بسببه عاتب الله من فوق سبع سماوات أعظم من خلق، نبيه المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام، حيث بعث إليه بالوحي يتلو عليه من سورة عبس «عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى». وبالرغم من أن أصحاب السير يعرفون اسمه أمه «عاتكة» وكنيتها «أم مكتوم» وهي الكنية التي كان يعرف بها، ويعرفون أنه أسلم بمكة وقدم من المدينة مغادرًا بعد غزوة بدر، إلا أنهم يختلفون حول صحة اسمه إذ يسميه البعض «عمرو» بينما يسميه آخرون ب«عبد الله». وفقد ابن أم مكتوم بصره وهو صغير ولكنه تميز بصوته العذب ما جعله ثاني مؤذني الرسول بعد بلال بن رباح، وكان هو وبلال يتعاقبان الأذان عند السحور في رمضان فيؤذن أحدهما ليتسحر المسلمون ثم يؤذن الآخر ليمسكوا عن الطعام والشراب، وكان ابن أم مكتوم يتوقع حلول الفجر فلا يخطئه ببصيرته الملهمة. ونزل القرآن معاتبًا رسول الله فيه بعدما كان الرسول جالسًا مع رجال من قريش فيهم عتبة بن ربيعة وناس من وجوه قريش والرسول يرغبهم في الإسلام فجاءه ابن أم مكتوم والرسول منشغل بهم فسأله عن شيء فأعرض عنه وظهر عليه بعض الضيق رغم أن ابن أم مكتوم لم يلحظه لأنه أعمى فنزل القرآن يقول «عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة». وبعد هذا العتاب دعا الرسول ابن أم مكتوم وأكرمه واستخلفه على المدينة مرتين ليؤكد الإسلام أنه تشريع سماوي لن يبلغ في عنايته بحقوق الإنسان أي تشريع سماوي أو وضعي آخر.
