الثوم يحمي الاقتصاد الوطني ب«شكل لا يُصدق» ويكبح جماح «أكبر قتلة العالم»

قبل نحو 2500 عام، قال «أبقراط»، الذي يعتبره البعض الأب المؤسس لعلوم الطب الغربي: «دعونا نجعل الطعام دواء، والدواء طعامًا»، تلك المقولة التي أصبحت نبراسًا للعديد، فالتداوي بالطعام انتشر- ولايزال- بين العديد من الأمم والشعوب، فالحكمة الراسخة في الأذهان تقول إن المعدة هي بيت الداء، فهل للثوم؛ على سبيل المثال، دور فعال في المداواة؟
يُستخدم الثوم منذ قديم الأزل لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الطبية، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا ببضع نباتات أخرى، مثل البصل والكُراث، وقد ساهمت إمكانية زراعته في كثير من أنحاء العالم في انتشاره، وإذكاء شعبيته في الطبخ، بسبب رائحته القوية وطعمه الحريف، وهناك العديد من الأدلة الموثقة التي تؤكد استخدامه من قِبَل جميع الحضارات الكبرى تقريبًا، بما في ذلك المصريون القدماء والبابليون والإغريق والرومان والصينيون، وقد أكد العلم الحديث أن لذلك النبات العشبي ثنائي الحول- الذي تحتل مصر المرتبة الرابعة في زراعته على مستوي العالم، حسب إحصائية نشرتها منظمة الأغذية والزراعة عام 2010- تأثيرات صحية مُفيدة.
وتحتوى كل أوقية- 28 جراما- من الثوم على 23% من المنجنيز، و17% من فيتامين ب6، و15% من فيتامين سي، و6% من السيلينيوم، علاوة على كميات ضئيلة من المواد الغذائية الأخري، وبالتالى، فإن كمية السعرات الحرارية في الثوم منخفضة للغاية، الأمر الذي يجعله مثاليا في الأنظمة الغذائية للراغبين في فقد الوزن.
ويحتوي الثوم على «الأليسين»، وهو المُركب الذي يُعطى للثوم رائحته المميزة، ولتلك المادة مجموعة من الخصائص الطبية الفعالة، فعند تناول الثوم، يدخل الأليسين الجسم عن طريق الجهاز الهضمي، ويسافر عبره إلى كل الأنحاء، ممارسًا تأثيرات بيولوجية قوية.
ووجدت دراسة علمية نُفذت في 12 أسبوعًا على متطوعين، ونُشرت في موقع «سُلطة التغذية»، أن للثوم تأثيرًا كبيرًا على تعزيز وظائف الجهاز المناعي، وتخفيض الإصابة بنزلات البرد بنسبة 63% لدى أشخاص أُعطوا مكملات غذائية تحتوى على الثوم مُقارنة بآخرين تناولوا دواءً وهميًا ليست له أي فاعلية.
ووجدت دراسة أخرى، نشرها المركز القومي الأمريكي لدراسات التكنولوجيا البيولوجية، أن الجرعات العالية- 2.56 جرام يوميًا- من مستخلص الثوم يمكنها أن تقلل عدد أيام الإجازات المرضية بنسبة 61%، وهو ما يعني حماية مفيدة بشكل «لا يُصدق» للاقتصاد، إذ يرفع أيام العمل الفعلية، ما يساهم في زيادة الإنتاج.
والمركبات النشطة في الثوم يُمكنها خفض ضغط الدم، ونسبة الكوليسترول، وإذابة الدهون الثلاثية الضارة، حسب دراسة نفذها «شاكر هيوان»، الباحث بجامعة دلهي الهندية، وجاء في الدراسة أن ذلك النبات له قدرة على خفض النوبات القلبية والسكتات الدماغية، بشرط تناول جرعات تُعادل نحو 4 فصوص يوميًا، وهو ما يجعل الثوم كابحًا لجماح أكبر القتلة في العالم.
ويُمكن للثوم احتواء الضرر التأكسدي الذي يُساهم في تسريع الشيخوخة، إذ يحتوى على مضادات الأكسدة، التي تدعم آليات حماية الجسم من التلف التأكسدي، وتُساهم في زيادة الإنزيمات المضادة لها، وقد قالت دراسة علمية نُشرت في موقع «ساينس دايلي» إن تلك الآثار مجتمعة يُمكنها المساعدة في الحد من أمراض الدماغ الشائعة مثل ألزهايمر والخرف.
ولا تقتصر فوائد الثوم على كبار السن والمرضي فقط، فقد أثبتت الدراسات العلمية قدرات الثوم على الحد من التعب الجسدي، وتعزيز الأداء البدني، وبالتالى، يصلح تناوله للرياضيين، فقد وجد تسعة من أصل عشرة من راكبي الدراجات تأثيرًا إيجابيًا على قدراتهم البدنية، عقب تناول مُكملات غذائية مصنوعة من الثوم.
وتساهم الجرعات المنتظمة من الثوم في حماية الجسم من خطورة وسمية المعادن الثقيلة، وقد وجدت دراسة نُفذت على عاملين في مصنع لبطاريات السيارات- وهم أشخاص يتعرضون بحكم عملهم إلى مستويات مرتفعة من معدن الرصاص- أن مستويات الرصاص في دمائهم انخفضت بنسبة 19%، بعد تناولهم الثوم، كما قل العديد من العلامات السريرية للسمية، بما في ذلك الصداع وضغط الدم.
حتى الآن، لم يتم عمل تجارب على أثر الثوم على العظام عند الإنسان، إلا أن العلماء لاحظوا أن مستخلصات الثوم المُعطاة لفئران التجارب تحسن من عظامهم، وهو ما قد يعنى أن للثوم تأثيرات إيجابية على هشاشة العظام.