بين ثقافة الماضى وسخافة الحاضر

لم يعد مفهوم الثقافة فى بلدنا هو ذلك المفهوم الذى تربى عليه جيل بأكمله من كبار أدبائنا ومفكرينا المعاصرين المستنيرين.. حيث كانوا يستمدون ويستلهمون أفكارهم الخاصة بأعمالهم الأدبية والإبداعية بما لا يتعارض مع معتقدات المجتمع وتقاليده وأعرافه.. أما فى وقتنا الحاضر فقد ظهر نوع جديد من الثقافة أستطيع أن أطلق عليه «الثقافة التجارية» التى لا يراعى فيها سوى الربح المادى وفقط دون أدنى اهتمام بآثارها السلبية وأعراضها الجانبية على المجتمع وعلى تشكيل الذوق العام.. ومما يدعو للحزن والأسى تلك المسميات التى تطلق على بعض الأعمال التى تنسب إلى الفن والأدب.. فالإسفاف والابتذال أصبح يطلق عليه فن راقٍ.. والإباحية والعُرى يطلق عليه عملا جريئا.. والتطاول على الأديان والمعتقدات يسمى حرية رأى وفكر.. وتشويه وتزييف التاريخ يوصف بالإبداع.. وهكذا تحول مفهوم الثقافة إلى سخافة فى معظم الأعمال المحسوبة على الفن والأدب سواء التى تنشر فى الكتب والصحف أو تلك التى تعرض على شاشة التليفزيون وخاصة ًمع انتشار القنوات الفضائية فى عصر السماوات المفتوحة علينا ليل نهار.. الأمر الذى بات يهدد قيم المجتمع وتقاليده وثوابته.. فانحدرت الأخلاق وتدنت الأذواق وكثر الفساق! ومن هنا أتساءل.. أما آن الاّوان للقائمين على الثقافة فى بلدنا للتصدى لتلك الأعمال التى تحسب على أنها جزء من ثقافة المجتمع المصرى وهو برىء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب؟!.. فيا من تخط سطراً أو تنقش رسماً اعلم بأن ضميرك هو رقيبك واعلم بأن التاريخ لا يذكر دائماً إلا العظماء ويُسقط من حساباته السفهاء.. فعليك أن تختار إلى أى فريق تحب أن تنضم.. فالأمر بيدك وحدك!.. وكما قال الشاعر: «وما من كاتبٍ إلا سيُبلى.. ويُبقى الدهر ما كتبت يداه.. فلا تكتب بخطك غير شىء.. يسُرك فى القيامةِ أن تراه»!
محمد مسعد حراز
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة