تشويه الفرعون الذهبى

نشرت صحيفة Daily Mail تحقيقاً صحفياً الأسبوع الماضى عن الملك توت عنخ أمون فيه تشويه كامل لشكل وهيئة هذا الفرعون؛ الذى لا تزال كنوزه ومقبرته تبهر العالم. قد نال التشويه أيضا تاريخ الملك وتاريخ أسرته العريقة. فى البداية صدمت الصورة ثلاثية الأبعاد للملك توت عنخ أمون - التى نشرت مع تحقيق الصحيفة- الجميع؛ وذلك لكونها لا تمت من قريب أو بعيد بصلة لفرعون مصرى من فراعنة الأسرة الثامنة عشرة، والتى حكمت العالم القديم كله وليس مصر فقط؟! وتصور الصورة المنشورة شحاذاً فرنسياً مليئا بالتشوهات الجسمانية، فالوجه قام بتخيله فرنسيون متخصصون فى إعادة بناء الملامح باستخدام برامج كمبيوتر خاصة، وليس بناء على علم تشريح أو دراسة لملامح وجه المومياء. لذلك ليس من الغريب أن تأتى الملامح فرنسية وليست مصرية. وواضح بالطبع الفرق الكبير بين ملامح مومياء الملك والملامح التى تخيلها الفرنسيون لوجه الملك توت عنخ آمون. ولا علاقة للعلم بما صورته الجريدة المذكورة من شكل الملك توت عنخ آمون.
قالت الصحيفة إن الملك توت كان له أرداف تحمل المظاهر الأنثوية! وبالتأكيد لا يستند هذا الكلام على أى دليل علمى للأسباب التالية:
أولا: تم دراسة المومياء بصورة علمية وباستخدام أشعة X والأشعة المقطعية فى أربع دراسات علمية فى 1925، 1968، 1978، وأخيراً فى 2005. ولم تشر كل هذه الدراسات إلى أى شىء غير عادى فى منطقة الأرداف. فكيف لهذا الفريق التليفزيونى الذى لم يجر أى دراسات علمية أو حتى يلمس المومياء أن يخرج علينا بنتائج مثل هذه؟ بالطبع الغرض المطلوب هو تشويه صورة فرعون مصرى يعرفه الصغير قبل الكبير فى العالم كله.
ثانياً: الإصرار على التركيز على منطقة الأرداف لجذب الأنظار الى تماثيل الملك أخناتون أبوالملك توت عنخ آمون والتى تصوره بأرداف أنثوية.. لقد غاب عنهم أن هذه التماثيل هى تعبير مادى لأنشودة أتون التى يقول فيها أخناتون واصفاً أتون بأنه الذكر والأنثى الذى أوجد نفسه بنفسه. وبالتالى لم تكن هذه التماثيل والصور المنحوتة تعبر عن حقيقة الهيئة الجسمانية لأخناتون. والدليل على هذا الكلام أن دراسة الهيكل العظمى لأخناتون يثبت كونه لذكر لا يحمل أى مظاهر أنثوية.
لقد أثبتت الدراسات التى قام بها الفريق المصرى على مومياء الملك توت عنخ آمون أن الملك كان بصفة عامة فى صحة جيدة على الرغم من معاناته من تسطح القدم اليسرى، بالإضافة الى مشاكل فى وصول الدم إلى أصابع القدم اليسرى. ولكن هذا لا يعنى أنه كان شاباً ضعيفاً أو قعيداً، حيث توجد الأدلة الأثرية التى تثبت أنه تربى وأقام فى العاصمة الإدارية لمصر وهى مدينة منف، وكانت له استراحة للصيد بجوار معبد الوادى للملك خفرع؛ حيث كانت المنطقة الممتدة من الجيزة إلى سقارة تسمى وادى الغزال؛ وكانت من المناطق الغنية بالحيوانات الصحراوية. يرى الملك فى العديد من المناظر المصورة على المقاصير الذهبية وبعض الصناديق الخشبية وكذلك مقابض المراوح المذهبة الملك توت وهو يرمى السهام سواء وهو جالس أو واقف بعربته الحربية؛ وكذلك كشف عن مناظر بديعة للملك توت من منف تظهره كملك مولع برمى السهام؛ وقمع الأعداء.
للأسف نشرت الصحيفة المذكورة هذه المعلومات المشوهة والكاذبة عن فرعون مصر الذهبى، مع الإشارة إلى أنه سيتم عرض فيلم عن الملك على الbbc. كثيرون حاولوا من قبل أن يشتهروا على حساب توت عنخ آمون وفشلوا لأن أكاذيبهم سينساها الناس وسيتذكرون فقط بريق قناع توت عنخ آمون الذهبى بالمتحف المصرى والذى لا يوجد له مثيل بالعالم كله.
msalmawy@gmail.com
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة