحلول بسيطة سهلة ومتاحة كان بإمكان الهولندي توفيرها في المباراة السابقة وتجنب هزيمة مريرة أمام «الجانرز»، هي الأكبر منذ فترة طويلة.
الواقعية ليست دائمًا مملة مضجرة، لذا بدت واقعية «الشياطين» ممتعة في مباراة السبت، تغييرات «فان جال» في التشكيل وطريقة اللعب فاجأت «مارتينيز»، الذي توقع أن يبدأ الهولندي المباراة بتشكيلته المعتادة منذ بداية الموسم، فبنى خطته بأكملها على الثغرة التي يشكلها مثلث الجبهة اليسرى ل«الشياطين»، «بليند، شو/دارميان، شفاينشتايجر»، فدفع بجناحه السريع آرون لينون لإستغلال الشوارع التي تتخلف عن سوء التنسيق المعتاد في تلك الجبهة، ولم يحاول تغيير خطته حتى نهاية المباراة، عندما سحب نفس الجناح وأشرك آخر هو جيرارد ديلوفو «ق73» لنفس الغرض، رغم إن أداء «لينون»، بعد أن نجح «روخو» في إبطال مفعوله، كان كفيلاً بتغيير خطة اللعب.
ولكن جعبة «مارتينيز» لم تكن لتحتو على سهم واحد فقط، سلاحه الأقوى هو تحركات روس باركلي وستيفن نايسميث في الثلث الهجومي، الثنائي يمتلك مفاتيح صناعة اللعب في المقدمة، ويتحكمان في خطة «التوفيز» بشكل كامل، فيحولها أحدهم من «4-5-1» ل«4-4-2» بدخوله للعمق، وأحيانًا ينضم الثنائي لتتحول ل«4-3-3»، بوجود «نايسميث» إلى جانب «لوكاكو» وصعود «باركلي» من خلف ثنائي الهجوم كصانع لعب صريح، ولكن تلك التركيبة لا تنجح إلا إذا امتلك إيفرتون الكرة لوقت كافي في الثلث الأمامي، بشكل يسمح ل«باركلي» و«نايسميث» بالتحرك بشكل يربك دفاعات الخصم، وهو ما حرمهم منه «شنايدرلين»، أحد حسنات الهولندي الكثيرة في تلك المباراة، والذي كلل جهوده بهدف من ركنية «ماتا»، «ق18»، بالإضافة للنمر الألماني «شفاينشتايجر»، الذي يتحسن مردوده تدريجيًا مع اندماجه في اللعب.
كذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الإعداد النفسي لعدد من اللاعبين لم يشارك في مباراة أرسنال، ك«شنايدرلين»، «روخو» و«جونز»، والمذهل في مباراة السبت كان أن كل تغييرات «فان جال» في التشكيل تألقت بشكل ملفت، سيجعل من جلوسهم على مقاعد البدلاء شبه مستحيل، حتى «ديباي»، الذي لم يشارك، كان يسدى صنيعًا لفريقه وخاصة خط الهجوم، الذي عانى من أنانيته المفرطة وميله للمراوغة في كل هجمة، حتى المرتدات منها، وكان «مارسيال» أكثر خطورة في الثلث الأخير، وأشد التزامًا بالمساندة الدفاعية في الثلث الأول، رغم أنه لم يشارك في مركزه المعتاد كقلب هجوم.
«فان جال» أسقط كل العصافير ولكنه احتفظ بالعصفور الأعذب في المباراة، الكاناري أندير هيريرا، والذي غالبًا ما يغيب عن صراعات وسط الملعب، لكنه دائمًا يغرد في الوقت المناسب عندما تنشز إيقاعات هجوم «الشياطين»، لاعب بلباو السابق كان الرجل الثالث في أغلب هجمات الشياطين، يحقق الزيادة العددية في قلب دفاعات «التوفيز»، لتحرز رأسيته الهدف الثاني، «ق22»، ثم يميل قليلًا للطرف مكان «ماتا» ليمنح «روني» تمريرة أخرى تضعه في إنفراد بالحارس ليسجل الهدف الثالث «ق62»، أداء رائع من الإسباني يحجز له مكانًا أساسيًا في تشكيل «الشياطين»، وبشكل عام فإن الرباعي الأمامي «ماتا»، «روني»، «هيريرا» و«مارسيال» سبب العديد من المشاكل لدفاع «التوفيز» بتحركاته الذكية وبحثه الدائم عن المساحات وعمده إلى فتح الملعب على مصراعيه، ليحقق التركيبة الأمثل لأي خط هجوم: تحركات أفقية وتمريرات رأسية، على العكس، كان خط هجوم «التوفيز» فاقدًا للتركيز بفعل الهدفين المباغتين، ولم ينجح حتى في استغلال الفرص التي أتيحت له، رغم سهولتها ووفرتها النسبية.
عودة الهولندي المخضرم لصوابه التكتيكي أبقت على «الشياطين» في سباق المقدمة، بعد أن توقع الجميع تأخرهم أمام فريق إعتاد خلق المشاكل، خاصة في ملعبه، وتقدمهم السريع وأد المباراة في المهد ولم يمنح «مارتينيز» فرصة اكتشاف الخطأ وتعديله، مباراة من زمن «فيرجسون»، الذي كان يعلم كل صغيرة وكبيرة عن فرق «البريمييرليج» وكان يمتلك الحكمة الكافية ليدرك أنه لن يستطيع فرض أسلوبه على الجميع، والتحول الهائل في أسلوب لعب وتشكيل «الشياطين»، قد يدفع الكثيرين للتوقع أن الهولندي قد بدأ يضغي لصوت العقل أخيرًا، وربما هو صوت مجاوره على مقاعد الإدارة والقائد الأسبق للشياطين ريان جيجز، تلميذ «فيرجسون»، الذي قد يحتل مكان الهولندي يومًا ما.