«معاون الأمن».. مهنة المجهول

أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء الإثنين، قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم «109 لسنة 1971» لاستحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة بمسمى «معاون أمن» يتمتع بصفة الضبطية القضائية.
ويستهدف القرار تعيين شباب في الفئة العمرية بين 19 و23 عامًا، وذلك من حملة الشهادة الإعدادية من أصحاب القدرات الصحية والنفسية والرياضية، المؤهِلة لعمل رجل الشرطة، على أن يخضعوا للتأهيل «وفقًا لأسس ومعايير خاصة»، حسبما أفاد السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.
وأوضح متحدث «الرئاسة» أنه بموجب القرار سيسري على معاوني الأمن القواعد نفسها الخاصة بأفراد هيئة الشرطة، عدا بعض القواعد، ومن بينها قواعد الترقي ومدة الدراسة والتأهيل ومدة الترقية.
وأثار القرار الرئاسي جدلاً بين فريقين أحدهما اعتبره تطور عن فكرة المجند الأمي، والآخر اعتبره «كارثة ستدفع وزارة الداخلية ثمنها، بسبب منح صلاحيات لأشخاص ذوي تعليم محدود»، فيما أثار الأمر رفض وسخرية عدد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي.
قرار «كارثي»
وأعرب المحامي محمد زارع، مدير الشبكة العربية للإصلاح الجنائي، عن رفضه للقرار «الذي سيمنح لأشخاص محدودي التعليم صلاحيات واسعة كانت في السابق تخص ضباط ووكلاء نيابة ومأموري الضبط القضائي فقط، مما قد يكون سببًا لعدم تعاون المواطنين ويؤدي لتأثير عكسي، فبدلاً من أن يحقق القرار عودة الأمن والنظام، يخلق مشكلات، في ظل شكوك في التزامهم بالقانون طول الوقت».
وقال ل«المصري اليوم»، إن القرار «خطأ ستدفع الداخلية ثمنه»، موضحًا أنه حتى وإن كان الهدف منه هو وجود عيون في كل مكان لرصد أعمال العنف والإرهاب والتخريب «إلا أنه سيخلق أشخاص لديهم نفوذ وصلاحيات واسعة جدًا أكبر بكثير من إمكانيتهم التعليمية والمعرفية».
وأضاف «لو كانت وزارة الداخلية في حاجة إلى عدد عاملين أكبر، فمن الممكن قبول دفعات إضافية لضباط أو أمناء الشرطة، أو حتى تستعين بهذه الفئة التي قصدها القرار، كمخبرين أو مرشدين، ودون منحها الصلاحيات الواسعة التي قد تسبب كارثة يومية في الشارع لوزارة الداخلية نفسها قبل أي جهة أخرى، لأن أي اعتداء أو تجاوز من معاون الأمن سيعمم على الوزارة ككل، وبالمثل أي اعتداء عليه».
واعتبر «زارع» منح صفة الضبطية القضائية لمعاوني الأمن «كارثة، وإهانة»، وذكّر بما كان من شكاوى في فترة سابقة من تجاوزات بعض أمناء الشرطة دون أن يكون لهم صفة الضبطية القضائية»، معقبّا «واليوم نأتي بمن هو أقل تعليمًا ودراية من أمين الشرطة ونمنحه صلاحيات واسعة وضبطية قضائية، مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية بين المتقدمين للمهنة، وكذلك الوضع المادي الذي غالبًا ما سيكون سيئًا».
وحذر مدير «الشبكة العربية للإصلاح الجنائي» من خطورة في حالة عملهم بملابس مدنية، قائلاً «بعض الخارجين عن القانون ينتحلون صفة الشرطيين ويرتدون الزي الرسمي، لإرهاب المواطنين وتفتيشهم وتحصيل رشاوى، فكيف بنا بعد وجود فئة شُرطية بملابس مدنية».
واختتم «زارع» بالمطالبة بالعدول عن قرار منح صفة الضبطية القضائية لهذه الفئة، قائلاً «يمكن أن يعمل هؤلاء الأفراد تبع (الداخلية)، لكن يأتمروا بأوامر الضباط، فلا يجوز أن نمنح الضبطية لمواطن بسيط، خاصة وأننا لسنا في فترة طوارئ».
«تطور وخطوة للأمام»
في المقابل، رحب اللواء فؤاد علاّم، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، بالقرار ووصفه بأنه «خطوة للأمام»، قائلاً «كنت أطالب منذ أكثر من 10 سنوات، بأن يصبح أفراد الأمن من حملة الشهادات العليا، وليس الإعدادية فقط، مضيفًا «القرار بمثابة تطوير، فهذا أفضل من المجند الأمي الذي لا يمكنه القراءة أو الكتابة».
وأضاف «لاشك أن هذه خطوة للأمام، وأتمنى أن يستمر التطوير، وتُدرَس فكرة أن يكونوا من حملة الشهادات العليا، ليكونوا أكثر قدرة على استيعاب الخطط الأمنية والتدريب واستخدام التكنولوجيا الجديدة، والتعامل مع الأمور بطريقة أفضل من أن يكون المجند دون المستوى الثقافي والاجتماعي».
ونفى «علاّم» ل«المصري اليوم»، المخاوف المتعلقة بمنح صفة الضبطية القضائية لمعاوني الأمن، على الرغم من «محدودية تعليمهم»، بقوله «الضبطية القضائية، هدفها في هذه الحالة تقنين الإجراءات التي يتخذها رجل الشرطة، وللعلم هي أمر يزاوله حتى المواطن العادي بصورة عفوية، في حال رؤيته لشخص يرتكب جريمة».
وأضاف «الضبطية ليست مدعاة للخوف، فمن يريد التجاوز أو الخروج عن القانون لا يحتاج ضبطية، وفي النهاية كل هذه الإجراءات القانونية تتحكم فيها النيابة العامة وتراجع أي تجاوزات».
«زيادة نفقات»
في السياق نفسه، أثار القرار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعية، ومنها «تويتر»، الذي أعرب أغلب المعلقين على القرار من خلاله عن قلقهم ورفضهم للمهنة الجديدة، بسبب المؤهل الدراسي، كان من بينهم أحمد نهاد، الذي كتب «قرار جمهوري باستحداث وظيفة (معاون أمن) وتعيينهم من حملة الإعدادية. كنتوا زعلانين من أبو50%.. أهو جبلكوا اللي مبيعرفوش يقروا»، وقال صاحب حساب يحمل اسم «ألفا» إن القرار سيؤدي إلى «زيادة في النفقات الحكومية».
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة